إن التكافل بين الناس ورعاية المسنين أحد أهم دعائم بناء المجتمعات، التي حرص الإسلام على حمايتها، وجعلها واجبة، وخاصة إذا كان هؤلاء المسنين من ذوي القربى، ما بالك بالوالدين!
خطبة عن بر الوالدين
إن للوالدين عليك حق رعايتهما كرد لجميلهما عليك، وحق البر بهما لمنزلتهما في الكتاب والسنة، فلقد أمرنا الله ورسوله بأن نوفي الوالدين حقهما من الاحترام والبر والرعاية والطاعة، إلا في عصيانه والشرك به، وذلك كما جاء في قوله تعالى: “وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا.”
إن الله تعالى يوصي الإنسان بوالديه بعد وصيته له بالتوحيد وعدم الإشراك بذاته العليا، أنظر أخي الكريم مدى عظمة هذا العمل، وأنظر أيضًأ كيف يمكن أن يغضب الله جلّ وعلا على من يهمل والديه أو يغضبهما، فقد روى أبي هريرة – رضي الله عنه – عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ارتقى المنبر ذات يوم ثم قال: “آمِينَ، آمِينَ، آمِينَ، قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كُنْتَ تَصْنَعُ هَذَا؟ فَقَالَ: قَالَ لِي جِبْرِيلُ: رَغِمَ أَنْفُ عَبْدٍ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا لَمْ يُدْخِلْهُ الْجَنَّةَ ، قُلْتُ : آمِينَ ، ثُمَّ قَالَ : رَغِمَ أَنْفُ عَبْدٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَقُلْتُ : آمِينَ، ثُمَّ قَالَ: رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، فَقُلْتُ: آمِينَ.” – رواه أحمد والطبراني والترمذي وحسنه.
خطبة قصيرة عن بر الوالدين
الأحبة الكرام، إن الله أعلى من شأن برّ الوالدين لتستقيم الحياة، فكما رعياك في صغرك، واهتما لأمرك، وعلماك، وربياك، عليك أن تكون بارًا بهما، لا تغضبهما، وتلتمس رضاهما عليك، وترعاهما عندما يتقدم بهما العمر فلا يكونا قادرين على رعاية نفسيهما. ولقد فضّل رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة مختصرة عن بر الوالدين هذا العمل على الجهاد في سبيل الله حيث قال لرجل سأله: يا رسول الله أردت أن أغزو، وقد جئت أستشيرك، فقال: «هل لك من أم؟» قال: نعم، قال: «فالزمها فإن الجنة عند رجليها». – رواه أحمد والنسائي والحاكم.
إخواني الأفاضل، إن الله يأمر ببر الوالدين حتى إذا كان يوجد من أحدهما تقصيرًا في حقك، وأمر بعدم الإساءة إليهما حتى ولو أمراك بالشرك بالله، فلقد طلب منك في هذه الحالة أن تصاحبهما في الدنيا بالمعروف وأن لا تهجر دينك أو تطعهما فيما فيه شرك أو معصية بالله.
إن من جميل ما وصى الله به في كتابه الحكيم، الأمر بأن لا تتفوه بلفظ يمكن أن يجرح مشاعر والديك، فلا تتأفف أمامهما من مطالبهما أو حاجتهما، وأن تقول لهما قولًا كريمًا على كل الأحوال، حتى ولو لم تستطع أداء ما يريدانه منك، أو شعرت بالتعب أو الغضب.فإذا كنت تبتغي رحمة من الله في الدنيا والآخرة وترجو رضاه عليك وتوفيقه لك، فعليك بمودّة الأقربين ومن أقرب لك من والديك لترجو ببرهما رحمة الخالق وتوفيقه؟
خطبة محفلية عن بر الوالدين
سبحان الله منزّل الكتاب ومجري السحاب، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونستغفره ونسأله العفو والعافية في ديننا ودنيانا، وفي عاقبة أمرنا وصلاة وسلام على خاتم المرسلين والمبعوث رحمة للعالمين، النبي المطهّر، الذي نشأ يتيمًا، وكان كريمًا بارًا رحيمًا، يأمر بالبر والإحسان، ويخص بذلك ذوي القربى، وأقربهم الوالدين.
إن برّ الوالدين من تلك الأعمال الجليلة التي رفعها الله وعظّم من شأنها وجعل جزائها التوفيق في الدنيا وحسن ثواب الآخرة، قال تعالى: “وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا.”
ولقد وصى الرسول الكريم الإنسان بأمه وجعلها أحق الناس بصحبته كما ورد في الحديث الشريف عندما سأله أحد الرجال: من أَحَقُّ الناس بحسن صحابتي؟ فقال صلوات ربي وسلامه عليه: “أمك”، قال: ثم من؟ قال: “أمك”، قال: ثم من؟ قال: “أمك”، قال: ثم من؟ قال: “أبوك”. – متفق عليه
خطبة محفلية قصيرة عن بر الوالدين
الإخوة الكرام، إن الأم تحملك جنينًا في بطنها تسعة أشهر، وتغذّيك من دمائها، وتعاني من الإجهاد والتعب، والاضطرابات الهرمونية العنيفة والتغيرات الجسدية الكبيرة التي تصاحب الحمل، ثم تضعك وليدًأ صغيرًا لا تدري من أمور دنياك شيئًا وتعاني آلام المخاض العسيرة، ثم ترضعك عامين متواليين، فلا تسأم من حملك ورعايتك وتغذيتك، وأنت لا حول لك ولا قوة، ثم تشب فلا تدري بحجم معاناتها من أجلك، ولذلك يذكرك الله بعظم حقها عليك في كتابه وفي سنّة نبيّه لكي تكون إنسانًا محسنًا شاكرًا، وترد شئ من جميلها عليك، وجميل والدك، الذي كان له نصيب من رعايتك وحمايتك وتعليمك مبادئ العيش.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثًا، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وجلس كان متكئًا، فقال: ألا وقول الزور فمازال يكررها حتى قلنا ليته سكت.” – رواه البخاري
القاء خطبة عن بر الوالدين
الأصدقاء الأعزاء، إن أجمل لفظ وأول لفظ يتفوه به الطفل هو أمي وهي أقرب إنسان إلى القلب، وأكثر من يخاف علينا ويحبنا حبًا غير مشروط، فالأمومة من نعم الله علينا، وهي فطرة وضعها الله في الإنسان لتستمر الحياة، فلا يمكن لإنسان أن يقوم بكل هذه التضحيات ويتحمل كل هذا الألم والجهد في سبيل إنسان أخر إلا إذا كان هذا الإنسان قد تكون بداخله، وتغذى من جسده، وأصبح يرتبط معه برابط إنساني رائع لا يمكن فصمه، ألا وهو رابط الأمومة.
كذلك الأب الذي يرعى ويربي ويتحمل المسؤولية، ويعمل جاهدًا على حماية أبناءه ورعايتهم وتعليمهم وتهذيبهم، هو أب يستحق كل محبة وكل احترام. ولا يوجد شئ يمكن للأبناء عمله لرد جميل الوالدين إلا أن يعترفوا بهذا الجميل ويعملوا على إسعاد والديهم بنجاحهم وأدبهم، وبأن يكونوا نموذجًا يحتذى به في الأخلاق والعلم والعمل.
أما ذلك الإنسان الذي يرد الفضل بالسوء، ولا يراعي الله في والديه ويسيء إليهما فقد أنذرنا الرسول عليه الصلاة والسلام من سوء عاقبته، وخيبة مآله حيث قال صلوات ربي وسلامه عليه: “ثلاثة قد حرّم الله تبارك وتعالى عليهم الجنّة؛ مدمن الخمر، والعاق لوالديه، والديوث الذي يقرّ في أهله الخبث.”- رواه الألباني.
والإنسان قد يجاري رفقاء السوء ويستمع إليهم، فيزينون له عقوق والديه، ويقنعوه بأنهما مجرد مسنين لا يعلمان شئ عن مجريات العصر ولا يواكبان التطور، وأنه لا بأس في عصيانهما ولا مانع في الخروج عن طاعتهما، ولكن إذا أردت أن يبارك الله لك، ويوفقك في أمورك، ويرشد أبنائك لبرّك ورعايتك في كبرك، فعليك أن لا تستمع إلى مثل هؤلاء وأن تلتمس رضا الله في رضا والديك، وأن تقدم لهما التقدير والاحترام والتوقير والرعاية اللازمة.
خطبة الجمعة عن بر الوالدين
السلام على من اتبع الهدى، وأمر بمعروف أو نهى عن منكر، وصلاة وسلام على خير المرسلين، المبعوث رحمة وهداية للعالمين، سيد ولد أدم، محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أما بعد، إن برّ الوالدين من الأعمال الجليلة التي وصى بها الله تعالى في أكثر من موضع في كتابه العزيز، وشرف هذا العمل ورفع من قيمته ومقامه بأن جعله معطوفًا على التوحيد وعدم الإشراك به.
قال تعالى: “وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا.”
وبرّ الوالدين من الأعمال التي لا تنقطع بوفاتهما، فيمكن للإبن البار أن يفعل الكثير من أعمال البرّ التي ترضي الله عزّ وجلّ وترفع من شأن والديه في حياة الخلود، كأن يتصدق عنهما، أو يصوم عنهما، أو يحج أو يعتمر بالنيابة عنهما، فيصل إليهما عمله الصالح.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا مات ابن أدم انقطع عمله إلا من ثلاث؛ صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.”
كما يمكنه أيضًا أن يصل أقاربهما وأصجابهما وذلك زيادة في الإحسان، وتقربًا من ربّ العباد، والتماسًا لرحمته وفضله وغفرانه.
فعن ابن عمر – رضي الله عنهما – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن أبرّ صلة الولد أهل ودّ أبيه.” – رواه مسلم
خطبة عن حقوق الوالدين
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًأ فيه، وسلامًا على نبينا محمد، الصادق الأمين، الذي ولد يتيمًا ونشأ غريبًا، ونما عظيمًا، وتخلق بالخلق الحسن، وبأدب ربّه، وبعث ليتمم مكارم الأخلاق، أما بعد، أيها الإخوة الكرام، إن الإنسان الذي نشأ وتربى في اليتم، يدرك عظمة ما للوالدين من دور في حياة كل إنسان، فهو يفتقد للحب الغير مشروط، والرعاية والأمان والحماية التتي يوفرها الوالدان للأبناء، وكذلك كان نبينا المصطفى عليه صلوات ربي، ولذلك كان يوصي أصابه وأتباعه ببر الوالدين، ورعايتهما وتوقير كبار السن عمومًا، وعدم الإساءة لمن شاب رأسه ولو كان غريبًا، فما بالك بالوالدين الذين رقت عظامهما ونال منهما الكبر بما يتضمنه من أمراض وهزال وضعف، وقلة حيلة!
إن كل إنسان يحب أن يعامله الأخرون برحمة وباحترام ومحبة في أوقات القوة والضعف، ولذلك يجب أن يكون هو نفسه قدوة في ذلك ويعامل الآخرين كما يحب أن يعاملوه. وليس أقرب من الوالدين لتؤدي لهما ذلك الإجلال والاحترام، لما لهما من فضل لا يدانيه فضل أحد من الناس عليك.
فلا تبخل على والديك بالعناية والاهتمام، وكم من إنسان ترك فرصة سفر للعمل في الخارج من أجل رعاية والديه فعوضه الله خيرًا في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وكم من إنسان آثر السكن بجوار والديه ليكون عونًا لهما على شؤون الحياة، فحاز الفلاح والثبات والبركة، وكم من إنسان ترك عمله من أجل رعاية أب مريض أو أم مسنة، وكان أجره على الله.
إن مجرد الاتصال بوالديك مهما كثرت مشاغلك أمر يبث في نفسيهما السعادة والأمل، ويشعرهما بالاهتمام والمحبة، وكل ذلك هي أمور تقربك من رحمة الله وغفرانه وتوفيقه ومحبته، ألا تحب أن يكون الله لك عونًا وسندًا جزاء برّك بوالديك؟
خطبة عن عقوق الوالدين
الإخوة الكرام، سلام الله عليكم، ورحمته وبركاته، حديثنا اليوم عن موضوع له مخاطر كبيرة على المجتمع وقد يقوده إلى التفكك ويدفع به نحو الانهيار، إنه حديث عن عقوق الوالدين، يقول الله عزّ وجلّ في سورة الروم: ” اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ .” وهكذا حال الإنسان على هذه الأرض، يولد ضعيفًأ جاهلًا يحتاج للرعاية والحماية والطعام والأمان، فيجد من والديه كل ذلك، ثم يصير شابًا قويًا قادرًا على رعاية نفسه وغيره، فينجب ويصبح والدًا، ثم يتقدم به العمر فيصير شيخًا يحتاج لمن يقوم بحاجاته، ويهتم لأمره.
وما لم يتكافل البشر سويًا سينهار المجتمع ويختل ميزان الحياة، فعلى الإنسان أن يكون بارًا بوالديه ويرعاهما في ضعفهما كما رعياه في ضعفه، وإن كانا هما قد رعياه بغية نموه وعلوه ونيله أسباب القوة والرفعة، فهو سيرعاهما قليلًا وحتى يقضي الله أمرًا كان مفعولًا فتفيض روحاهما إلى خالقها، فإذا كنت عاقًا لوالديك ستندم حيث لا ينفع الندم لأن الله لا يوفّق إنسان لم يرد الجميل لوالديه، ويحسن إليهما في كبرهما، ولم يوفيهما حقهما من الاحترام والتبجيل والاهتمام.
إن الأمر لا يتطلب منك الكثير من العمل، ولا أن تهمل حياتك وتنكر ذاتك من أجل نيل رضاهما، فيمكنك بالقليل من الجهد والوقت أن تحسن إليهما وتسعدهما، وتشعرهما بانهما قد أحسنا تربيتك، وأنك الكتف الذي يستندان إليه، والنسمة العاطرة التي تخفف عنهما مصاعب الحياة. وتأكد أن الله يجازي الإنسان البار بوالديه خيرًا في الحياة الدنيا ويوم الحساب، كما أنه يجازي العاق بعقوقه في الحياة الدنيا وفي الأخرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من سره أن يبسط له في رزق، وأن ينسأ له في أثره، فليصل رحمه.” ومن أحق بصلة الرحم من الوالدين!
المصادر: