ما هي السبع الموبقات؟ وما الفرق بينها وبين الكبائر؟

يحيى البوليني
اسلاميات
يحيى البولينيتم التدقيق بواسطة: Karima4 أبريل 2020آخر تحديث : منذ 4 سنوات

السبع الموبقات
ما هي السبع الموبقات؟ 

خلقنا الله -سبحانه وتعالى- لعبادته فقال سبحانه: “وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ”، (الذاريات 56)، وجعلنا في الدنيا للاختبار، فأمرنا بأوامر ونهانا عن نواهٍ، وترك لنا حرية الاختيار في الاعتقاد والعمل، وأخبرنا أن هناك يومًا قادمًا سيجمعنا فيه لا محالة، سيجمع الصغير قبل الكبير حتى المولودة التي وءدها أهلها بغير ذنب سيجمعها الله وسيسألها “وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ”، (التكوير 7- 8).

السبع الموبقات 

وكذلك سيجمع الله فيه كل الحيوانات والطير والحيتان وسائر المخلوقات “وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ”، (التكوير 5) وسيقتص الله من ظالمهم -كل ظالم- لصالح مظلومهم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: “يَقْتَصُّ الْخَلْقُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، حَتَّى الْجَمَّاءُ مِنْ الْقَرْنَاءِ، وَحَتَّى الذَّرَّةُ مِنْ الذَّرَّةِ”، (رواه أحمد وصححه الألباني)، والجماء هي عديمة القرون إذا نطحتها شاة قرناء أي بقرون فسيقتص الله لها ثم يتحول الجميع إلى تراب.

إنه يوم القصاص من كل من طغى وتجبر وظن أن لن يقدر عليه أحد, قصاص شامل وعادل بين جميع الخلائق, ولن يحابي أحدا ولن ينجو منه أحد,”وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ”, الأنبياء 47.

تقف جميع الخلائق وهي في شدة الخوف من هول هذا اليوم حتى الأنبياء والمرسلين وهم أفضل من سار على وجه الأرض ومن دُفن في باطنها، يقول كل واحد منهم نفسي نفسي، وأقصى أمنية للجميع أن ينجو، ففي هذا اليوم يغضب الجبار غضبًا لم يغضب مثله قبل قط ولن يغضب مثله أبدًا.

وساعتها ينسى الحبيب حبيبه، وينشغل الخليل عن خليله، فلا أحد يهتم بمصير أحد سواه، لدرجة أن الإنسان يفر من أخيه وأمه وأبيه وزوجته أو عشيقته أو خليلته وبنيه، كل منهم يبحث عن النجاة، بل يقدم الجميع فداءً له فيضحي بهم جميعًا لكي ينجو، “يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ* وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ* وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ* وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ”، (المعارج من 11- 14).

فهذا يوم العدل المطلق الذي لن يفر منه أحد، فالملائكة تَتَراص على هيئة سبعة صفوف تحيط بالجن والإنس، وبعد أن تنتهي محاسبة الحيوانات ويتحول الجميع إلى تراب، يظل الإنس والجن وحدهم في أرض الحساب فتحيط بهم الملائكة فلن يستطيع أحد الهرب، “يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ”، (القيامة 10).

وحينها ستتطاير الصحف وكل سيأخذ كتابه إما بيمينه وإما وراء ظهره، وهي لحظة شديدة على النفس، من اللحظات الثلاث في يوم القيامة التي ينسى الإنسان فيها كل أحباءه وخلانه والناس أجمعين، فعن عائشة -رضي الله عنها- أنها ذكرت النار فبكت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما يبكيك”؟، قالت: ذكرت النار فبكيت، فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة؟، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أما في ثلاثة مواطن فلا يذكر أحد أحدًا: عند الميزان حتى يعلم أيخف ميزانه أو يثقل، وعند الكتاب حين يقال”هاؤم اقرؤا كتابيه”حتى يعلم أين يقع كتابه أفى يمينه أم في شماله أم من وراء ظهره، وعند الصراط إذا وضع بين ظهري جهنم”، (رواه أبو داود والحاكم وأحمد).

وهنا يقرأ كل إنسان كتابه بنفسه لتقوم الحجة عليه بنفسه أولًا، “اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا”، (الإسراء 14)، ويفاجأ كل منا وخاصة المجرمين بأن الكتاب يشمل كل شيء فكل كلمة مدونة وكل نظرة وكل لمسه وكل فعل، فهو لا يترك شيئًا أبدًا، “وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا”، (الكهف 49).

وحينها سيجد حسناته وسيئاته مكتوبة وسيجد أن السيئات مقسمة إلى كبائر وصغائر، وهناك من الكبائر ذنوب هي أكبر الكبائر، وهي ما تسمى بالسبع الموبقات.

 حديث السبع الموبقات

السبع الموبقات هي الذنوب العظيمة، وهي أعظم الذنوب التي تغضب الله سبحانه، وهي التي لو مات الإنسان وهو مصر على فعلها ولم يتب منها فسيكون إلى الهلاك أقرب، هي الذنوب العظيمة التي حذر الرسول -صلى الله عليه وسلم- من فعلها مجتمعة أو متفرقة، فكل واحدة منها بمفردها مهلكة للإنسان إذا مات ولم يتب منها، فكيف بها مجتمعة؟!.

ويعرفنا الرسول -صلى الله عليه وسلم-  عليها وهو يحذرنا من الوقوع فيها، “فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “اجتنبوا السبع الموبقات”، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: “الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات”، (رواه البخاري ومسلم).

ما هي السبع الموبقات
 السبع الموبقات

 فما هي السبع الموبقات؟

والمنكرات السبع الكبيرة بالترتيب هي:

  • الشرك بالله
  • السحر
  • القتل المحرم
  • أكل الربا
  • أكل مال اليتيم
  • التولي يوم الزحف
  • قذف المحصنات

لماذا سميت الموبقات بهذا الاسم؟

معنى الموبقات هو المهلكات، وسميت بالمهلكات لأنها تهلك الإنسان الهلاك الحقيقي، فلا يعد الهلاك في الدنيا هلاكًا بالمعنى التام له، لأن الموت سيحدث لكل مخلوق سواء طال العمر أو قصر، وإنما الهلاك الحقيقي يوم يتعرض الإنسان لغضب ربه ويقذف به في النار ولا يبالي به ولا يسمع لصراخه ولا لأنينه وبكائه، هذا هو الهلاك الحقيقي الذي يحذر منه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومن ثم سميت هذه المعاصي بالموبقات.

شرح حديث السبع الموبقات

ما هي السبع الموبقات
ما هي السبع الموبقات؟

وفيما يلي شئ من التفصيل للسبع الموبقات:

أولًا: الشرك بالله

هو أعظم الذنوب على الإطلاق، وهو الذي لا يغفره الله للإنسان إن مات عليه ولم يتب منه، فيقول الله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا”، (النساء 48).

ومهما كان عمل الإنسان من الأعمال الصالحة فلن يجد لعمله ثمرة عند الله إن كان معه شرك، فيقول الله سبحانه: “وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ”، (الزمر 65)، وسيفاجأ كل إنسان إذا قَدِم على ربه وهو لا يحمل شهادة التوحيد أن أعماله الصالحة لا قيمة لها ولا وزن، فيقول ربنا سبحانه: “وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا”، (الفرقان23).

وحذر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأمة من الشرك وخاصة أنه بُعث لكي يحاربه ويعيد الناس إلى التوحيد الخالص، فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: “سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: “أن تجعل لله نِدّاً وهو خلقك، قلت: إن ذلك لعظيم..”، (رواه البخاري ومسلم)، ونجد هنا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بدأ بأعظم الذنوب وأخطرها وهو أن يتخذ الإنسان شريكًا لله وهو الذي خلقه ورزقه وأحياه ويميته ويبعثه وحده.

ثانيًا: السحر

والسحر من الموبقات أي من الذنوب العظيمة، فهو عبادة لشياطين الجن من دون الله واستعانة بهم على تحقيق المنافع الشخصية سواء بجلب المنافع لبعض الناس أو إلحاق الضرر للكثيرين منهم، وذلك كله بمساعدة الجن.

والجن لا يساعدون ساحرًا بغير مقابل، والمقابل الذي يطلبونه من الإنسان أولًا هو أن يشرك بالله تعالى، فيؤدي الأعمال التي تجب على العبد بالنسبة لربه فقط يؤديها لهم فيعبدهم من دون الله.

ولهذا كان تحذير هاروت وماروت وهما الملكان الذي أرسلهما الله لفتنة العباد بالسحر، فكانا يحذران كل من يقترب منهما ويريد تعلم السحر بأن يفارقهما ويبتعد عنهما، فكانا يقولان له كما ورد في كتاب الله: “وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ”.

فإذا وافق وأصر على الاستمرار علماه ما يضر الناس، “فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ”، ويؤكد الله أن إضرارهم بأي عبد لا يتم إلا بإذن الله فهو المتحكم في كل الأمور، “وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ”.

وفي حقيقة أمر السحر إن تعلمه ضرر على الساحر نفسه قبل أي شخص آخر، فهو إن استطاع أن يضر أحدًا في دنياه، فإن الضرر الأكبر هو على الساحر في دينه، “وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ”، لأنه يتيقن يوم أن يقبل على تعلم السحر أنه لا مكان له ولا حظ في الآخرة لكفره بالله، “وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ”، (البقرة 102).

فحتى لو سُمي هذا الساحر شيخًا، وحتى لو التمس الناس البركة منه وادعوا أنه صاحب كرامات وخوارق، فهذه خدعة للناس فقط، والحقيقة أن الساحر خارج عن ملة الإسلام عند جمهور العلماء، ولا شئ له في الآخرة إلا النار.

اختلف الشافعية فيه فقالوا إن كان في عمل الساحر ما يوجب الكفر، كفر بذلك، وإلا لم يكفر، واستدلوا بهذا الحديث الذي ذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيه السحر بعد الشرك، فلو كانا شيئًا واحدًا لما جاء ذِكر السحر بعد الشرك؟ ولكن لم يختلف الشافعية في كونه كبيرة من عظمى كبائر الذنوب والمعاصي.

وممن قال بقتل الساحر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقد كتب كتاباً قبل موته بسنة “أن اقتلوا كل ساحر وساحرة”، قال الراوي: “فقتلنا ثلاث سواحر في يوم”، (رواه أحمد وأبو داود)، وقال به أيضًا عثمان بن عفان وابن عمر وأبي موسى وقيس بن سعد رضي الله عنهم أجمعين، وقال به من التابعين سبعة منهم عمر بن عبد العزيز رحمه الله.

ثالثًا: قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق

إن الموت والحياة ملك لله وحده، وإماتة الإنسان هي خصيصة من خصائص الله؛ فالله وحده هو الذي يملك ذلك، وإزهاق نفس بغير ما أمر الله هو اعتداء على خصائص الله سبحانه، وقد منع الله وحرم قتل الأنفس إلا بحقها فقط، ومن يتعد هذا الحق يعاقبه الله سبحانه، فقال سبحانه: “وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ”، (الإسراء 33).

وقد حدد الرسول -صلى الله عليه وسلم- هذا الحق بثلاثة أمور، فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: الثيّب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة”، (رواه البخاري ومسلم).

وقتلهم لا يحق لكل فرد من الناس، بل لولي الأمر فقط فهو الذي يقيم الحدود، فيقتص من القاتل ويقيم الحد على الزاني ويقتل التارك لدينه والمفارق للجماعة؛ حتى لا تكون الأمور فوضى بدعوى الحق.

وقد أخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن حرمة الدماء حرمة عظيمة وهي أول ما يقضي الله -سبحانه وتعالى- فيه يوم القيامة، فعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء”، (رواه البخاري ومسلم وأحمد).

ولعِظم حق الدم حذرنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- من التورط في هذا الذنب لشدة عقوبته، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً”، (رواه البخاري)، فقبل اللحظة التي يتورط المسلم في ذنب الدم يظل في فسحة في دينه.

رابعًا: أكل الربا

تعريف الربا في اللغة هو الزيادة وتعريفه في الاصطلاح هو كل قرض جر نفعًا فهو من الربا المحرم، وقد شدد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في النهي عن الوقوع فيه، فعن عبد الله بن حنظلة -رضي الله عنه-  أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “دِرْهَمٌ رِبًا يَأْكُلُهُ الرَّجُلُ وَهُوَ يَعْلَمُ، أَشَدُّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ زَنْيَةً”، (رواه الإمام أحمد).

وقد عبر الله عن آكل الربا بصورة قيامه يوم القيامة بأنه يقوم ويترنح كالممسوس من الجن من فرط العقوبة التي يخشاها يوم القيامة، فقال سبحانه: “الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا”، (البقرة 275).

خامسًا: أكل مال اليتيم

اليتيم في اللغة هو من فقد أباه، المفترض أن اليتيم يكون في ذمة المسلمين يتكفلون به حتى لا يحتاج شيئًا، ويفترض أن يكون الجميع آباءه، ولكن يحدث أن يكون اليتيم وارثًا لمال ويستغل واحد من دنيئي النفوس صِغره وضعفه ويستولي على ماله ويأكله ويستبيحه لنفسه، فهذا هو الجرم الحقيقي، والجرم الذي يشتمل على خسة ونذالة وقذارة.

إذ أنه ليس سرقة لمال فقط ولا اعتداء على حق الغير فقط، بل هو استغلال لجهل وضعف الصغير وخيانة للأمانة، والمؤمن لا يغدر ولا يخون أمانته، ولا يعتدي على مال ضعيف لا يستطيع أن يدافع عن حقه، ولا يجمع على اليتيم مصيبتين، فقد أصيب في فقد والده مصيبة عظمى، فمصيبته باستيلاء الشخص المفترض أن يكون أمينًا عليه على ماله ويسرقه مصيبة أخرى جديدة فيضاف فقد المال إلى فقد الأب ليفقد اليتيم الأمان كلية.

ولذلك حذرنا الله من الاقتراب من مال اليتيم وليس سرقته أصلًا، فالاقتراب من ماله يكون بحذر شديد، فقال سبحانه: “وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ”، فالقرب من مال اليتيم خطر فما بالنا بسرقة ماله والاستيلاء عليه وخيانة الأمانة فيه.

سادسًا: التولي يوم الزحف

عندما تقوم حرب بين المسلمين وغيرهم من غير المسلمين، ويحتاج المسلمون إلى كل قوة لتدفع عنهم ما يقع عليهم من ظلم واعتداء، وعندما تصطف الصفوف وتبدأ المعركة، حينئذ يكون التخلي عنهم والفرار من المعركة جريمة كبرى، لأنه الفأر يحاول النجاة بنفسه عن طريق توريط غيره وإيذاء المجموع، ولأن حياة المجموع مقدمة على حياة فرد واحد.

ومن المحتمل لو لم يفر هذا الشخص فقد ينجو الجميع ببقائه، ولكن بفرار هذا الفرد أو المجموعة قد يعرض المجموعة للقتل والخسارة جميعًا، ولذا فالتولي يوم الزحف جريمة كبرى في حق المسلمين.

سابعًا: قذف المحصنات المؤمنات الغافلات

القذف في اللغة هو الرمي، وفي الاصطلاح هو اتهام المسلمات الشريفات العفيفات بفعل الفاحشة، وهذه جريمة كبرى يقع كثير من الناس فيها، فيتهاونون في ترويج الإشاعات ونشر الأكاذيب عن المسلمات.

في كل الجرائم يكفي وجود شاهدين على الجريمة إلا في جريمة الزنا فالمطلوب أربعة شهود يرون الفاحشة بأعينهن لكي يتحدثوا في شأن فعل هذه المرأة للفاحشة لكي يقام عليهما حد الزنا، ولابد أن يروا الفعل لا مقدماته ولا آثاره لكي يشهدوا على المرأة والرجل بالزن، ولو شاهد ثلاثة فقط الفعل كاملًا ثم تحدثوا في شأنهما لوجب عليهم أن يأتوا بشاهد رابع أو يقام عليهم هم حد القذف إن تكلموا، (أي أنهم رأوا الفعل بأعينهم ولكن يقام عليهم الحد لو تكلموا) احتياطًا وصيانة للأعراض ولكي لا يخوض أحد في سيرة مسلمة.

ما الفرق بين السبع الموبقات والكبائر؟

السبع الموبقات من أكبر الكبائر، فكل واحدة منها من الكبائر ولكن هناك كبائر أخرى لم ترد في السبع الموبقات، فالكبائر أعم من السبع الموبقات المحددة بسبعة أعمال فقط.

فقارن ما في الشرع الحنيف وبين ما نحن عليه الآن إذ يتكلم كثير من الناس في عرض السيدات بخبر في جريدة صفراء أو منشور على مواقع التواصل وهم لم يشهدوا ولم يشاهدوا أي شئ ويتكلمون في الأعراض والحرمات.

عقوبة السبع الموبقات

عقوبة السبع الموبقات مختلفة؛ فالشرك إن لم يتب منه الإنسان قبل موته عقوبته الخلود في النار ولا يخرج منها لأن صاحبه مات على غير شهادة التوحيد،

وأما السحر فعلى القول الذي قالوا به أنه كافر فعقوبته الخلود في النار أيضًا وأما إذا كان يعمل أعمالًا غير مكفرة فهو كبيرة من الكبائر لا يُجزم بخلوده في النار بارتكابها،

وأما الباقي من الموبقات فهي من كبائر الذنوب والمعاصي الذي توجب النار ولكن لا تخلد صاحبها في النار، الجميع في كل الأحوال أمام عفو الله ورحمته أو غضبه وسطوته وعقوبته، ولكن لم يتوعد أحدًا بالخلود في النار إلا من أشرك به.

نسأل الله أن يعافينا من الذنوب والمعاصي بصغيرها وكبيرها كما نسأله أن يتوب على من يفعل الموبقات قبل موته، لأن الموت بها شديد وعظيم الخطورة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *