إن الصدقة من أعمال البرّ التي ترضي الله، وتطفيء غضبه، وترفع من مقامك عنده، وتكون برهانًا على حبك لله، وطاعتك له، ومراعاته في عباده من الفقراء الذين هم بحاجة إلى المساعدة والمساندة، سواء بالمال أو الغذاء، أو بذل الجهد في سبيل خدمتهم وراحتهم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ, وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ, وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأانِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ, وَالصَّلَاةُ نُورٌ, وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ, وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ, وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ, كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو, فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا.”
خطبة عن الصدقة
الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلًا ذوي أجنحة مثتى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء، إن الله على كل شئ قدير، ونصلي ونسلم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أما بعد؛
عباد الله، لقد خلق الله الإنسان في هذه الدنيا ليختبره ويرى أي البشر أحسن عملًا، وهو على ذلك جعل من الناس الفقير والغني، المعافى والمريض، العالم والجاهل، وكل ميسر لما خلق له.
وتمام الإيمان بالله، وبرهان حبّك لله، وطاعتك له، ان تنفذ أوامره، وتتجنب نواهيه، وتتقرب إليه بما يحب من أعمال، ومن أعظم هذه الأعمال التي يتقرب بها من الخالق، الصدقة.
إن الصدقة برهان الطاعة والمحبة لله عزّ وجلّ يختبر بها عباده الذين أغناهم، ومنحهم ما يفتقر إليه غيرهم لينظر أيشكرون أم يكفرون بنعمة الله عليهم.
فالله يبتلي الإنسان بالخير كما يبتليه بالشر، ويبتليه بالصحة كما يبتليه بالمرض، ويبتليه بالمال كما يبتليه بالفقر، ويبتليه بالقوة والنفوذ والسلطان، كما يبتليه بالضعف وقلة الحيلة وانعدام السند.
ولقد ذكر الله لنا في كتابه الحكيم بعض القصص عن الصدقة وكيف أن من منعوها عن مستحقيها كانت عليهم وبالًا كما جاء في قصة أصحاب الجنّة الذين منعوا الصدقة عن المحتاجين كما في الآيات التالية:
” إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلا يَسْتَثْنُونَ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ أَن لّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ عَسَى رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِّنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ.”
خطبة قصيرة عن الصدقة
أيها الإخوة الكرام، إن الله تعالى لم يشرع شئ إلا لأنه يعلم أنه الأكثر صلاحًا للناس في دينهم ودنياهم وعاقبة أمورهم، وفي آخرتهم، ولذلك شرع الزكاة والصدقات، وجعلها من أكثر الأعمال التي تقربنا منه، فالصدقة تطفيء غضب الربّ وفي خطبة قصيرة جدا عن الصدقة تذكر أنها تنشر التسامح والمؤاخاة بين الناس، وهي تزيل ما بالنفوس من حسد وبغض على الأغنياء.
وأعظم أعمال الصدقات، الصدقة الجارية التي تضيف لحسنات الإنسان حتى بعد مماته، فترفع من درجاته، وتكون له نورًا وسرورًا في الآخرة.
ولقد عرّف الكثير من علماء الدين واللغة الصدقة بتعريفات مختلفة، وعلى سبيل المثال:
يقول ابن منظور: “الصدقة هي ما أعطيته في ذات الله للفقراء.”
أما الإمام النووي فيقول عن الصدقة: “إنها تلتقي لغةً مع مادة الصدق.” فالإنسان الصادق لا يبخل بما أعطاء الله من فضل على عباده من المحتاجين، كما قال تعالى في كتابه الحكيم: ” الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ.”
وأفضل الصدقات ما كان للوالدين والأقربين ولرعاية الأيتام كما جاء في قوله تعالى: “قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَىٰ.”
ولقد مدح الله جلّ وعلا عباده المتصدقين وأخبرهم عن ما تمنحه الصدقة من خير ونماء في حياتهم كما جاء في قوله تعالى: “مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ.”
وليس كل صدقة هي صدقة مثمرة تجلب محبة الله ورضوانه، فالصدقة يجب أن لا يتبعها أذى لمن ينالها، ولا يجب معايرته بها، أو استغلاله بسببها، أو المنّ عليه بها، فهي من الله، وإلى الله، ويبتغي بها المتصدق وجه ربه الكريم، كما جاء في قوله تعالى: ” الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ.”
خطبة الجمعة عن الصدقة
سبحان الله والحمد لله وصلاةً وسلامًا على عباده الذين اصطفى، أما بعد، أيها الإخوة الكرام، لقد فرض الله تعالى على المسلمين الزكاة بأنواعها، ليكون بينهم تكافل وتراحم، ولكي لا يبيت بينهم جائع، ولا يضام أحد، ويجد اليتيم من يرعاه، وتجد الأرملة من يسعى عليها، ويصبح المجتمع متوحدًا يشعر بألم بعضه البعض، ويتكافل في رضا الله وطاعته.
ولقد جعل الصدقة أمر يؤديه الإنسان عن طيب خاطر بدون أن يفرضه عليه أحد، فهو أمر يريد به فضل الله وتوفيقه وبركته، ولا يقدمه مضطرًا، أو يقدمه نفاقًا ورياءً وشهرة بين الناس، كما جاء في قوله تعالى: “لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ.”
إن الله هو الرازق، وهو ذو الفضل العظيم، وكل ما تنفقه في سبيله ومن أجل استجلاب رضاه يرد إليك أضعافًا مضاعفة، فأنت عندما تعطي تعطي عطاءً بشريًا محدودًا أما هو ربّ السماوات والأرض فعطاءه بلا حدود، وخزائنه لا تنفد، وما عنده باق، وما هو في سبيله خير وأبقى، قال تعالى: “وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ.” وقال: “وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ.”
خطبة عن فضل الصدقة
الإخوة الكرام، إن فضل الصدقة عظيم، وأجرها مبارك فيه، فهي تطهر المال من كل ما يقع فيه من خبث، وهي تدفع عن الإنسان المرض والابتلاءات، وتدخل الفرحة على المحتاجين، وتبارك لك في مالك، ويوسع الله بها رزقك، وهي في الآخرة تقيك من حرّ جهنم، وتخفف حسابك يوم يحتاج كل إنسان لكل عامل صالح، وكل كلمة طيبة، وهي تثقل ميزان حسناتك، وتساعدك على تجاوز الصراط المستقيم إلى الجنّة، وهي تدفع السوء وتجلب رضا الله.
ومن فضل الله تعالى علينا وبركته أن جعل ميادين الصدقة عديدة ومتنوعة، فحتى الفقير يمكنه أن يتصدق بالكثير، فمن أوجه الصدقة العديدة، نجد الكلمة الطيبة، والوجه البشوش، وردّ السلام، والبدء به، وإماطة الأذى عن الطريق، ومساعدة الناس، كل ذلك من وجوه الصدقة كما أنبئنا بذلك نبي الإسلام عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم في الحديث: “إن بكل تسبيحةٍ صدقة ٌ، وكل تكبيرةٍ صدقة ٌ وكل تحميدةٍ صدقة ٌ، وكل تهليلةٍ صدقة ٌوأمرٌ بالمعروفِ صدقة ٌ، ونهيٌ عن مُنكرٍ صدقة ُ، وفي بُضعِ أحدكم صدقةٌ”
خطبة عن الصدقة الجارية
إخواني الكرام، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، إن خير الأعمال وأحبها إلى الله الصدقة، والصدقة الجارية كنز من الحسنات التي تعود على الإنسان بالخير في حياته وبعد مماته.
وخير الصدقة الجارية سقيا الماء فهو عمل ينتفع منه الإنسان والحيوان والنبات، وفيه خير كثير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ : عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ.”
ولذلك فإن من أهم الأعمال التي تكتب لصاحبها صدقة جارية، حفر الآبار، وغرس الأشجار، والكتب النافعة التي تعلم الناس ما يفيدهم في حياتهم وآخرتهم، والعلوم النافعة، وكل ما يستفيد منه البشر والكائنات الآخرى ويستمر في العطاء، يعد من أعمال الصدقة الجارية التي تضاعف لصاحبها الثواب في حياته وبعد مماته.
وذلك مصداقًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “سبعٌ يجري للعبد أجرُهن وهو في قبره بعد موته: مَن علَّم علماً، أو أجرى نهراً، أو حفر بئراً، أو غرس نخلاً، أو بنى مسجداً، أو ورَّث مصحفاً، أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته.”
خطبة عن الصدقة تدفع البلاء
إن الصدقة من الأعمال التي يشفى بها الله المرضى كما جاء في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “داووا مرضاكم بالصدقة.” والله يفرّج بها كرب المكروب. ومن أنواع الصدقة إغاثة الملهوف، والإحسان إلى الناس بالقول والعمل، والصدقة تترك آثرًأ طيبًا في النفس، وتشير الدراسات إلى أن الإنسان المحسن تنشط في دماغه مراكز المكافئة أكثر من متلقي الإحسان، فالمحسن يشعر بأنه إنسان جيد بداخله فتتحسن صورته عن نفسه كثيرًا.
يقول ابن القيم: “فإن للصدقة تأثيرا عجيبًا في دفع أنواع البلاء ولو كانت من فاجر أو من ظالم بل من كافر فإن الله تعالى يدفع بها عنه أنواعا من البلاء وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم وأهل الأرض كلهم مقرون به لأنهم جربوه.”
خطبة عن الصدقة في رمضان
إخواني الأعزاء، إن لله أيام يضاعف فيها الحسنات، ويعفو عن المذنب، ويعطي فيها ما لا يعطيه في غيرها، ومن تلك الأيام المباركة الطاهرة، أيام شهر رمضان المبارك، وفيه يضاعف الله ثواب الصدقات، ويجازي عن الأعمال الصالحة أضعافًا مضاعفة.
ولقد كان رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه أجود الناس في شهر رمضان، وعن الصدقة في رمضان قال: “من تقرب فيه بصدقة كمن تقرب فيما سواه بفريضة.”
خطبة عن الصدقة وأهميتها
إن للصدقة فوائد اجتماعية وشخصية للإنسان، فهي تقرّب بين الناس، وتمنع الحسد، وتنمي روح التعاون والوئام بين الناس، وتجعل المجتمع متكافلًأ يراعي فيه القادر الغير قادر.
وهي تبارك للمتصدق في ماله وصحته وأهله وبيته، وتمنحه رضوان من الله وتزيد من ميزان حسناته، وفيها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما منكم من أحدٍ إلا سيكلمه الله، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، فينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، فينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة.”
والصدقات يمحو الله بها الخطايا، ويرضى على عباده، ويستظل بها المؤمن يوم لا ظل إلا ظل الرحمن، كما جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ بعبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه.”