إن من رحمة الله بعباده أن يرسل إليهم من بينهم إناس يهدونهم إلى عبادة الله الواحد الأحد، ويعلمونهم شؤون دينهم، ويصلحون لهم أمور دنياهم، ويكونون قدوة حسنة في السلوك السليم، ويعلون من القيم الصالحة، ويرسون مكارم الأخلاق، وهكذا كان نبي الله محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، والذي أتمّ الله به دينه الذي ارتضاه لعباده.
قال تعالى: “لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا.”
مقدمة عن الرسول
ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة في عام الفيل، بشهر ربيع الأول عام 570 – 571 ميلادية ليكون الرحمة المهداة للعالمين، ولقد ولد يتيمًا بعد أن توفي أبوه، ثم سرعان ما لحقت به أمه، فنشأ لدى جده عبد المطلب، ثم تولى عمه أبو طالب رعايته بعد وفاة الجد، وعمل الرسول في الرعي والتجارة، وكان معروفًا بين الناس بالصدق والأمانة.
يقول أحمد شوقي في نهج البردة:
محــمدٌ صفـوةُ البـاري
، ورحمتُـه ** وبغيَـةُ اللـه مـن خَـلْقٍ ومـن نَسَـمِ وصاحبُ الحوض يومَ الرُّسْلُ سائلةٌ ** متى الورودُ؟ وجـبريلُ الأَمين ظَمي
موضوع تعبير عن سيدنا محمد
لقد نبذ الرسول عليه الصلاة والسلام عبادة الأوثان، على الرغم من انتشارها بين قومه، فهو لم يسجد أبدًا لصنم، وتنزّل عليه وحي السماء وهو قائم يتعبد في غار حراء وعمره أربعين سنة، ومكث يدعو الناس سرًا إلى عبادة الله ثلاثة سنوات، ثم جهر بالدعوة في مكة ولاقى في سبيل دعوته الكثير من المصاعب، قبل أن يهاجر بدعوته إلى المدينة المنوّرة، وهو ابن ثلاثة وخمسين عامًا، ليثبّته الله وينصره، ويعلي شأن دينه الذي ارتضاه لعباده.
موضوع عن وصف الرسول
لقد كتب الصحابة والتابعين أوصاف الرسول الكريم في عدة كتب أهمها كتاب “الشمائل المحمدية” للترمذي، ومما جاء في هذا الكتاب من أوصاف للرسول أنه كان مهيب الطلعة، ربعة أي أنه متوسط الطول مائلًا إلى الطول، عالي الكتفين، لونه بين البياض والسمرة، وكان لديه رأس ضخم وهامة عريضة، أسود الشعر، أجعد الشعر بدون خشونة، وكان له جيد نقي، وأذرع طويلة قوية كثيفة الشعر، وإبطاه بيضاوين – وهي أحد علامات النبوة – وكان عريض المنكبين والصدر، وبين كتفيه ما يشبه الوحمة الحمراء المشعرة – أحد علامات النبوة أيضًا – وكان مستوي الوجه، يميل وجهه للاستدارة.
وكانت عيناه عليه الصلاة والسلام سوداوين في بياض ناصع ولها أهدابًا طويلة، حتى تبدو عيناه كحيلتين بدون كحل، وكان فمه واسع بأسنان منتظمة متفرقة، بيضاء ناصعة. وكانت لحيته كثيفة، وقدماه بلا قوس، كبيرة الحجم.
يقول حسّان بن ثابت:
وأجملَ منكَ لم تر قطّ عينٌ ** وأكملَ منكَ لم تلد النساء
خُلقت مبرءً من كل عيبٍ ** كأنك قد خُلقت كما تشاء
تعبير عن أخلاق الرسول محمد
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أدبني ربي فأحسن تأديبي.” فلقد كان أخلاقًا تمشي على الأرض قبل وبعد الوحي، وكان فطن، صادق الحدس، مصلح لنفسه ولمن حوله، مجتهدًا في الخيرات، وكن حسن الشمائل، عالم بما جاء في الرسالات السماوية السابقة، وبسير الأمم الغابرة، ولديه حكمة الحكماء، وبديع الألفاظ.
ولقد كان يعمل على تأصيل الأخلاق الحسنة، وقال عن نفسه: “إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق.” وبالإضافة إلى كل ذلك كان لديه معلومات في الطب والعلاج، وفي الحساب وعلم النسب، على الرغم من أنه كان أميًّا قبل البعثة.
وكان عليه صلوات ربي حليمًا عفوًا إذا ما قدر، ولديه قدرة على الصبر والاحتمال، ومجالدة الأهوال وفي ذلك قال ربّ العزّة: “خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ.”
وعن فضيلتي الاعتدال والتسامح لديه تقول السيدة عائشة: “ما خيّر عليه الصلاة والسلام في أمرين قط، إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه، وما انتقم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها.”
موضوع عن شباب الرسول وزواجه
لقد نشأ الرسول عليه الصلاة والسلام يتيمًا وانتهى به الأمر تحت رعاية عمّه أبو طالب، ولم يكن عمّه ثريًا، فعمل برعي الغنم للحصول على المال، ثم صار يعمل بالتجارة ويسافر مع عمّه إلى بلاد الشام، وفي أحد الرحلات مرا براهب يسمى “بحيري” فأطال النظر إلى الرسول، ثم قال لعمّه أن يرجع به إلى بلاده، وأن يحافظ عليه من اليهود لأنهم إذا ما علموا بأمره قد يؤذونه، لأنه سيكون لها شأنًا عظيمًا في المستقبل.
وكان النبي معروفًأ قبل البعثة بين الناس بالصادق الأمين، وكان مهيبًا منذ الصغر، لم يعبد الأصنام أو يشارك شباب مكّة اللهو. وكان يشارك كبرائهم في القرارات الهامة، والمعارك التي تذود عن القبيلة، وكان أحد أعضاء حلف الفضول الذي تم عقد ميثاقه في دار عبد الله بن جدعان في مكّة، حيث تعاهد المشاركون على حماية الضعفاء، ونجدة المظلومين.
ولقد استخدمته السيدة خديجة بنت خويلد للعمل على مالها وتجارتها لما اشتهر به من أمانة، ولما رأت أخلاقه وتعاملاته عرضت عليه الزواج فقبل، ولم يتزوج النبي على السيدة خديجة في حياتها، وأنجب منها كل ذريّته عدا إبراهيم.
موضوع عن إسم الرسول محمد بالكامل ونسبه
هو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلّب، العربي القرشي، من سلالة إسماعيل بن إبراهيم، وأمّه أمنة بنت وهب، وأمهاته من الرضاعة هن حليمة السعدية وثويبة، وإخوانه من الرضاعة هم حمزة، وابو سفيان بن الحارث، وأبو سلمة بن عبد الأسد، وعبد الله بن الحارث، والشيماء وأنيسة بنتا الحارث.
تزوج الرسول من السيدات خديجة بنت خويلد، وسودة بنت زمعة، وعائشة بنت ابو بكر، وحفصة بنت عمر، وزينب بنت خزيمة، وأم سلمة، وزينب بنت جحش، وجويرية بنت الحارث، ومارية القبطية، وأم حبيبة، وصفية بنت حيي، وميمونة بنت الحارث.
أبناءه هم القاسم وعبد الله وإبراهيم، وبناته هن زينب ورقية وفاطمة الزهراء وأم كلثوم.
تعبير عن ألقاب النبي
للنبي عليه الصلاة والسلام العديد من الألقاب أهمها، نبي التوبة، وأحمد، وأبو القاسم، ونبي المرحمة، والرحمة المهداة، والمختار، والمصطفى، والصادق، والمجتبى، والأمين، وإمام المتقين، وسيد ولد آدم، والنبي الأمّي، وخاتم النبيين، وسيد المرسلين، والسراج المنير، والرسول الأعظم، والعروة الوثقى.
موضوع عن الرسول قدوتنا
بعث الله نبيه ليكون قدوة للمسلمين جميعًا في الأخلاق الحسنة، وأمرنا الله باتباع سنّته وطاعته بأداء ما أمر بها من أعمال والإنتهاء عما نهى عنه من محرمات ومنكرات، وفي ذلك جاء قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا.”
تعبير عن محمد رسول الإنسانية
إن محمدًا كان نموذجًا بشريًا يقتدى به في كل أفعاله، فمعجزته القرآن، وقد كان القرآن سلوكًا ونمط حياة وأخلاقًا بالنسبة له، فهو يقول ما يفعل ويفعل ما يقول، هو إنسان يحزن ويتالّم، ويحب الحياة، ويتزوج، ويصبر ويحتسب، وكل إنسان يمكنه أن يجد في سيرته ما يستعين به على مصاعب الحياة، حتى اليتم، وحتى الخروج مهاجرًا من أرض الوطن، وفي ذلك يقول الكاتب الكبير عباس محمود العقّاد في كتابه عبقرية محمد: “ظنوا أن النبي لا يحزن، كما ظن قومٌ أن الشجاع لا يخاف ولا يحب الحياة، وأن الكريم لا يعرف قيمة المال. ولكن القلب الذي لا يعرف قيمة المال لا فضل له في الكرم، والقلب الذي لا يخاف لا فضل له في الشجاعة، والقلب الذي لا يحزن لا فضل له في الصبر. إنما الفضل في الحزن والغلبة عليه، وفي الخوف والسمو عليه، وفي معرفة المال والإيثار عليه.”
كلام جميل عن الرسول صلى الله عليه وسلم
كان الرسول قائدًا ساعة الحرب، يتقدم الصفوف، ويذود عن أصحابه، وكان الأكثر صبرًا، والأكثر جودًا وكرمًا، وهو الحييّ الغضّاء، يغضّ البصر عن العورات، ويصون الجار، ويرعى الفقراء، ويحنو على اليتيم، وكان حكيمًا لبقًا يمتلك مجامع الكلم، فلا ينطق إلا طيبًا، ولا يرفع صوته، ولا يجزي الإساءة بالإساءة وإنما يعفو عفو القادر.
يقول الإمام علي بن أبي طالب عن النبي: “كان عليه الصلاة والسلام أوسع الناس صدرًا، وأصدق الناس لهجة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة. وكان عليه الصلاة والسلام يؤلفهم ولا ينفرهم، ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم، ويحذر الناس، ويحترس منهم، من غير أن يطوي عن أحد منهم بشره ولا خلقه، ويتفقد أصحابه ويعطي كل جلسائه نصيبه، ولا يحسب جليسه أن أحدًا أكرم عليه منه.”
خاتمة عن الرسول
إن أفضل ما نقوم به في حياتنا هو الاقتداء بالنبي في كافة أحواله، وأن ندرس سنّته، وأن نطابق الأقوال بالأفعال، ونتفكّر، ونتدبّر، وأن نتخلّق بأخلاقه الكريمة، ونتشبّه بخصاله النبيلة، فننال خير الدارين، ونرضي الله سبحانه وتعالى.
