كيفية الصلاة وما هي طرق الصلاة الصحيحة؟ وكيف أخشع في صلاتي؟

 

ما هي مكانة الصلاة في الإسلام؟

تعرف أهمية الصلاة وشروطها وكيفية القيام بها

عظيمٌ هو أمر الصلاة في الإسلام، فلها المَنزلة العظمى بين العبادات، فهي الصلة بين المخلوق وخالقه سبحانه، وليس في العبادات كلها – على أهميتها – عبادة تماثلها في عَظم مكانتها.

مكانة الصلاة في الإسلام

للتذكير بقيمتها العُظمى وَرد ذِكرها بمُشتقاتها في القرآن الكريم أكثر من مائة مرة ليؤكد على قَدرها العظيم وخطورة التهاون بها، فجاء الأمر ” وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ” إحدى عشرة مَرة ليعلم الناس عظم قيمتها.

وهي الركن الثاني بعد شهادتي التوحيد، فعن ابن عُمر (رضى الله عنهما) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (بُني الإسلامُ على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان” رواه البخاري ومسلم.

ومدح الله المُحافظين عليها وبشرهم بخيري الدنيا والآخرة، فقال سبحانه: ( وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَىٰ مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) سورة الحج 34, 35 .

وحَذر من التهاون بها واعتبر التكاسل عنها من سِمات المُنافقين فقال (عز وجل): (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا) سورة النساء (142)، بل توعد الذين يؤخرون الصلوات عن مواعيدها بالويل، وهو واد في جهنم تستعيذ جهنم من حَره، فقال سبحانه: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) سورة الماعون 4,5 .

وعلمنا نبينا (صلى الله عليه وسلم) أن الصلاة هي عماد الدين أي عَمود الدين الرئيسي الذي يقوم، وفي الحديث الذي رواه معاذ بن جبل (رضى الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ” ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده، وذروة سنامه؟

قلت: بلى يا رسول الله، قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد ..” رواه الترمذي وصححه الألباني

وهي أول عَمل يُسأل عنه ويُحاسب عليه المسلم يوم القيامة، فعن عبد الله بن قرط (رضى الله عنه)؛ أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (أول ما يُحاسَب به العبدُ يومَ القيامةِ الصلاةُ، فإنْ صلحتْ، صلح سائرُ عمله، وإن فسَدَتْ، فَسَدَ سائِرُ عمله) رواه الترمذي والنسائي وأبو داود

ولمكانة الصِلة لم تشرع مثل باقي العبادات، ولم يرسل الله (تعالى) بها ملكاً إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) في الأرض لكنها فُرضت في السماء في أعلى وأشرف مكان ليكون لها العلو والشرف، وذلك في رحلة الإسراء والمعراج، ففرضها الله على الأمة خمساً في العدد، وفي الأجر خمسين .

والصلاة تغسل الذنوب والخطايا وتمحوها، فمهما بلغت ذنوبك وخطاياك فلا تهجر الصلاة لأنها الرباط بينك وبين ربك، ففي حادثة حدثت أثناء حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) رواها الإمام البخاري في صحيحه، عن عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه – قال: أصابَ رجلٌ من امرأةٍ قُبْلَةً، فأتى رسول الله – صلى الله عليه وسلّم – فذكرَ لهُ ذلكَ، فأنزلَ الله: “وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ، وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ، ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ” (هود: آية 114) فقال الرّجلُ: ألِيَ هذهِ؟ قال: لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمّتِي” .

ما هي شروط الصلاة؟

إن الصلاة الصحيحة هي أن يؤديها المُسلم، كما أداها النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقد قال (صلّى الله عليه وسلّم): “صلّوا كما رأيتموني أُصلّي “، رواه البخاري، وقد نقل لنا طريقة أدائها الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ووصلت إلينا الكيفية الصحيحة للصلاة فلا زيادة فيها ولا نقصان.

وتحتاج الصلاة إلى تعليم، وقد تعلمها الناس تعليماً عملياً، فعلمها كل جيل لمن بعده، وهي أمانة تناقلتها الأجيال عبر كل العصور، ولهذا فإن أهم ما تعلمه لابنك هي الصلاة، فهي العبادة التي سيظل يقوم بها منذ أن يبلغ حتى لحظة موته.

وقبل أن يدخل المسلم إلى الصلاة لا بد أن يعرف أن لها شروطاً عامة لقبولها، فلا يمكن أداء الصلاة والدخول فيها إلا بتحققها، وهي:

أولاً: الإسلام

فلا يصح أداء الصلاة إلا من مُسلم ولا يقبلها الله (سبحانه) لو أداها، فقد قال (سبحانه): (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون) [التوبة:17] .

ثانياً: العقل

فلا بد أن يكون مُؤدي الصلاة عاقلاً لأنها لا تَجب على فاقد للعقل، فهو غير مُكلف وغير مسئول عن أفعاله، فسواء صلى أو لم يصل فلا شئ عليه، فقد قال الرسول (صلى الله عليه وسلم): (رُفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يَبلُغ، وعن المَجنون حتى يعقل” (رواه الإمام أحمد) .

ثالثاً: البلوغ أو التمييز

في الحديث السابق وضح الرسول (صلى الله عليه وسلم) أن الصلاة لا تجب إلا على من بَلغ الحُلم، فإن فعلها نال الثواب، وإن تركها فقد استحق العقاب، ولكن يؤمر بها الطفل في سن السابعة حتى يعتادها لأن الصلاة شديدة على من يؤديها في البداية لكنها تصبح يسيرة سهلة على من يعتادها، فقال (صلى الله عليه وسلم): « مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع » رواه أبو داود وصححه الألباني .

أما عند الشروع في الصلاة، فهناك شروط لا بد من استكمالها، وهي:

أولاً: الطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر

لا بُدّ للمُسلم قبل الدخول في الصلاة أن يكون طاهراً من الحدث الأكبر والأصغر، الحدث الأكبر كالجماع أو نزول المُني بالاحتلام وغيره، وأن تَكون المُسلمة طاهرة من الحيض أو النفاس، فإن ذلك كله يستوجب الاغتسال، ولا يمكن للمُسلم أو للمُسلمة الصلاة بدونه.

الحدث الأصغر يتطهر منه بالوضوء، فعن ابن عمر (رضى الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:” لاَ تُقْبَلُ صَلاَةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ وَلاَ صَدَقَةٌ مِنْ غُلُولٍ” أخرجه مسلم.

ثانياً: ستر العورة

فلا بد للمُسلم حين يشرع للصلاة من ارتداء ملابس تستر عورته، ولهذا فمن صلى بعورة مَكشوفة، وهو قادر على سَترها، فصلاته باطلة، وعورة الرجل من سُرته إلى ركبته، بينما عورة المرأة المُسلمة جسدها كله ما عدا وجهها على قول أكثر العلماء.

ثالثاً: طهارة ثوبه وبدنه والمكان الذي سيصلي فيه

من شروط الصلاة أن يكون بدن المسلم طاهراً وثوبه كذلك والمكان الذي سيؤدي فيه الصلاة، فإذا أصابت أيا منها نجاسة فلا بد من إزالتها أولاً قبل الشروع في الصلاة.

رابعاً: دخول وقت الفريضة

لا بد أن يدخل وقت الفريضة حتى يتمكن المسلم من أدائها، ولو أداها قبل وقتها لم تُقبل لأن الله (سبحانه وتعالى) يقول: (فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا) سورة النساء 103.

(كتاباً موقوتاً) تعني أن لكل صلاة مِيقاتها المُحدد، فلا يمكن أداؤها قبل مَوعدها ولا يصح تأخيرها عن موعدها كذلك.

خامساً: استقبال القبلة

الشرط الأخير قبل أن تقف في مصلاك وترفع يدك مُكبراً تكبيرة الإحرام هو أنه يجب عليك أن تتأكد من استقبالك القِبلة، وهي باتجاه بيت الله الحرام في مكة المُكرمة، فقد قال الله (سبحانه) لنبيه (صلى الله عليه وسلم): (قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) [ البقرة : 144 ].

كيفية الغسل من الحدث الأكبر

لكي يتمكن المُسلم من أداء الصلاة يجب عليه الطهارة من الحدث الأكبر، ومن الحيض والنفاس للمرأة، وهذا يكون بالغسل، أي الاغتسال بالماء.

أما عن كيفيته، فله وجهان:

الوجه الكافي أن ينوي المُسلم إزالة الحدث الأكبر ثم يُعمم جسده بالماء على أي هيئة حتى لو غَمر نفسه في نهر ووصل الماء إلى كل جزء في جسده، فتصح صلاته بهذا الغسل لأن الله (سبحانه) قال: (وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ ) المائدة/6.

وأما من أراد زيادة الأجر، فليتعلم سُنة النبي (صلى الله عليه وسلم) في الاغتسال، وهي كما فصلها العلماء بالخطوات التالية

  • ينوي الطهارة، ورفع الحدث الأكبر.
  • يبدأ بـبسم الله ويغسل يديه ثلاث مرات، ويغسل فَرجه ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة
  • وبعدها يصب الماء على رأسه ثم على جسده كاملاً مبتدئاً باليمين ثم اليسار مع تدليك كل الأعضاء باليد، ويكون قد انتهى من غسله كما صح عن النبي (صلى الله عليه وسلم).

فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ) إِذَا اغتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَيهِ وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اغتَسَلَ، ثُمَّ يُخَلِّلُ بِيَدِهِ شَعرَهُ، حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّه قَد أَروَى بَشرَتَهُ، أَفَاضَ عَلَيهِ المَاءَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ) رواه البخاري ومسلم.

كيفية الوضوء للصلاة

سنسرد لكم في تلك المقالة تعليم الصلاة والوضوء ولكن قبل ذلك نحب أن نوضح لكم أن للوضوء أركان أو فرائض لا بد من يقوم بها المُسلم، وهي تختلف عن السُنن، فلو اسقط المُسلم واحداً من الفروض لم يصح وضوؤه ولا تَصح الصلاة بعده لأن الوضوء غير صحيح، أما إذا اسقط سُنة من السنن يصح وضوؤه وتصح الصلاة بينما يقل أجره لعدم اتباعه للسُنة ففي كل اتباع منه لسنة النبي أجر.

والفرائض كلها جاءت في آية الوضوء في القرآن الكريم التي تقول ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ” سورة المائدة 6

والفرائض هي:

أولاً: ينوي الوضوء بقلبه.

ولا يشترط أن يقولها بلسانه بها فهي بالقلب، أي أنه لو غسل كل أعضاء الوضوء، ولم يكن ينوي الوضوء لا تصح به الصلاة.

ثانياً: أن يغسل وجهه.

يغسل وجهه كله بالماء من شحمة الأذن إلى الأخرى، ومن مُقدمة ناصيته إلى أسفل ذقنه مرة واحدة.

ثالثاً: أن يغسل يديه إلى مرفقيه.

أن يغسل كلتا يديه من الكف إلى المرفق الذي يسميه الناس بالكوع مرة واحدة لكل يد.

رابعاً: أن يمسح شعره.

أن يمسح على رأسه كله أو بعضه على اختلاف بين العلماء بأن يبلل يده، ويمر بها على رأسه حتى لو يكن بها شعر على الإطلاق.

خامساً: أن يغسل رجليه إلى الكعبين لمرة واحدة لكل قدم.

سادساً: أن يفعل كل ما سبق بالترتيب الذي قاله الله، فلو قدم عضواً على آخر لم يصح وضوؤه.

أما سُنن الوضوء فكثيرة، منها:

  • غسل الكفين ثلاثًا في أول الوضوء واستخدام السواك.
  • التثليث، أي غسل كل عضو ثلاث مرات.
  • التيامن، أي أن يبدأ باليمين في الأعضاء التي لها يمين ويسار.
  • إطالة الغرة والتحجيل أي أن يزيد في الغسل بعض شَعرات من مُقدمة الرأس، ويطيل غسل المرفقين والكعبين، ويخلل لحيته وما بين أصابع يديه وقدميه، وتدليك الأعضاء باليد وغيرها .

كيفية معرفة القِبلة للصلاة

كيفية تَحرِّي قِبلة الصلاة وطرق معرفتها:

للمسلمين في عبادتهم قِبلة يتجهون لها عند إقامة شعائر ربهم، وهي الكعبة المشرفة في بيت الله الحرام في البلدة الحرام مكة المكرمة، فلها يتجهون في كل صلواتهم المَفروضة والمَسنونة، وعند نحر الذبائح لله (سبحانه)، وعند الصلاة على الميت ليكون آخر عَهده بالدنيا هي الاتجاه للقبلة عند الصلاة عليه، وعند الدفن فيوجه لها.

وتوجه المُسلمون بأمر من الله للصلاة في اتجاه المسجد الأقصى فترة زمنية حتى أذن الله لنبيه وللمسلمين أن يوجهوا وجههم تجاه المسجد الحرام ليكون قبلتهم الدائمة ليوم القيامة.

وجعل الله التوجه لها شرطاً من شروط صحة الصلاة، فإذا كان المُسلم قريباً منها في الحرم المكي وَجب عليه أن يتوجه للكعبة مباشرةً، أما إذا كان بعيداً عنها، وَجب عليه أن يتجه لجهتها بالتقريب.

كيف يعرف المسلم اتجاه القبلة؟

يعرف المُسلم اتجاه قبلته إذا كان في بلد مُسلم بالمساجد، ويمكنه أن يحدد قِبلته مقارنة بأقرب مَسجد له، أما إذا سَافر، ولم يعرف اتجاه القِبلة وحضرته الصلاة، فليسأل أهل الصلاح والتقوى، فسيدلونه، أما إذا كان منفرداً في صحراء، أو لم يجد أحداً ليسأله أو سَأل، ولم يصل للاتجاه الصحيح، فهناك المُعينات من البرامج أو التطبيقات التي تساعده على معرفة الاتجاه، وعلى الرغم من أنها غير دقيقة جداً إلا أن الإهتداء بها مَطلوب إن تعذرت معرفة القبلة.

قديماً كان الناس يعرفون القِبلة بالنجوم في الليل، فكانوا يعرفون النجم الذي يشير للشمال الجغرافي، فيحددون الاتجاهات الأربعة ثم يتجهون للقِبلة، فمصر -على سبيل المثال- تقع قِبلتها بين الجنوب والشرق، وهذا لا يستطيعه الكثيرون ويلزمه صفاء جو، فلا يصلح في الغيم حيث لا تظهر النجوم .

أما إذا كان في بلد غير إسلامي، ولم يجد طريقاً للاستدلال على القِبلة، فليجتهد بحسب ما يستطيع ويصلي، فإن فوات الوقت أعَظم من تحري القبلة، وخاصة إن فقد الوسائل المعينة.

في الصلوات النافلة عند الركوب في المواصلات كطائرة أو باخرة أو دابة يكون المُسلم أقل تحرياً عن اتجاه القِبلة لفعل النبي (صلى الله عليه وسلم) الذي كان يُصلي النوافل، وهو راكب على ظهر راحلته، ومَعلوم أن الدابة تسير باتجاه البلد الذي ينوي السفر إليه، ولا يُشترط أن يتوافق مع القِبلة، وربما تغير الدابة اتجاهها في أثناء الصلاة نفسها.

كيف تتم طريقة الصلاة الصحيحة؟

سنسرد لكم في تلك المقالة كيفية الصلاة الصحيحة من التكبير إلى التسليم ولكن قبل ذلك سنخبركم أن من شروط قبول الصلاة أن يؤديها المسلم كما كان الرسول (عليه الصلاة والسلام) يؤديها، فروى البُخاري في الصحيح حديث مالك بن الحويرث أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (صلوا كما رأيتموني أصلي).

ونقل الصحابة للتابعين من بعدهم كيف رأوا الرسول (صلى الله عليه وسلم) يُصلي ونقلها التابعون لمن بعدهم حتى وصلت إلينا.

ووضح الرسول (صلى الله عليه وسلم) الكيفية الصحيحة للصلاة في الحديث المُسمى بحديث المُسيء صلاته الذي نقله عنه رفاعة بن رافع (رضى الله عنه) فقال: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّه (صلى الله عليه وسلم) جَالِسٌ وَنَحْنُ حَوْلَهُ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَأَتَى الْقِبْلَةَ فَصَلَّى فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّه (صلى الله عليه وسلم) وَعَلَى الْقَوْمِ فَقَالَ لَهُ: رَسُولُ اللَّه (صلى الله عليه وسلم): “وَعَلَيْكَ اذْهَبْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ”

فَذَهَبَ فَصَلَّى فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّه (صلى الله عليه وسلم) يَرْمُقُ صَلَاتَهُ وَلَا يَدْرِي مَا يَعِيبُ مِنْهَا

فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّه (صلى الله عليه وسلم) وَعَلَى الْقَوْمِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّه (صلى الله عليه وسلم): “وَعَلَيْكَ اذْهَبْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ”

فَأَعَادَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عِبْتَ مِنْ صَلَاتِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّه (صلى الله عليه وسلم): “إِنَّهَا لَمْ تَتِمَّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ (عز وجل) فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَيَمْسَحَ بِرَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ

ثُمَّ يُكَبِّرَ اللَّهَ (عز وجل): (وفي رواية: ثم يقول الله أكبر) وَيَحْمَدَهُ وَيُمَجِّدَهُ وَيَقْرَأَ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ وَأَذِنَ لَهُ فِيهِ

ثُمَّ يُكَبِّرَ (وفي رواية: ثم يقول الله أكبر) وَيَرْكَعَ [ويضع كفيه على ركبتيه] حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ وَتَسْتَرْخِيَ

ثُمَّ يَقُولَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ يَسْتَوِيَ قَائِمًا حَتَّى يُقِيمَ صُلْبَهُ،

ثُمَّ يُكَبِّرَ (وفي رواية: ثم يقول الله أكبر)، وَيَسْجُدَ حَتَّى يُمَكِّنَ وَجْهَهُ وَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ جَبْهَتَهُ [من الأرض] حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ وَتَسْتَرْخِيَ

وَيُكَبِّرَ (وفي رواية: ثم يقول الله أكبر) ، فَيَرْفَعَ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا عَلَى مَقْعَدَتِهِ وَيُقِيمَ صُلْبَهُ، ثُمَّ يُكَبِّرَ فَيَسْجُدَ حَتَّى يُمَكِّنَ وَجْهَهُ وَيَسْتَرْخِيَ (وفي رواية: ثم يقول الله أكبر ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله ثم يرفع رأسه فيكبر) ، [فوصف الصلاة هكذا أربع ركعات حتى فرغ]

فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ هَكَذَا لَمْ تَتِمَّ صَلَاتُهُ”. أخرجه النسائي.

وتفصيل ما قاله النبي (صلى الله عليه وسلم) حول كيفية تعليم الصلاة وخطوات الصلاة كاملة بالترتيب:

أولاً: قبل الصلاة لا بد أن يكون المُسلم على وضوء؛ إما وضوء جديد، أو كان محافظاً على وضوئه، فللمسلم أن يُصلي بالوضوء الواحد ما شاء من الفرائض والسُنن ما لم ينتقض وضوؤه.

ثانياً: أن يُكبر تكبيرة الإحرام بلفظ (الله أكبر) وبهذا يكون دَخل في الصلاة، فيقرأ الفاتحة وما تيسر له من القرآن الكريم في ركعتي صلاة الصبح، وفي الركعتين الأوليين من الصلوات الباقية، ويقرأ بفاتحة الكتاب فقط في الركعتين الأخيرتين من الظهر والعصر والعشاء والركعة الأخيرة من المغرب، ويقرأ بهدوء وطمأنينة.

ثالثاً: يُكبر ويَركع ويَضع كفيه على ركبتيه حتى تطمئن مَفاصله وتسترخي ويقول (سبحان ربي العظيم) ثلاثاً

رابعاً: يقول (سمع الله لمن حمده) للجميع وللمنفرد، والامام والمأموم ويقف حتى يطمئن واقفاً.

خامساً: يُكبر ويسجد حتى تطمئن مفاصله، ويقول (سبحان ربي الأعلى).

سادساً: يُكبر ويرفع من سجوده حتى يطمئن جالساً.

سابعاً: يُكبر، فيسجد مرة ثانية حتى يطمئن ساجداً.

ثامناً: يُكرر ذلك في صلاته كلها.

تاسعاً: يجلس للتشهد.

عاشراً: يُسلم عن يمينه ويساره، وبه تتم الصلاة.

إذن فالشرط المُفتقد في حديث المسيء صلاته كان الاطمئنان، فقد كان الصحابي لا يُحسن الاطمئنان في الصلاة، وكان ينقر صلاته كنقر الديكة فلا يُطمئن راكعاً لا جالساً.

كيفية وضع اليدين في الصلاة

في الحديث الذي سَبق الذي شرح كيفية الصلاة المُسمى بحديث المُسئ صلاته لم يرد عن النبي (صلى الله عليه وسلم) في وضع اليدين شيء مُلزم، ولذا لا يعتبر وضع اليدين من أركان الصلاة ولا شرطاً من شروط صِحتها ولا من واجباتها, ولهذا اختلف العلماء في تحديده لأن الأمر فيه سِعة.

الهيئات التي يمكن أن تكون عليها اليدان في الصلاة:

أولاً: أن تكون اليد اليمنى فوق اليسرى، وهو قول أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب الفقهية.

ثانياً: أن يتم إرسال اليد بجانب الإنسان فلا تُرفع.

ثالثاً: أن يُخير الإنسان بين الرفع والإرسال بلا تفضيل لأحدهما على الأخر.

وفي النهاية، هذا أمر ليس من أركان الصلاة ولا واجباتها، فالخلاف فيه يسير ولا يضر، فيصلي كل إنسان بأي الاختيارات بلا تضييق.

طريقة الخشوع في الصلاة

كيف يخشع المسلم في صلاته؟

حينما مَدح الله المؤمنين اختص بالمدح الخاشعين في الصلاة كأول صِفة مِتوفرة فيهم، فقال (سبحانه): (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ) سورة المؤمنون 1,2.

والخِشوع هو ذُل القلب وخِضوعه بين يدي خالقه (سبحانه)، فالمُسلم الحقّ حين يستشعر أنه واقف بين يدي مَلك الملوك وجبار السماوات والأرض، ومن يقول للشيء كن فيكون؛ يستشعر جلال الله وقدره، فيخبت قلبه وتخشع جوارحه، ويستشعر ذلته بين يدي مولاه العزيز، وفقره بين يدي مولاه الغني، وضعفه بين يدي مولاه القوي، وحاجته بين يدي مولاه الكريم، فتسكن كل جوارحه وينكسر قلبه ويتذلل لربه.

فمجرد أداء الصلاة بلا خشوع لا ينال به المُسلم الأجر الكامل، بل الأجر الكامل لمن خشعت قلوبهم، ليصل إلى مرحلة الإخبات وينال البُشرى التي وعدهم ربهم: (وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَىٰ مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ) سورة الحج 34, 35

والخشوع صفة قَلب لا صفة جوارح، فقد يتعمد أن يظهر الإنسان الخشوع بجوارحه فقط بأن يطأطيء رأسه ويتباكى، وما في قلبه ذرة من الخشوع.

ويتحقق الخشوع بالتدبر في الصلاة، فمن يتفكر في صلاته يدرك أنه لو مِثل بين يدي مسئولٍ كبيرٍ لاضطرب قلبه، فكيف بمن يقف بين يدي مَلك الملوك (سبحانه)؟!، ولهذا كان سِلفنا الصالح تتغير أحوالهم إذا اقترب الوقت وحضرت الصلاة، فهذا علي بن الحسين رحمه الله إذا توضأ صَفر لونه، فيقول له أهله: ما هذا الذي يعتريك عند الوضوء؟ فيقول: أتدرون بين يدي من أقوم؟ [رواه الترمذي وأحمد.

الشرح: أي أنه سيقف أمام رب العالمين، فكيف يتعجبون من اصفرار وجهه؟!

ومن خَشع في صلاته اطمأنت حركته في صلاته، فينال أجر الصلاة كاملة، فلا يتعجل فيها، ويعطي للركوع حقه وللسجود حقه، ويطمئن بذكر الله (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

كيفية السجود في الصلاة

هذه أيضاً ليست من الواجبات التي حددها النبي (صلى الله عليه وسلم) في حديث المسيء صلاته، ولهذا فالاختلاف فيها اختلاف يسير؛ قال العلماء أن في كيفية النزول إلى السجود هيئتين وكيفيتين وحيدتين:

الأولى: أن ينزل المسلم على ركبتيه قبل أن تلمس يداه الأرض.

وبهذه الكيفية قال جمهور الفقهاء واستدلوا بحديث الصحابي وائل بن حُجْر (رضى) الله عنه حيث قال: «رَأيتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَجَدَ وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قبل يدَيْهِ، وإذا نَهَضَ رَفَعَ يدَيْهِ قبْل رُكْبَتَيْهِ» (أخرجه أبو داود في سننه)

الثانية: أن ينزل فيضع يديه أولاً على الأرض ثم تنزل ركبتاه.

وهو قول بعض العلماء منهم المالكية واستدلوا بحديث آخر، ولكن رأي الجمهور أقوى لقوة حديثهم.

وعلى الرغم من هذا، فإن الصلاة صحيحة لمن بدأ بالركبتين في النزول للسجود أو لمن بدأ باليدين لأنها مسألة خلافية لا تتأثر بها صحة الصلاة، ولعلها تُيسر للمرضى وكبار السن الذين لا يستطيعون أن ينزلوا على الركبتين مُباشرة أن ينزلوا على أيديهم، فيكون الأصل النزول على الركبتين أولاً، فإن لم يستطع، فالأمر يسير ينزل على يديه، ولا ينكر أحد على أحد، فليس فيهم مُخالف للسُنة.

طريقة سجود السهو

السهو والنسيان من سِمات الإنسان، ولقد ورثناها عن أبينا آدم (عليه السلام) فقد قال الله (سبحانه) عنه (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا) سورة طه (115)، والله (سبحانه وتعالى) وحده الذي لا تأخذه سِنة ولا نوم.

ومن ثَم كان السهو في العبادات أمراً متوقعاً في كل بني آدم، وخاصةً من سعي الشيطان لكي يُصرف الإنسان عن الطاعات ويشغله عنها، فإن نجح الإنسان في الدخول في العبادة يلجأ الشيطان إلى حيلة أن يشغله فيها، ولهذا كان له تشريع خاص من الله (سبحانه) يعالج الخلل ويجبر النقص، وذلك عن طريق سجود السهو.

وقد علمنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) طريقة تصحيح السهو في الصلاة فقال: (إذا شك أحدُكم في صلاتِه، فليتحرَّ الصوابَ فليُتِمَّ عليه، ثم ليُسلِّمْ، ثم يَسجُدْ سجدتين) رواه البخاري.

والشك هنا في عدد ركعات الصلاة أو في أداء سُنة من السُنن لأن الخطأ في أداء ركن من أركان الركعة يُفسدها فلا يجبرها سجود السهو، فلو نسي قراءة الفاتحة أو الركوع مثلاً، فإن الركعة لا تحتسب الركعة.

وسجود السهو سجدتان يسجدهما المُصلي في الفرض أو النافلة بعد أداء التشهد، ولا يقول بالتشهد بعدها بل يُسلم مباشرة، ويسُنّ له أن يقول فيهما (سبحان ربي الأعلى) ويُستحب أن يقول أيضاً (سبحان من لا يسهو ولا ينام) ويقول بين السجدتين رب اغفر لي رب اغفر لي.

سجود السهو قبل التسليم أم بعده؟

قال العلماء بأن سجود السهو يكون قبل السلام في أحوال، ويكون بعده في أخرى:

فالسجود بعد التسليم يكون في حالة الخطأ بزيادة ركعات أو أي عمل في الصلاة من جِنسها كأن يركع ركوعين في ركعة سهواً أو يسجد ثلاثاً أو يصلي الأربعة خمساً أو الثلاثة أربعاً، وهكذا، فروى عبد الله بن مسعود -رضى الله عنه- قائلاً: (صلّى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- الظهر خمساً، فقالوا: أزيد في الصلاة؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: صليت خمساً، فثنى رجليه، وسَجد سجدتين) رواه البخاري.

وأما السجود قبل التسليم فيكون بسبب الخطأ بالنقص في صلاته بما لا يؤثر على ركعته كأن ينسى قول (سبحان ربي العظيم) في الركوع أو (سبحان ربي الأعلى) في السجود، أما لو نسي ركناً تبطل الركعة ويلزمه إلغاؤها وصلاة ركعة أخرى بخلاف التي نسى فيها الركن.

فإن تذكر أثناء الصلاة استكمل الركعات وسَجد للسهو، وأن تَذكر بعد الصلاة أتى بالركعة وسجد للسهو، كما فعل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- فيما رواه عنه أبو هريرة -رضى الله عنه- حينما قال: (صلّى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- الظهر ركعتين، فقيلَ: صلّيت ركعتين، فصلّى ركعتيْن، ثم سلّم، ثم سجدَ سجدتين) رواه البخاري.

أما إذا نسى التشهد الأوسط، فعليه أن يسجد للسهو قبل السلام، وإذا تذكر لحظة القيام عاد للجلوس إن كان أقرب للجلوس أما إذا كان أقرب للقيام قام ويلزمه سجود السهو.

كما فعل النبي (صلّى الله عليه وسلّم) فقال عبد الله ابن بحينة (رضى الله عنه): (أن النبيَّ -صلّى الله عليه وسلّم- صلّى بهِم الظهر، فقام في الركعتين الأُوليين، ولم يجلِس، فقامَ الناس معَه، حتى إذا قضى الصلاةَ، وانتظَر الناس تسليمه، كبّر وهو جالسٌ، فسجد سجدتين قبل أنْ يُسلّم، ثم سلّم) رواه البخاري.

تنبيهات

إذا شك الإنسان أثناء صلاته هل صلى ثلاثاً أم أربعاً، فليختر الأقل ويكمل الرابعة.

المأموم مُتبع لإمامه فإن سَجد للسهو سَجد معه، وإن لم يَسجد، لا يَسجد.

كيفية قراءة التشهد في الصلاة

اسم التشهد إذا قِيل على سبيل العموم يكون التشهد المَقصود في الجَلسة الأخيرة قبل السلام بعد انتهاء ركعات الصلاة مثل صلاة الصبح، أما إذا كانت الصلاة ثلاثية أو رباعية يكون فيها تشهدان التشهد الأول أو التشهد الأوسط ما يكون بعد أداء ركعتين، والتشهد الأخير ما يكون بعد انتهاء الركعات كلها بعد الثالثة في المغرب، وبعد الرابعة في الصلوات الرباعية في باقي الصلوات.

وصفة الجلوس في التشهد هيئتان بحسب ما وَرد في السنة النبوية بالافتراش أو التورك، أما الافتراش فيكون بافتراش القدم اليسرى والجلوس على باطن قدمه، ويكون ظهرها ناحية الأرض مع نصب القدم اليمني، وتكون أصابع القدم في اتجاه القِبلة، وهو في جلوس التشهد الأول في الصلاة الرباعية والثلاثية، وعند الجلوس بين السجدتين، وعند التشهد الأخير في الصلاة الثنائية.

أما التورك فهيئته أن ينصب قدمه اليمنى، ويخرج قدمه اليسرى من تحته لتكون بالقرب من أسفل الساق اليمنى، ويجلس على مقعدته اليُسرى على الأرض، ويكون هذا في التشهد الأخير في الصلاة الرباعية والثلاثية.

وهاتان الهيئتان تشترك فيهما المرأة والرجل على حد سواء، فهما مُخاطبان بالحديث (صلوا كما رأيتموني أصلي) وهكذا كان يفعل النبي، فعن عبد الله بن الزبير قال: ” كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا قعد في الصلاة جعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه وفرش قدمه اليمنى ووضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، وأشار بإصبعه “. رواه مسلم

وهاتان الهيئتان من السُنن فنظراً لمرض البَعض أو لسِمنة وقلة حركة وتيبس مفاصل لا يَقدر عليهما الكثير من الناس، فيجلس كل بما تيسر له أو يطيق.

أما عن وضع اليدين فإن السُنة أن يقبض الإصبعان الصغيران الخِنصر والبنصر وأن يحلق بالوسطي والإبهام، وأن يترك السبابة حُرة ليحركها عند الدعاء وتظل الأصابع مَعقودة على هذه الصفة إلى أن تنتهي الصلاة، بينما تبسط اليسرى على الفَخذ قريبة من الركبة.

وهذه أيضاً من سُنن الصلاة، فإن تركها المُسلم لا تفسد صلاته لكنه ينال حسنات الإقتداء برسول الله إذا فعلها.

أما عن كيفية التحية في الصلاة فقد وردت أكثر من صيغة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) فيجوز للمُسلم أن ينوّع فيها، ولكن الصيغة التي وردت عن عبد الله بن مسعود (رضى الله عنه) هي الأشهر وهي: (التحيّات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته، السلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين، أشهد ألّا إله إلّا الله، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله).

وبعدها تكون الصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم) وأتمها الصلاة الإبراهيمية وهي التي رواها البخاري ومُسلم عن كعب بن عجرة (رضى الله عنه) “اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد “.

كيفية الوضوء والصلاة الصحيحة بالصور

أولاً: الوضوء

ثانياً: الصلاة

كيفية التسبيح باليد بعد الصلاة

ختام الصلاة من سُنن النبي (صلى الله عليه وسلم) وله فضل عظيم لإن الدرجات العلى عند الله تنال بمزيد من الطاعات والحسنات وبالتالي رفع الدرجات في الجنة.

وبذكر الله وقت الرخاء يعرفك الله في وقت الشدة، كما قال المصطفى (صلى الله عليه وسلم): (تعرَّف إلى الله في الرخاء يَعْرِفْك في الشدة) حديث صحيح صححه الألباني.

والذِكر يقوي الجسم وينير الوجه، ويجلب الرزق ويمحو الذنوب وينزل القطر من السماء ويمنح البَركة في الأولاد، كما جاء في الآيات الكريمات على لسان نوح عليه السلام: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) سورة نوح من الآية 10 إلى الآية 12.

وختام الصلاة يبدأ بالاستغفار، فيقول ثوبان (رضى الله عنه): «كان النبي (صلى الله عليه وسلم) إذا انصرف من صلاته استغفر الله ثلاثاً وقال: “اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرا”م رواه مسلم وغيره.

وبعد ذلك يسبح الله ثلاثاً وثلاثين ويحمده ثلاثاً وثلاثين ويكبره ثلاثاً وثلاثين، ويتم المائة بقول لا إلَهَ إلَّا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الملْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ فقد جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ( مَنْ سَبَّحَ الله فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثاً وَثَلاثِينَ، وَحَمِدَ الله ثَلاثاً وَثَلاثِينَ، وَكَبَّرَ الله ثَلاثاً وَثَلاثِينَ، فَتِلْكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ تَمَامَ المِائَةِ: لا إلَهَ إلَّا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الملْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ) رواه مسلم.

التسبيح بعد الصلاة على الأصابع

في السُّنة كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يُسبح على أصابعه واليُمنى أفضل من اليسرى وإن سبّح باليسرى مع اليمنى فلا حرج، ومن السُّنة أن يقول (سبحان الله والحمد لله والله أكبر) ثلاثاً وثلاثين مرة، ثم يختم بقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير»، ولو افرد بالتسبيح وقال سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله ثلاثة وثلاثين، الحمد لله، الحمد لله ثلاثة وثلاثين، الله أكبر، الله أكبر، ثلاثة وثلاثين وختم بالمائة فلا حرج في ذلك، فكل ذلك ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والأمر متسع.

ما هي كيفية صلاة النوافل؟

النافلة تعني الزيادة، وهي زيادة الطاعات من جنسها بحسب ما ورد عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، وهي باب لإرضاء الله فكل نافلة تطوعية من صلاة وصيام وزكاة وحج تزيد في حسنات المسلم.

والنوافل تجبر الفرائض، فإن كان في الفرائض تقصير جبرتها النوافل لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): (إن أول ما يُحاسب به العبد يوم القيامة صلاته، فإن وجدت تامة كتبت تامة، وإن كان انتقض منها شيئاً قال انظروا هل تجدوا له من تطوع، فإن كان له تطوع أكملت الفريضة من تطوعه، ثم يفعل بسائر الأعمال المفروضة مثل ذلك). رواه النسائي عن أبي هريرة وصححه الألباني.

وتنقسم النوافل في الصلاة إلى قسمين:

الأول: النوافل الرَّواتب، وهي النوافل المُتعلقة بالفرائض أي التي يتم أداؤها قبل أو بعد الصلوات المفروضة، وهما اثنتا عشرة ركعة: ركعتان قبل صلاة الفجر، أربع ركعاتٍ قبل أداء صلاة الظُّهر، وركعتان بعد أدائها. ركعتان بعد أداء صلاة المغرب، ركعتان بعد صلاة العشاء.

وفضل أداء هذه السُنن الرواتب عظيم، فقد قالت أم حبيبة (رضى الله عنها) زوج النبي (صلى الله عليه وسلم): سمعتُ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: (مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي لِلَّهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ ، إِلَّا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ) رواه مسلم.

الثاني: النوافل غير الرواتب، وهي النوافل التي لا ترتبط بالصلوات الخمس، مثل:

  • صلاة الوتر، وعدد ركعاتها فُردي من ركعة إلى إحدى عشرة ركعة.
  • صلاة الضُّحى، وعدد ركعاتها زوجي من ركعتين أو إلى اثنتي عشرة ركعة.
  • صلاة العيدين، وعددها ركعتان، وتُصلي جماعة.
  • صلاة الاستسقاء، وعددها ركعتان، وتصلي جماعة.
  • صلاة الخسوف والكسوف، وعددها ركعتان، وتصلي جماعة أو منفرداً
  • صلاة قيام اللُّيل، يتم تأديتها كل ركعتين بتسليم، وليس لها عدد مُحدد فيُمكن للمسلم بحسب اجتهاده في الطاعة أن يصلّي ما يشاء من عدد الركعات.

وليعلم المُسلم أنه كلما زاد في الركعات من النوافل الراتبة وغير الراتبة إنه يزيد أجره، ويمحو سيئاته، كما قال ربنا (سبحانه): (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ) سورة هود /114.

كيفية قضاء الصلاة الفائتة في اليوم التالي

كل صلاة فات وقت أدائها تسمى فائتة، وأحياناً يمنع المُسلم من أداء الصلاة مانع عن غير عَمد منه مثل الاستغراق في النوم أو نسيانها أو الإغماء أو إجرائه لعملية جراحية، وربما يمنعه مانع يكرهه، ويجبره على عدم الصلاة، فتسمى حينئذ الصلاة بالفائتة.

في الأحوال السابقة يصير واجباً على المُسلم البالغ العاقل قضاء ما فاته من الصلوات امتثالاً لأمر الرسول (صلى الله عليه وسلم) (مَن نسِيَ صلاةً فليُصَلِّ إذا ذكَرها، لا كفارةَ لها إلا ذلك) صحيح البخاري.

وهناك أحوال لا يلزم قضاء الفائتة، فلا يلتزم الصبي والمُجنون ولا المُسلم حديثاً بما فاته من الصلوات قبل إسلامه، ولا تلتزم المرأة بأداء الصلوات الفائتة أثناء فترة الحيض أو النفاس إنما تلتزم بإعادة الصيام فقط.

ومن فاته عدداً من الصلوات فليصلهم جميعاً وقت تذكرهم ويبدأ بالصلاة الحالية المُفروضة التي حل وقتها، ويقضي الفوائت بالترتيب، وتُعاد صلاة الليل في النهار والليل وكذلك صلاة النهار تعاد في أي وقت.

ومن فاته صلوات كثيرة، ولا يدري عددها فليرجح ويقضي منها ما يستطيع في أي وقت يتاح له، فلا يلزم بأداء الظهر مع الظهر والعصر مع العصر.

وأما من كان عاصياً وتاركاً للصلاة وتاب إلى الله، فإن التوبة تهدم ما قبلها ولا قضاء عليه ولا إعادة.