خطبة قصيرة عن التقوى

التقوى هي إيمان راسخ يستقر في سويداء القلب، ويصدقه العمل، ويطابقه القول، فيصبح الإنسان وحدة واحدة متجانسة مترابطة، يقول ما يفعل ويفعل ما يعتقد في صوابه، والإنسان التقي يلوم نفسه على كل كبيرة وصغيرة يقوم بها، ويحاسب نفسه حسابًا عسيرًا على أي تقصير أو خطأ ويسعى دائمًا لإصلاح الخطأ، بينما ترى الفاجر يفعل كل الموبقات دون أن يهتز له جفن.

خطبة قصيرة عن التقوى

خطبة قصيرة عن التقوى بالتفصيل

خطبة قصيرة عن التقوى

الحمد لله حمدًا يليق بجلاله وإكرامه، وسبحان الذي يختص برحمته من يشاء، ويرفع الكرب عن من يشاء، ويعز من يشاء ويذلّ من يشاء وإليه ترجعون، وصلي اللهم وسلّم وبارك على نبيك الكريم محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم.

أما بعد؛ أيها الإخوة الكرام، إن النفوس على ثلاثة أحوال، فهناك النفس التقية النقية التي تراعي الله في السرّ والعلن، وتطمئن بأنه قادر على كل شئ، وأن الدنيا إلى زوال، وأن الحياة الآخرة لهي الأحق بالاهتمام، وأن الدنيا هي دار عمل، والآخرة دار البقاء والراحة، إنها النفس التي وصفها ربّ العزّة بالنفس المطمئنة في قوله تعالى: “يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي.”

وهناك النفس اللوامة، التي تخطئ فتتوب، وتنسى فتذكر، وتعمل السوء فترجع إلى الله، إنها نفس قريبة إلى رحمة الله وعفوه، يجهادها صاحبها ليبقيها على ما يرضي الله وهي التي وصفها الله في قوله: “لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ.”

وهناك النفس الأمارة بالسوء، والتي تدخل صاحبها في غيبات المعاصي، وتهوي به في نار جهنم، وتستبيح الحرمات، وتفعل المحرمات غير أسفة ولا نادمة، إنها نفس قد ثقلت عليها الخطايا وأعمتها الشهوات، وصارت إلى هلاك محتّم، ولقد وصفها الله تعالى في قوله: “إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ.”

يقول أبو الدرداء: “تمام التقوى أن يتقي الله العبد حتى يتقيه من مثقال ذرة وحتى يترك بعض ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراما يكون حجابا بينه وبين الحرام فإن الله قد بين للعباد الذي يصيرهم إليه فقال: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) فلا تحقرن شيئا من الخير أن تفعله ولا شيئا من الشر أن تتقيه.”

خطبة عن التقوى والمتقين

إن الأتقياء الأنقياء طريقهم محفوف في الدنيا بالمخاطر، وهم في كل ما يلقونه من تعب ونصب لاجتناب المحرمات يشعرون بنور في قلوبهم، إنه نور الرحمن، الذي يهديهم ويقويهم، وينصرهم، ويؤيدهم ويذكرهم، ويعد لهم في الآخرة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فهو وحده يجازي المتقين بصلاحهم، وبتقواهم وهو القائل: “إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ، وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ، لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ.”

خطبة قصيرة عن تقوى الله

إن التقوى هي تمام الإيمان، ونصيبك من الإيمان يوازي نصيبك من التقوى، فكلما كنت أكثر حرصًا على طاعة الله، وتجنّب ما نهى عنه، وأصبحت خيّرًا عفيفًا تحب الخير، وترفض الشرور، وتسعى لإحقاق الحق، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتفعل ما تقول وتقول ما تفعل، كلما كنت أقرب إلى الإيمان، وكنت من عباد الله المصطفين الأخيار، الذين يرثون الفردوس هم فيه خالدون.

لقد جاء الإسلام ليساوي بين الناس جميعًا فهو لا يفرّق بين الناس بسبب ألوان بشرتهم، أو أجناسهم، أو لغاتهم، أو بحسبهم ونسبهم، فكل هذه الأشياء هي متاع الحياة الدنيا، والله يملك خزائنها، وقادر على أن ينزعها من هؤلاء ويمنّ بها على أولئك، فهي ليست معيار الشرف والفضل والقرب من الله، ولكن ما يميز حقًا بين الناس هو التقوى.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: “يا أيُّها الناسُ إنَّ ربَّكمْ واحِدٌ ألا لا فضلَ لِعربِيٍّ على عجَمِيٍّ ولا لِعجَمِيٍّ على عربيٍّ ولا لأحمرَ على أسْودَ ولا لأسودَ على أحمرَ إلَّا بالتَّقوَى إنَّ أكرَمكمْ عند اللهِ أتْقاكُمْ.”

فالإسلام جاء ليلغي العادات الجاهلية التي تجعل الناس تتفاخر بالحسب والنسب، ولقد نهى الله عن سخرية الناس بعضهم من بعض فربما من هو أقل شأنًا أكرم عند الله ممن رزقه الله المال والسلطة.

قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ.”

خطب عن التقوى مكتوبة

الحمد لله القادر القاهر فوق عباده، وهو يعلو ولا يعلى عليه، بيده الخير، وإليه يرجع الأمر كله عاجله وأجله، ونصلى ونسلم على الحبيب الشفيع الهادي الرسول سيدنا محمد عليه وعلى آله وصحبه أتم التسليم.

أما بعد؛ أيها الإخوة الكرام، إن الله يحب من عباده الأتقياء، الذين يرقبونه في كل أعمالهم وأقوالهم، ويعلمون أنهم ملاقوه، وأن الدنيا قصيرة، وهو يحب من العبادات الصيام لأنها له وحده، وتتجلى فيها التقوى في أزهى صورها، فالأتقياء يتركون الطعام والشراب وكل ما حرّم الله ليرضى عليهم ويغفر لهم، ولذلك هو يجازيهم جزاءً فريدًا ليس لأحد غيرهم كما جاء في الحديث القدسي: “كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ، فإنَّه لي وأَنَا أجْزِي به.” وقال في كتابه الحكيم: “كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.”

والتقوى خير زاد إلى الآخرة، حيث دار المقامة، ولباس التقوى هو خير للإنسان، وشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله هي كلمة التقوى كما جاء في قوله تعالى: “وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَىٰ وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا.”

والتقوى هي محور آيات الله ودعواه إلى البشر من لدن أدم، أن أطيعوا الله واتقوه، وأن أمنوا به، قال تعالى: “وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ.” إنها التقوى التي ترفع الإنسان إلى مصاف الملائكة، وتجعله أهل لرحمة الله وعفوه وجنته.

خطبة قصيرة جدًا عن التقوى

اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، لا نحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، ونشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، ولا نقول إلا “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.” و  “رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ.”

أما بعد؛ أيها الحضور الكريم، إن الإنسان الخيّر التقي القريب من ربّه المؤمن بوحدانيته، إذا ما ذُكّر بآيات الله أناب إلى الله واستغفره عمّا بدر منه، واتقاه، أما الفاجر الكافر الذي ختم الله على سمعه وبصره إذا ما ذكّره أحد بتقوى الله أخذته العزّة بالإثم، فهو كما قال الله تعالى عنه: “وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ.”

إن الله يجازي المتقين بأفضل ما عنده، وهو يجازي المستكبرين جحيمًا هم فيه خالدون، فاتقوا يوم لا تملك نفسًا أن تدفع النار عن وجهها لأنها نست يوم الحساب وعاثت في الأرض فسادًا وانتهكت الحرمات وطغت وبغت وفجرت وظنت أن لن يقدر عليها أحد.

الكاتب : hanan hikal