الاستخارة هي إحدى النعم التي وهبها الله (عز وجل) لعباده المؤمنين الصالحين، كما أنها من السُنن النبوية الشريفة المهجورة من قِبل الكثير من المسلمين، فينبغي على كل مؤمن أن يعود نفسه على اتباع هذه السنة الشريفة حيث أن كثرة آدائها يدل على قوة الإيمان والرضا بقضاء الله وقدره، نسلط الضوء خلال المقال التالي على دعاء الاستخارة وفوائدها وكيفية أدائها.
دعاء الاستخارة بمثابة طلب العون والمساعدة من الله (عز وجل)، كثيرًا ما يَسأل المسلم عن ما هي أهم المسائل التي ينصح بها علماء الدين بطلب العون والاستشارة من الله (عز وجل)، وتأتي الاجابة الشافية لا يحقر المسلم شيئًا صغيرًا يستخير فيه الله (عز وجل) باعتبار أن كبائر الأمور في الحياة عادةً ما تبني على صغيرها، ويفوض العبد أمره إلى الله (عز وجل) ثم يسأله من فضله العظيم أن يختار له بين أمرين لا يعلم العبد أيهما أفضل له.
يوقن العبد باختيار الله بأنه دائمًا ما يختار له الأفضل طالما استخاره في أمور حياته، وهذا بمثابة اعتراف من العبد بقدرة الله (عز وجل) وفضله وعلمه العظيم.
أما عن الدعاء الصحيح الواجب على المسلم تلاوته في هذه الصلاة هو من الحديث الصحيح المنقول عن حضرة سيدنا النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنهما)، قال:
كَانَ رسُولُ اللَّهِ يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ، يَقُولُ: “إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ لْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ؛ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلاَّمُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأمْرَ -وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ- خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي – أَوْ قَالَ: عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ – فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي – أَوْ قَالَ: عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ – فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِيَ الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ”.
دعاء الاستخارة دعاء صحيح منقول عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، ولذا يَصح للمسلم أن يستخير من الله (عز وجل) في الأشياء التي تكون متاحة للفرد ولا تمت للمعصية بصِلة، ومن تلك الأمثلة الزواج أو السفر أو العمل في مكان معين، وكذلك في التجارة، وغيرها من القرارات الهامة في حياة الإنسان التي يقف أمامها حائرًا.
ولكن يبقى السؤال هل يجوز طلب العون من الله (عز وجل) في الواجبات المُكلف بها المُسلم من ربّ العباد مثل الصلاة أو الصوم؟
هذا غير جائز، ناهيك عن المُحرمات والمكروهات لا يستخير فيهم، كثيرًا ما يُصاب المسلم بالحيرة خاصةً إذا كان الأمر متعلقًا بالسفر أو إلى طلب العمل أو الزواج، وفي هذه الحالة يحق للمؤمن الاستعانة بالله (عز وجل) عن طريق أداء صلاة الاستخارة والاستشارة من المخلوقين بمن لديه الرأى السديد، وفقًا لما نصحنا به شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله).
أعزائي، دعاء الاستخارة للسفر مكتوب سابقًا ويجوز الالتزام بما وُرد في الحديث الشريف عن حضرة سيدنا النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) دون زيادة أو نقص على دعاء الاستخارة،
ويُنصح المسلم بأداء ركعتين الاستخارة قبل الخلود إلى النوم حيث أن في بعض الأحيان يشاهد المستخير حلمًا يدله على الاختيار الصحيح والموفق، وفي بعض الأحيان لا تراوده أى رؤى، ولكنه يستشعر بتوفيق الله (عز وجل) في ما استخاره به سواء كان بالقبول أو النفور.
خلال السطور التالية نوضح إليكم بشيء من التفصيل كيفية صلاة الاستخارة للسفر، وكيف نقوم بإدائها بشكل صحيح لتحقيق المرجو منها، وهي على النحو التالي:
يَجد المستخير نفسه بعد أداء الصلاة مقبلًا على أحد الأمرين التي استخار الله فيها، أو يجد نفسه منصرفاً وغير راغبًا عن أحد هذين الامرين، فإن كان خيرًا تيسر له وأتمه الله (عز وجل) وإن كان شرًا صرفه الله عن عنه، فإن كان خيرًا لأدركه، على المؤمن الحق أن يُسلم باختيار الله ويرضى بما كتبه له الله (عز وجل) لأجل يشعر براحة البال والطمأنينة بعد الحيرة والقلق.
وهنا يتضح للمسلم جليًا أنها نتيجة الصلاة التي قام بإدائها، هذه الصلاة تعود بالنفع والفائدة على المسلم في حياته.
كان النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) يعلم أصحابه (رضي الله عنهم) الاستخارة في جميع أمور حياتهم كما علمهم سور القرآن الكريم، أما عن فوائد صلاة الاستخارة وثمارها، فإن ثمارها عظيمة وفوائدها كثيرة لا تُعد ولا تحصى، وهي تتمثل فيما يلي: