لقد شرع الله خطبة يوم الجمعة، قبل صلاة الجمعة، في خير يوم طلعت عليه الشمس وغربت، اليوم الذي يُغفر فيه الذنوب ويستجاب فيه الدعاء، وتُرفع الدرجات، وخطبة الجمعة هي خطبة جامعة يلتقي الناس في المسجد لسماعها، حيث يتعلمون منها أمور دينهم ودنياهم، ويسألون عمّا يعرض لهم من أمور، ويتشاورون في كافة الأمور التي تعنيهم، وهو لقاء يتجدد، وتذكرة وعبرة لأولي الألباب.
قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ.”
أروع خطب يوم الجمعة
إن خطبة الجمعة تنقسم إلى قسمين، يلقي الخطيب الخطبة الأولى ثم يجلس، ثم يلقي الخطبة الثانية، وهي من الشعائر التي يمارسها المسلمون إسبوعيًا في جميع أنحاء العالم، على مذهب أهل السنّة والجماعة، وللخطبة شروط يجب أن تستوفى، وكذلك للخطيب الذي يلقي الخطبة مجموعة من الشروط التي حددها الشرع.
وخطبة الجمعة بمثابة منبر إعلامي للمسلمين، قبل ظهور وسائل الإعلام الآخرى، ويكون موضوع الخطبة عادة عبارة عن مسألة إجتماعية او دينية، أو مناسبة عامة مثل الحج أو شهر رمضان الكريم، وعادة ما تقام صلاة الجمعة في المساجد الكبرى التي يطلق عليها إسم “المسجد الجامع”.
ولقد اختلف العلماء حول خطبة الجمعة وما إذا كانت واجبة أم غير واجبة، فمنهم من اعتبرها شرطًا لصحة صلاة الجمعة، ومن هؤلاء، الأئمة الأربعة، والبعض الآخر اعتبرها غير واجبة، ومن هؤلاء الحسن البصري وبعض المالكية.
ومن أروع خطب الجمعة تلك التي بدأ بها الرسول عليه الصلاة والسلام هذه الشعيرة في المدينة المنورة في بداية سنوات الهجرة، ومما جاء في خطبته الأولى صلوات ربي وسلامه عليه: “خذوا بحظكم، ولا تفرّطوا في جنب الله، فقد علّمكم الله كتابه، ونهج لكم سبيله، ليعلم الذين صدقوا ويعلم الكاذبين، فأحسنوا كما أحسن الله اليكم، وعادوا أعداءه، وجاهدوا في الله حقّ جهاده، هو إجتباكم وسمّاكم المسلمين، ليهلك من هلك عن بيّنة، ويحيى من حيّ عن بينة، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله.”
أما الخطبة الثاني فجاء فيها: “أحبوا الله من كل قلوبكم، ولا تملّوا كلام الله وذكرَه، ولا تَقْسُ عنه قلوبكم، فإنّه من كلِّ ما يخلق الله يختار ويصطفى، قد سمّاه الله خِيرتَه من الأعمال، ومصطفاه من العباد، والصالَح من الحديث، ومن كلّ ما أُوتي الناس من الحلال والحرام، فاعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وإتقوه حقّ تقاته، وأصدُقوا الله صالح ما تقولون بأفواهكم، وتحابّوا بروح الله بينكم إنّ الله يغضب ان يُنكَث عهده، والسلام عليكم.”
خطبة الجمعة قصيرة
الحمد لله العالم بما في السرائر، هو الذي عنده علم كل شئ، يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وهو على كل شئ قدير، أما بعد، لقد خلق الله الإنسان من عدم، وقال له كن فتمثل بشرًا سويًا، ولقد منحه الاختيار لينظر أيؤمن أم يكفر، وخلق فيه الضمير، فبالضمير الحي الذي يتقي الله يحفظ الإنسان اتزان الكون من حوله، وبغياب الضمير وغفلته، يختل توازن كل شئ، قال تعالى: “وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا.” إلا إن الإنسان كثيرًا ما يغفل عن ذكر الله، وينسى أنه هنا مطلع على ما بداخله، فيفعل المنكرات، ويسيء إلى غيره، ويهدر الحقوق، ويفعل الفواحش ظنًأ منه أنه في أمان من العقاب، وقد يتخفّى ويرتكب جرمًا لا يرضاه الله ورسوله، قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ، الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ، فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَك.”
إن الضمير الحي هو طاقة دافعة نحو كل ما هو صالح وخير في الحياة، وهو نور وهدى لصاحبه، وهو يجعل الإنسان يراقب نفسه ولا ينتظر على أفعاله رقيبًا، وهو يتجنب الفواحش والمنكرات، ويفعل ما يرضي ربّ العزّة، ويمتلك تلك الجوهرة الثمينة التي قال عنها ربنا في كتابه الحكيم النفس اللوامة، كما جاء في الآية الكريمة: “لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ.” وبدون هذا الضمير وهذه النفس اللوامة لا يجد الإنسان ما يردعه عن ارتكاب الموبقات كلها، وإتيان الفواحش والأفعال المنكرة، وبدون هذا الضمير الحي يصبح العالم مكانًا بشعًا يأكل فيه القوي الضعيف، ويعيث فيه الناس فسادًا.
إن الإنسان التقي ليس منزهًا عن الذنوب والمعاصي، ولكنه قريب من الله، لديه ضمير حي، إذا حاد عن الطريق لامه وأعاده، وإذا أخطأ جعله يستغفر ويحاول إصلاح أخطائه، اما الإنسان الذي مات ضميره فإنه يصر على الخطأ ويستبيح الفواحش، ويستمريء الظلم، ويهدر الحقوق وكأنه لا يوجد إله ولا أخرة ولا حساب ولا عقاب، وفي ذلك جاء قوله تعالى: “وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ.”
فيا إخواني، أيقظوا الضمائر بذكر الله، وراقبوه في السر والعلن، ولا تستمرئوا ستره عليكم، فإنه قادر على أن يبدل أحوالكم.
أروع خطب يوم الجمعة قصيرة عن التقوى
سبحان الله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذو الطول، سبقت رحمته عدله، وهو الذي أرسل الرسل برحمته هاديين ومعلمين ومذكرين بالحساب والعقاب، وصلاة وسلام على نبيه الكريم، الذي بعث تقيًا نقيًا وكان صادق الوعد أمينًا حييًا، سبحان ربي خالق كل شئ وهو الذي يجير المتقين من كل ضيق وبلاء كما جاء في قوله تعالى: “وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ.”
إن تقوى الله من أفضل الأعمال، وبها يصل الإنسان إلى الجنة، فالله يحب المتقين، وبالتقوى تنال أرفع المنازل، إن الإنسان التقي يعرف أن الله الواحد القاهر رب كل شئ، وهو القادر على كل شئ، وهو أخذ بكل ناصية ولا يعذب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، ولذلك هو يوكل أمره كله لله، ولا يراقب إلا الله في القول والعمل، وفي السر والعلن، فاللهم اجعلنا من المتقين، ومن ورثة جنّة النعيم وكن لنا وليًا ونصيرًا في الدنيا والآخرة.”
أروع خطب يوم الجمعة قصيرة عن الصبر
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وهو الذي خلق كل شئ فأحسن خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين، وهو الذي أوصانا بالصبر، وجعل الجنة والصلاح والفلاح جوائز الصابرين، وفي الصبر قال تعالى: “إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ.” فاصبروا وصابروا ألا يكفيكم أن يكون الله بكل قوته وجبروته معكم في صبركم، يؤيدكم، ويباهي بكم الملائكة، فأنتم الصابرون المتوكلون في كافة أموركم على رب العالمين أهل الفوز والفلاح.
أروع خطب يوم الجمعة قصيرة عن الصلاة
عباد الله، لقد جعل الله للصلاة منزلة عظيمة لا تضاهيها منزلة، فقد أوجبها عليكم ليلة الإسراء والمعراج من فوق سبع سماوات، وهي أول ما سيحاسبكم به يوم القيامة، والإنسان الذي يصلي خاشعًا يبشره الله بالفلاح والفوز كما جاء في قوله تعالى: “قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ.” وهي وصيته لنبيه موسى عندما كان يتعبد وحيدًا في الجبل حيث تنزل عليه قوله تعالى: “ِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي.” وقال ربّ العزّة: “ٱتْلُ مَآ أُوحِىَ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَٰبِ وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ ۖ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَالْمُنْكَرِ.”
أروع خطب يوم الجمعة قصيرة عن حسن الخلق
أيها الإخوة الكرام، إن حسن الخلق من تمام الإيمان، وهو المعنى الذي تتطلع إليه البشرية، ويتحدث عنه الفلاسفة، وينادي به الأنبياء من لدن أدم وحتى محمد بن عبد الله، وفي حسن الخلق قال الله تعالى لنبيه الكريم الذي بعثه متممًا لمكارم الأخلاق: “فبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ.”
وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: “أكثر ما يدخل الناس الجنة، تقوى اللّه وحسن الخلق.” كما أن حسن الخلق دليل كمال الإيمان كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: “أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً.” ولقد كان الرسول مثالًا يحتذى به في حسن الخلق، وقيل عنه أنه قرآن يمشي على الأرض، فلنمتثل بنبينا في حسن الأخلاق والتحلي بمكارمها، نكون رفقاءه في الجنة بمشيئة الله.
