إن الصلاة من أعظم أنواع الذكر لاشتمالها على الأذكار في كل موضع فيها، فتفتتح بتكبيرة الإحرام ثم دعاء الاستفتاح فقراءة الفاتحة والسورة أو الآيات من القرآن ودعاء الركوع وتكبيرات الانتقال وأدعية السجود والتشهد، فلا يخلو منها لحظة بدون ذكر، لذا فالصلاة في حقيقتها وجوهرها مجموعة من الأذكار المجتمعة على هيئة مخصوصة وحركات مخصوصة.
ولهذا قال الله (تبارك وتعالى): “وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي” (طه:14)، فما الصلاة بكل ما فيها إلا ذِكر لله، وليس أدُل على هذا من قول الله (تعالى) عن صلاة الجمعة: “يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ” (الجمعة: 9)، فقال (سبحانه) أنه إذا نودي للصلاة فاسعوا إلى ذكر الله وهذا أكبر دليل على أن الصلاة هي ذِكر لله (سبحانه) بكل ما يكون من أجر الذِكر والذاكرين.
وجمع الله بينهما، فقال (سبحانه) عن الشيطان الذي لا يريد للإنسان الخير ويصده عن كل عمل صالح، فاختار الله الصلاة والذِكر فقال (سبحانه): “إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ، فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ” (سورة المائدة:91).
وقرن الله بينهما مرة أخرى فتحدث عن المنافقين الذي يتكاسلون عن الصلاة فسماهم متكاسلين عن ذِكر الله فقال (سبحانه): “إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا” سورة النساء: 142.
والذِكر من حيث المعنى ضد النسيان، فالله (عز وجل) يطلب من المُسلم أن يذكره ويتذكره في كل موقف وفي كل عمل، فهذا هو المُراد المقصود من ذِكر الله وهو أن يظل الله (عز وجل) حاضراً في ذهن المسلم في كل وقت وقبل وأثناء.
وبعد كل عمل ليكون قلبه وعقله متعلقين بالله (سبحانه) ويتذكر رقابة الله وإطلاعه عليه في كل وقت وفي كل موضع ليحقق معنى الإحسان في عبادة الله الذي فسره رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لجبريل حينما جاء يسأله ليعلم المسلمين.
وتوضيحه ما ورد في صحيح مُسلم عن عُمر ابن الخطاب: في حديث جبريل الطويل وفيه: فأخبرني عن الإحسان؟ قال: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك»، فدرجة الإحسان لا تتحقق إلا لمن يذكرون الله كثيراً ويتذكرون رؤيته (سبحانه) لهم وإطلاعه على أحوالهم.
ومن الأذكار المتعلقة بالصلاة الأذكار التي علمنا إياها الرسول (صلى الله عليه وسلم) والتي كان يداوم عليها ونقلها لنا أصحابه وزوجاته أمهات المؤمنين.
ولعل من أهم الأدلة على ذكر الله بعد أداء العبادات كلها قوله (تعالى) بعد أداء فريضة الحج: “فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ۗ فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ” (البقرة:200)، وقال الله (تعالى) بعد الانتهاء من أداء صلاة الجمعة: ” فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” (سورة الجمعة:10).
فدّل ذلك على ارتباط أداء العبادات وختامها بذكر الله (سبحانه) لأن عبادة كل العباد لا تفي بحق الله (سبحانه) فينبغي بعدها أن يذكر العبد ربه ليجبر كل نقص فيها.
ولأذكار ما بعد الانتهاء من الصلاة فضل عظيم إذ يكتمل بها الأجر للمؤمن الذي حافظ على أداء صلاته، فكل مُسلم يؤدي صلاته في بيت من بيوت الله أو منفردًا في بيته ثم يترك الأذكار التي كان يحافظ عليها النبي (صلى الله عليه وسلم) بعد الصلاة فيعتبر مقصراً في حق نفسه بحرمانها من أجور عظيمة قد ضيعها، ومنها:
بعد أن يتم المسلم صلاته يقتدي بالنبي (صلى الله عليه وسلم) فيفعل كما كان رسول الله يفعل، وقد نقل لنا الصحابة الكرام وزوجاته الطاهرات ما كان يفعل بعد أن ينهي صلواته، وذكروا أمثلة كل بحسب المواقف التي عاشها معه.
لقول ثوبان (رضي الله عنه) وهو كان خادم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وكان ملازماً له، فيقول ثوبانَ (رضي الله عنه): “كان رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم): “إذا انْصَرَف مِنْ صلاتِهِ اسْتَغفَر ثَلاثاً”.
وقال: “اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلامُ، ومِنكَ السَّلامُ، تباركْتَ يَا ذا الجلالِ والإكرام” وسُئِل الأَوْزاعي (رحمه الله) وهُوَ راوٍ من رواة هذا الحديث عن كيفية استغفاره (صلى الله عليه وسلم) فقال: “أسْتَغْفرُ اللَّه، أَسْتَغْفِرُ اللَّه”، رواهُ مسلم.
لحديث أبي أمامة (رضي الله عنه) حيث قال: قال رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم): “مَن قرأ آية الكرسي دُبُرَ كلِّ صلاة لم يمنعْه من دخولِ الجنَّة إلاَّ أن يموت” رواه النسائيُّ والطبراني وقال الألباني صحيح.
ولهذا الحديث فضل عظيم جداً وهو أن كل مُسلم يقرأها بعد كل صلاة يعده النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يدخل الجنة فور خروج الروح من جسده، وعلى كل مُسلم يعلم بهذه المنحة العظيمة وهذه المكافأة الضخمة ألا يدعها أبدًا وأن يداوم عليها حتى يعتادها لسانه.
وتوجد منحة أخرى في آية الكرسي في قراءتها في ختام كل صلة مفروضة، فيقول الحسن بن علي (رضي الله عنهما): قال رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم): “مَن قرأ آيةَ الكرسي في دُبُرِ الصلاة المكتوبة كان في ذِمَّة الله إلى الصلاة الأخرى”، رواه الطبراني وذَكره المنذري في الترغيب والترهيب، والصلاة المكتوبة هي الصلاة المفروضة ويعني بها الصلوات المفروضة الخمس.
وهذه الأذكار فضلها عظيم فهي تمحو كل الذنوب السابقة على هذه الصلاة وكأن المسلم يولد من جديد بلا ذنب ولا خطيئة فعن أَبِي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ: «مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ اللَّهِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اللَّهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَتِلْكَ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَتْ لَهُ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
كما أن فضلها لا يتوقف عند مغفرة الذنوب فقط بل ترفع الدرجات وتزيد في الحسنات وتعلي في مقامات العبد عند ربه، فعن أبي هُرَيرةَ (رضي الله عنه) أنَّ فقراء المهاجرين أَتَوا رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم)، فقالوا: ذهَب أهل الدُّثُورِ بالدَّرجات العُلى والنعيم المقيم، قال: “وما ذاك؟” قالوا: يُصلُّون كما نُصلِّي ويصومون كما نصوم، ويتصدَّقون ولا نتصدَّق، ويعتقون ولا نعتق.
فقال رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم): “أفلاَ أُعلِّمكم شيئًا تُدركون به مَن سبَقَكم وتسبقون به مَن بعدَكُم، ولا يكون أحدٌ أفضلَ منكم إلا مَن صنَع مثل ما صنعتم؟” قالوا: بلى يا رسولَ الله، قال: “تُسبِّحُونَ وتَحْمدُون وتُكبِّرُونَ دُبُرَ كلِّ صلاة ثلاثًا وثلاثين مرَّة”، قال أبو صالح: فرجَع فقراءُ المهاجرين إلى رسولِ الله (صلى الله عليه وسلم)، فقالوا: سَمِع إخواننا أهل الأموال بما فعَلْنا ففعلوا مثلَه! فقال رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم): “ذلك فضلُ الله يُؤتيه مَن يشاء” رواه البخاري ومسلم.
فالفقراء جاءوا يشتكون إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قلة ما في أيديهم من الأموال، ولا يشتكون قلة الأموال لغرض من أغراض الدنيا فالدنيا في أعينهم لا قيمة لها، وإنما يشتكون قلة المال لأنه يتسبب في تقليل فُرصهم من الأعمال الصالحة.
فالحج والزكاة وجميع الصدقات والجهاد كل هذه العبادات تحتاج إلى أموال، فنصحهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالتسبيح والتحميد والتكبير ثلاثاً وثلاثين في ختام كل صلاة وأخبرهم أنهم بهذا يدركون الأغنياء في الثواب ويَسبقون غيرهم ممن لم يعمل بهذا العمل، فدلّ ذلك على أن هذه الأذكار تعطي حسنات توازي ثواب هذه الأعمال الفاضلة.
فعن عقبة بن عامر (رضي الله عنه) قال: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) أَنْ أَقْرَأَ الْمُعَوِّذَاتِ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ. رواه النسائي وصححه الألباني.
وهذا من الأذكار التي داوم عليها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فيحدثنا المغيرة بن شعبة (رضي الله عنه) أنه كتب إلى معاوية (رضي الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يقول دُبر كل صلاة مكتوبة: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له المُلك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد”، رواه البخاري ومسلم.
فهذا الدعاء من الأدعية التي يحبها المسلم ويحب تعلمها وتعليمها للناس لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) علمها لمعاذ بين جبل وسَبقها بإخباره أنه يحبه، فهذه وصية محب، فعن معاذ بن جبل أن رسول (صلى عليه وسلم) أخذ بيده، وقال: “يا معاذ، والله إني لأحبك، والله إني لأحبك”، فقال: “أوصيك يا معاذ، لا تدعن في دُبر كل صلاة تقول: “اللهم أعني على ذِكرك، وشكرك، وحسن عبادتك”. رواه أبو داود، وغيره، وصححه الشيخ الألباني.
فهذه هدية قدمها رسول الله لمن يحب ووصاه بها فإن أردت أن تكون من المحبوبين من رسولك (صلى الله عليه وسلم) فلا تترك هذه الوصية.
لما جاء في صحيح مُسلم أن عبد الله بن الزبير (رضي الله عنهما) كان يقولها في دُبر كل صلاة حين يسلم فلما سُئل عنها قال: “كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يُهلل بهن دُبر كل صلاة”، ومعنى يُهلل؛ أي أنه يذكر الله بشهادة التوحيد واسمه التهليل.
فعَنْ أَبِي بَكْرَةَ نُفَيْعِ بْنِ الْحَارِثِ (رضي الله عنه) قَالَ: “كَانَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) يَقُولُ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ”. رواه الإمام أحمد والنسائي وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد.
«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ». رواه البخاري وسلم.
فروى الإمام مسلم عن الْبَرَاءِ (رضي الله عنه) قَالَ: كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) أَحْبَبْنَا أَنْ نَكُونَ عَنْ يَمِينِهِ، يُقْبِلُ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، قَالَ: فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: “رَبِّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ أَوْ تَجْمَعُ عِبَادَكَ”.
فعن سلم بن أبي بكرة أَنَّهُ مَرَّ بِوَالِدِهِ وَهُوَ يَدْعُو وَيَقُولُ: اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، قَالَ: فَأَخَذْتُهُنَّ عَنْهُ، وَكُنْتُ أَدْعُو بِهِنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ، قَالَ: فَمَرَّ بِي وَأَنَا أَدْعُو بِهِنَّ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، أَنَّى عَقَلْتَ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ؟ قَالَ: يَا أَبَتَاهُ سَمِعْتُكَ تَدْعُو بِهِنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ، فَأَخَذْتُهُنَّ عَنْكَ، قَالَ: فَالْزَمْهُنَّ يَا بُنَيَّ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) كَانَ يَدْعُو بِهِنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ”، رواه ابن أبي شيبة وهو حديث حسن.
كما جاء عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه): أَنَّ النَّبِيَّ (صلى الله عليه وسلم) كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ: لَا أَدْرِي قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، أَوْ بَعْدَ أَنْ يُسَلِّمَ يَقُولُ: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ”، (الصافات:180 – 182)
ومن السُنن الثابتة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يرتفع الصوت بختام الصلاة، فكان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يرفع الصوت ويسمعه المصلون منه لدرجة أن مَن يسكن حول المسجد يسمعونه أذكار ختام الصلاة، فيعرفون أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والمُسلمين قد أنهوا الصلاة، وفي هذا كان يقول عبد الله ابن عباس (رضي الله عنهما): “كنت أعلم إذا انصرفوا من ذلك إذا سمعته”.
وينبغي أن لا يكون الصوت شديداً لأن السُنة أن يكون الصوت متوسطاً حتى لا يكون مزعجاً لمن يتم صلاته فلا يشوش عليهم، والغاية من رفع الصوت أن يتعلم الجاهل ويتذكر الناسي ويتشجع المتكاسل.
وختام الصلاة يكون في صلاة المُقيم والمُسافر فلا فرق بين الصلاة بالتمام أو بالقصر، ولا فرق بين الصلاة الفردية أو الجماعية فختام الصلاة سُنة للجميع ذكوراً وإناثاً مُقيمين ومسافرين فرادى وجماعات.
ويَكثُر تساؤل الناس حول الأفضلية للتسبيح على اليد أو من خلال المسبحة، فجاء في السُنة أن التسبيح على اليد أفضل من المَسبحة وأن يد التسبيح يكون على اليد اليمنى، فيقول عبد الله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنهما): “رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يَعقد التسبيح بيمينه” صحيح أبي داود للألباني.
واستدل كثيرون على جواز التسبيح بالمسبحة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) شاهد بعض الصحابة يسبحون على النوى والحصى فلَم ينكر عليهم ذلك، فعن سعد بن أبي وقاص أنه دخل مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبح به، فقال: “أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا وأفضل: “سبحان الله عدد ما خَلق في السماء، وسبحان الله عدد ما خلق في الأرض …” رواه أبو داود والترمذي.
وأيضا الحديث الذي روته السيدة صفية أم المؤمنين التي قالت: “دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يدي أربعة آلاف نواة أسبح بها، فقال: ” لقد سبحت بهذا! ألا أعلمك بأكثر مما سبحت به؟ فقالت: علمني. فقال:” قولي سبحان الله عدد خلقه” رواه الترمذي.
فإذا أقر الرسول (صلى الله عليه وسلم) التسبيح على النوى والحصى فالتسبيح باستخدام المَسبحة جائز، ولكن التسبيح على اليد أفضل لفعل الرسول (صلى الله عليه وسلم) ذلك.
بعد صلاة الفجر والمغرب تُقال كافة الأذكار التي تقال في جميع الصلوات الأخرى، ولكن يضاف عليها بعض الأذكار ومنها:
للحديث الذي رواه عبد الله بن خبيب (رضي الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال له: (قُلْ: “قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ”، وَالمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَتُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) رواه الترمذي وصححه الألباني في “صحيح الترمذي”.
لما روي عن عبد الرحمن بن غنم مُرسلًا إلى النبي (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ وَيَثْنِيَ رِجْلَهُ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَالصُّبْحِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ، كُتِبَ لَهُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكَانَتْ حِرْزًا مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ، وَحِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَلَمْ يَحِلَّ لِذَنْبٍ يُدْرِكُهُ إِلَّا الشِّرْكَ، وَكَانَ مِنْ أَفْضَلِ النَّاسِ عَمَلًا، إِلَّا رَجُلًا يَفْضُلُهُ، يَقُولُ: أَفْضَلَ مِمَّا قَالَ ) رواه الإمام أحمد.
لما رواه أبو داود وابن حبان أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يقول بعد الفجر والمغرب: “اللهم أجرني من النار”، سبع مرات، ولقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) إذا صليت الصبح، فقل قبل أن تكلم أحدًا: “اللهم أجرني من النار” سبع مرات، فإنك إن مُت من يومك، كتب الله لك جوارًا من النار، وإذا صليت المغرب فقل مثل ذلك، فإنك إن مُت من ليلتك، كتب الله لك جواراً من النار”، أخرجه الحافظ ابن حجر.
للحديث الذي روته السيدة أم سلمة أم المؤمنين أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يقول إذا صلى الصبح حين يسلم: “اللهم إني أسألك علما نافعًا ورزقًا طيبًا وعملًا متقبلًا” رواه أبو داود والإمام أحمد.
تعددت أقوال المفسرين في تفسير الآية الكريمة: “فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ” سورة الروم (17)، فيقول الإمام الطبري: “هذا تسبيح منه (تعالى) لنفسه المقدسة، وإرشاد لعباده إلى تسبيحه وتحميده في هذه الأوقات”؛ أي في وقتي الصباح والمساء.
واستدل العلماء بها على أفضل الأوقات لقراءة أذكار الصباح من لحظة انشقاق الفجر حتى شروق الشمس وعليه، فقالوا أنه تجوز قراءة أذكار الصباح حتى قبل أن يؤدي المُسلم صلاة الفجر، فتصح قراءتها قبل صلاة الفجر وبعدها.
تنقسم أذكار الأذان لأذكار تقال أثناء الأذان وأذكار تقال بعد الأذان، ويجمعها هذا الحديث الذي يقول فيه عبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمرِو بْنِ العاصِ (رضي الله عنهما) أَنه سَمِع رسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) يقُولُ: “إِذا سمِعْتُمُ النِّداءَ فَقُولُوا مِثْلَ ما يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا علَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى علَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ بِهَا عشْراً ثُمَّ سلُوا اللَّه لي الْوسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنزِلَةٌ في الجنَّةِ لا تَنْبَغِي إِلاَّ لعَبْدٍ منْ عِباد اللَّه، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُو، فَمنْ سَأَل ليَ الْوسِيلَة حَلَّتْ لَهُ الشَّفاعَةُ”. رواه مسلم.
والحديث ينقسم إلى ثلاثة توجيهات نبوية: