لقد أكرمنا الله -عز وجل- بكثير من النعم التي لا تحصى ولا تعد، والدين الإسلامي أتاح للمسلم القيام بالاستخارة في الأوقات التي يعجز فيها الشخص عن أخذ قراره في أمر معين، ذلك عن طريق الدعاء إلى الله وطلب التوفيق إلى مافيه الفلاح، وأن يبعد عنه الأمور التي لا تأتي عليه بأي خير.
ما معنى صلاة الاستخارة؟
متى يقال دعاء الاستخارة؟
دعاء الاستخارة له مبادئ وأسس يجب على كل مسلم أن يعرفها؛ حتى يستطيع أن يقوم بأداء الدعاء بالطريقة الصحيحة التي أوصى بها الرسول –عليه الصلاة والسلام-، من خلال الأحاديث النبوية الشريفة، فالكثير منا يتساءل متى يُقال دعاء الاستخاره قبل أم بعد السلام.
بإمكان المسلم أن يلجأ إلى ذِكر الدعاء عندما يواجه أمرًا يصعب عليه أن يتخذ فيه قرار من نفسه نتيجة امتلاك العقل البشري قدرات محدودة، ولا يستطيع أن يتنبأ بكثير من الأمور التي سوف تحدث في المستقبل، كما أنه لا يستطيع أن يرى حِكمة الله -عزوجل- في الأمور.
فكل إنسان يرغب في أن يتلو دعاء الاستخارة من أجل أن يستخير مولاه في أمره، عليه أن يقوم بصلاة ركعتين إلى الله -عز وجل- وبعد أن ينتهي من أداء الركعتين والتسليم يشرع الشخص في قول الدعاء كما هو معروف في الصيغة التي وردت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كاللآتي:
“إذا هَمَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني استخيرك بعلمك، واستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري (أو قال: عاجل أمري وآجله) فقدره لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري (أو قال:عاجل أمري وآجله) فاصرفه عني، واصرفني عنه، وقَدِر لي الخير حيث كان، ثم رضني له، قال ويُسَمي حاجته” رواه البخاري.
(يُسَمي حاجته) أي مع ذكر الشيء الذي يشغل تفكيره مثل الزواج من شخص معين أو قبول عمل جديد، فيتم حذف الجملة التي يُقال فيها في الدعاء “هذا الأمر”، ويقول صاحب الحاجة الدعاء بخشوع، ويُركز في كل جملة يقولها مع عدم التأثر بأي مؤثرات خارجية.
ما أفضل أوقات صلاة الاستخارة؟
عندما نقوم بأداء صلاة الاستخارة هل من الممكن أن نؤديها في أي وقت من اليوم؟ أم لها أوقات محددة لا يجب الخروج عنها؟ أو بصيغة أخرى متى يقال دعاء الاستخارة في الصلاة؟
لا يوجد أي سبب يمنع من أداء الصلاة في أي ساعة من ساعات اليوم ، ولكن هناك أوقات مستحبة لذلك، ويعتبر أفضل وقت للقيام بتلك الصلاة هو آخر ثلث من الليل، لأن في هذه الفترة يكون الله (عز وجل) قد تَنَزَل من السماء من أجل أن يستجيب دعاء الداعين ويقضي حوائج المحتاجين، أو الساعات التي تسبق آذان الفجر فهي أيضًا من أفضل الأوقات لاستجابة الدعاء.
الوقت الثاني هو بعد آذان العصر وحتى قبل غروب الشمس، فهذان وقتان من أفضل المواعيد في اليوم التي يستخير فيهما العبد ربه، ولكن هذا لا يمنع أن يقوم الشخص بصلاة الاستخارة في أي وقت من اليوم إذا لم يستطع تأديتها في الأوقات السابقة.
ما هي أحكام صلاة الاستخارة؟
شأنها شأن غيرها من الصلوات التي تقع في حُكم السنة؛ بسبب قيام الرسول -صلى الله عليه وسلم- بصلاتها ونصح أمته بأدائها عند الحاجة؛ تيسيراً على المسلمين لقضاء حوائجهم والتقليل من الضغوط النفسية والفكرية نتيجة انشغالهم بأمر يعجزون عن البت فيه (أي اتخاذ القرار الصحيح).
من أحكام صلاة الاستخارة:
- إذا قام الشخص بالدخول في الصلاة ولكنه لم ينوي أن يصلي صلاة الاستخارة إلا بعد تكبيرة الإحرام، فيكون عليه أن يؤدي الركعتين كنافلة عادية ثم بعد التسليم ينوي قبل الإحرام ويصلي ركعتين من جديد.
- من المستحب أن يقوم المسلم بتكرار صلاة الاستخارة حتى يتيقن من الشيء الذي يستخير بشأنه، ويستطيع الشخص أن يكرر الصلاة عدة مرات أي من ثلاث مرات إلى سبع مرات على التوالي.
- لا يجب على المرء الانتظار حتى يتحقق من الأمر الذي استخار فيه ربه، ولكن عليه السير في الأمر بشكل عادي و طبيعي ويترك الأمر إلي تدبير المولى، فقد سلم العبد أمر ما يقلقه إلى ربه وهو قادر على أن يهديه إلى الخير.
- في الأوقات التي لا تستطيع المسلمة أن تؤدي فيها الصلاة مثل فترة الحيض، يمكن الاكتفاء بالدعاء فقط إذا كان الأمر الذي تستخير فيه لا يمكنه الانتظار حتى يَطهر الفرد.
ما هي شروط صلاة الاستخارة؟
هناك مجموعة من الشروط لابد من التزام الشخص بها، ومن ضمن تلك الشروط والتي لا تَصِح الصلاة بدونها في أي وقت:
- الوضوء والطهارة.
- الصلاة بنية استخارة عالم الغيوب فيما يرغب الشخص فيه.
- يؤدي المسلم الركعتين بخشوع كما يُستحب أن يقرأ من السور القصيرة في الركعة الأولى سورة الكافرون وفي الركعة الثانية سورة الإخلاص.
- يقال الدعاء في نهاية الركعتين بعد قراءة التشهد (التحيات) والتسليم، ثم يتلوه بعد التسليم مع رفع اليدين أثناء الدعاء إلى مستجيب الدعوات وقاضي الحاجات.
حتى يستطيع الشخص أن يحقق التضرع والانكسار بين يدي الله –عز وجل-، يقول “يا مالك الملك ليس لي سواك فأنت أعلم بما في نفسي فاقضي حاجتي واكشف عني ضيقي وهمي”.
ومن أهم أحكام صلاة الاستخارة أيضًا أنها لا تصلح بعد صلاة الفرائض، فلا نستطيع أن نجمع بين نية الصلاة للفريضة ونية الصلاة للسنة فى نفس الصلاة، ولكن في حالة أداء سُنة يستطيع الشخص أن يقوم بالاستخارة بعد الانتهاء من الصلاة، بشرط أن يكون ذلك الشخص قد نوى قبل أن يشرع في الصلاة نية الاستخارة وإلا لا تصح الصلاة.
ليس هناك طريقة أخرى أوصى بها الرسول للاستخارة غير الصلاة والدعاء ولا يجب على المسلم أن يبتدع في الدين ما ليس فيه، كأن يقوم بالاستخارة عن طريق التسبيح على السبحة أو قراءة القرآن كما يفعل الشيعة.
كما أنه لابد أن يقوم بها صاحب موضوع الاستخارة فلا يصح أن يقوم أحد نيابة عن غيره، لأنه بذلك يكون قد أخل بشرط أساسي من الشروط، ينصح العلماء الشخص الذي يكون لديه عدد من الأمور، والأشياء التي يرغب في الاستخارة فيها، أن يقوم بعمل صلاة ،ودعاء خاص بكل حاجة من تلك الحاجات.
من أفضل ما يفعله الإنسان في حياته أن يلجأ إلى ربه في كل أمر لا يستطيع أن يتخذ فيه القرار الصائب، ولا يترك نفسه إلى وساوس الشيطان وتقديرات ضعيفي الحكمة والبصيرة.
وفي نهاية مقالنا نريد أن ننوه أن الاستخارة لا تتم في كل الأمور، حيث أن الأمور الفردية والقطعية لايحتاج الشخص إلى الاستخارة بل عليه أن يتوكل ويؤدي الأمر الذي أمر به الله، وأيضًا بالنسبة للأشياء التي يكون فيها أذى ومكروه للشخص أو لغيره فهي لا تقع ضمن مواضع الاستخارة فكيف يستخير الشخص مولاه في ما لا يقبله الله.
