قصص قصيرة للأطفال

ibrahim ahmed
2020-11-03T03:28:49+02:00
قصص
ibrahim ahmedتم التدقيق بواسطة: مصطفي شعبان5 يوليو 2020آخر تحديث : منذ 3 سنوات

قصة ليلى والذئب
قصص قصيرة للأطفال

قصة ليلى والذئب

قصة صاحبة الرداء الأحمر الشهيرة للغاية والتي تُعرف أيضًا باسم “قصة ليلى والذئب” هي من روائع الأدب الفرنسي، وواحدة من أشهر رواياته وقصصه، كما أنها لشهرتها الكبيرة قد تبدلت نهاياتها وأحداثها كثيرًا حسب احتياجات ورغبات الكُتّاب والمنظمات التربوية، وهُنا اليوم نحكي لكم هذه القصة بالتفصيل ليستطيع أبناءكم الاستفادة منها في مرحلتهم العمرية الهامة.

في البداية فإن سبب إطلاق لقب صاحبة الرداء الأحمر على ليلي هو أنها كانت دومًا ترتدي هذا الزي وكانت تحبه حُبًا كبيرًا فعرفتها القرية بكل من فيها بهذا الاسم، وليلى كانت تعيش مع والدتها، أما جدتها لوالدها فقد كانت تسكن على مبعدة من مبيتهم في مسيرة تستغرق حوالي الساعة إلا ربع الساعة.

وقد جاءت في ذلك اليوم والدة ليلى بالكعك الطازج الساخن اللذيذ وقد نادت على ليلى وأخبرتها بالتالي: “هل تعلمين أن جدتك مُتعبة للغاية في هذه الأيام؟” أومأت ليلى إيجابًا، أكملت والدتها: “حسنًا.. يجب عليكِ ألا تتركيها وحدها، لا يُمكنني ترك المنزل الآن، لذلك فأنا سوف أرسلك إلى جدتك لتقومي برعايتها جيدًا لحين مجيئي إليكم، وكما تعلمين لا يُمكنك الدخول على جدتك خالية اليدين، لذلك لقد صنعت لكِ هذا الكعك لتأخذيه إليها”.

قامت الوالدة بتحضير هذا الكعك ووضعه في السلة بأعداد جيدة، وقد قامت بتغطيته بوشاح أحمر صغير لكي لا يبرد أو يُصيبه شيئًا من شوائب الجو، ومنحت لبنتها ليلى حذاءًا جيدًا، ومنحتها كيلًا من النصائح الهامة:

“عليكِ أولًا الالتزام بالطريق الذي تعرفينه دون التفرع ودخول الطرق الآخرى، واستمري في سيرك دون توقف عند أماكن أو محطات مختلفة، يُمكنك الإستراحة كما شئتي في بيت جدتك، ولا تتحدثي مع الغرباء يا ليلى.. إياكِ والحديث مع الغرباء مهما كانوا.. ولا تمنحي أحدًا أي معلومات عنك، وبالطبع عندما تصلين إلى منزل جدتك لا أريد منك أن تُحدثي جلبة، كوني مُهذبة ودودة ولا تفتعلي المشكلات ولا تتعبي جدتك، وعليكِ الاهتمام بأعمال التنظيف كما علمتك من قبل”.

أومأت ليلى إيجابًا وأخبرت أمها بأنها تحفظ هذه النصائح عن ظهر قلب ولن تقع في أي خطأ من هذه الأخطاء، وأخذت الأدوات التي أعطتها لها أمها وذهبت بعيدًا حيث تسكن جدتها، وفي طريق سيرها شاهدت الذئب، لم تكن تعرف شكله بعد، فقط تسمع عن سيرته الدموية الخبيثة، وكيف تعرف هذه الطفلة عن كل هذا الشر الكامن في الصدور؟

بعد أن ناداها الثعلب ظل يسألها أسئلة عن نفسها واسمها، وإلى أين سوف تذهب وما الذي تحمله في هذه السلة، توجست الفتاة خيفة وتذكرت نصائح والدتها بعدم التحدث مع الغرباء أو إعطائهم أية معلومات، ولكن لسذاجة الأطفال وطيبتها قد تحدثت معه ولم تشك لحظة في أنه قد يُضمر لها شرًا.

وقد كشّر الذئب الماكر عن أنيابه عندما قالت له ليلى أنها ذاهبة لكي تزور جدتها المريضة التي تسكن بالقرب من هذا المكان، وعلم أنه قد وقع على صيد ثمين، وبدأ في التودد لها ثم قال: “لقد شعرت بالشفقة حيال جدتك ياصغيرتي.. ماذا لو أخبرتني مكانها لكي أقوم بزيارتها بين الحين والآخر وقضاء حاجاتها، والإطمئنان عليها؟”.

قال هذه الجملة وفي رأسه ألف مكيدة يكيدها للجدة والطفلة، وقد وقعت ليلى في الخطأ مرة أخرى عندما أخبرته بمكان الجدة، فضحك وكشّر عن أنيابه وودع ليلى واعدًا إياها باللقاء في القريب العاجل، وقد انتهز فرصة معرفته بطرق الغابة السرية والمختصرة فأخذ يركض ويعدو لكي يستطيع أن يصل إلى حيث تُقيم الجدة قبل أن تصل ليلى، وقد وصل.

طرق الباب فسألت الجدة بصوت أنهكه التعب: “من هناك؟” فقال مُقلدًا صوت ليلى: “أنا ليلى جئت لأطمئن عليكِ”، استطاع بسهولة أن يخدع هذه الجدة التي فتحت له الباب، وانقض عليها فقام بعضها وضربها، ثم قام بحبسها في إحدى خزانات المنزل (الدولاب)، وقد استولى على جميع ملابسها وقام بترقيق صوته قدر المستطاع، ونام مكانها.

ولما طرقت ليلى الباب وجدته مفتوحًا، فدخلت وسمعت صوتًا يشبه صوت جدتها يقول لها: “تعالي يا ليلى اقتربي مني، لمَ تأخرتِ!” فاندهشت ليلى من الصوت وسألتها عن سبب تغيّره بهذا الشكل، فتلعثم الذئب وعللّ هذا كونه من أعراض المرض، ثم أكمل في تمثيله ومكيدته فدعا ليلى لتقبيلها، وقد شعرت ليلى بالغرابة.

وعلى حين فجأة أدركت ليلى حقيقة الأمر عندما وجدته يُكشِّر عن أنيابه، فظلت تصرخ وتركض هنا وهناك وهو يحاول الإمساك بها، ولحسن حظها كان أحد الصيادين يمر بالقرب من منزل جدتها وسمع الصوت وفور ما شاهد الذئب لقّم بندقيته، وأطلق النار عليه فقتله في الحال وعاون الفتاة على النهوض وساعدها في العثور على جدتها التي ظنوا أن الذئب قتلها ولكن عثروا عليها، وأدركت ليلى فداحة الخطأ الذي ارتكبته بتسريب المعلومات للغرباء ووعدت الجميع بعدم تكرار ذلك.

والأمانة العلمية تقتضي منّا أن نسرد لكم سيناريو آخر للقصة وهو كالتالي:

قام الذئب بتناول الجدة وقتلها، وحاول فعل الأمر نفسه مع ليلى، وعندما قام الصياد بقتله وقتها، استطاع إخراج الجدة من بطنه ولحسن الحظ وجدها حية.

الدروس المستفادة من القصة:

  • مسألة صلة الرحم من المسائل الهامة التي أوصى بها ديننا الحنيف، وهي من وصايا الرسول لأمته، كما أن صلة الرحم من مفاتيح الرزق، لذلك فيجب علينا تعليم أبنائنا وأنفسنا وصل الرحم ومُعايدة جميع الأقرباء وزيارتهم والسؤال عليهم بين الحين والآخر، وإذا ما حدث لهم خطبٌ ما من مرض أو حادث أو موت، أو حتى فرح فعلينا أن تكون دومًا إلى جانبهم نقدم لهم العون والمساعدة.
  • من أصول الزيارة أن يجلب الزائر إلى من يزوره هدية صغيرة قد نُسميها نحن “زيارة”، وفي حديث للرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) أنه قال فيما معناه تهادوا تحابوا، أي أنه أوصى بالهدية وقبلها أيضًا، وهذه الأمور إذا غرسناها في أطفالنا فهم يشبون على قدر كبير من المسؤولية والأخلاق والتدين والقيم والصفات النبوية الجميلة.
  • يجب علينا أن نُراعي في تربيتنا لأبنائنا تعليمهم أن في الدنيا شيئان لا ثالث لهما: الخير والشر؛ وأن هذين الشيئين متلازمين لا ينفصلان، وعلى المرء أن يكون في صف الخير دومًا وعليه أن يحترس من الأشرار الذين يصادفونه في كل مكانٍ وزمان وأن يعمل حسابًا لهذا.
  • يجب على الأبناء الالتزام بالنصائح التي يتم تقديمها لهم لأنها في غاية الأهمية، وعدم الالتزام بها غالبًا ما يؤدي إلى عواقب وخيمة تمامًا كالذي حدث مع ليلى وعرَّض حياتها وحياة جدتها للخطر.
  • تقوم هذه القصة بتحفيز الخيال عن الأطفال إلى أقصى حد ممكن، وهذا شيءٌ عظيم على شرط أن يعرفوا أن هذا مجرد خيال.
  • هناك أيضًا نقطة أخرى لا تقل أهمية، وهي أن الآباء أحيانًا يقومون بإسناد مهام صعبة وشاقة على الأطفال الصغار سنًا، مما يؤدي إلى وقوعهم في المكائد، وإخفاقهم في هذه المهام، هذا بالطبع لا ينفي ضرورة تعليمهم الاعتماد على أنفسهم لكن على الأمور أن تتم حسب عمر الطفل وطبيعة المهام الموكلة إليه، فلا تفقده الثقة في نفسه وتجعله عديم الفائدة، وفي الوقت نفسه ألّا تُثقل عليه المهام فيعجز عنها.

قصة السناجب

قصة للأطفال
قصة السناجب

السناجب (السناجيب) ثلاثة؛ لامع وساطع وبرّاق، يسكنان مع والدهم السنجاب الكهل الكبير “قُنزُعة”، في أعلى عليين (أي على ارتفاعٍ عالٍ) من الشجرة المتينة التي تتوسط الغابة، كانت شجرة سامقة الطول (أي عالية في الارتفاع)، وكانت عتيقة (أي قديمة) ولها في الغابة زمنٌ طويل، مما جعلها متينة وصامدة ضد الزمن أو معه، المهم أنها لم تسقط أبدًا جراء عاصفة أو رياح، وحتى حرائق الغابات التي تنشأ كثيرًا لم تستطع التأثير عليها.

وقد هل وأقبل الشتاء ببرودته القارصة التي لا يستطيع أحد تحملها، وكان يومًا عاصفًا مليئًا بالرياح العاتية القوية، والتي صاحبها هطول الأمطار، حتى أن الرياح لم تتوقف عن إصدار صوت الزمجرة الذي يخلع القلوب خلعًا، وقد كان في أعلى الشجرة في عُشٍ خاصٍ بهم أربعة سناجب الذين ذكرنا أسماءهم مُسبقًا لامع وساطع وبراق مع والدهم قٌنزُعة.

المهم أن تلكم السناجب الثلاثة الصغيرة ظلت تستغيث من شدة البرد وشدة الخوف، وقد اعتقدوا أن الرياح التي وصلهم صوتها سوف تقتلع الشجرة التي يسكنونها، أو أن الأمطار ستوقع العُش وستُغرقهم، فكانوا يقولون: “أنجدنا يا أبي.. أنقذنا! لقد أوشكنا أن نهلك وأن يدركنا الموت، هل من أحد لينقذنا من هذا العذاب؟”

بحكمته رد عليهم والدهم قُنزُعة: “لا يُسيطرن عليكم الفزع والخوف يا أبنائي الأعزاء، فكم من عواصفٍ أشد من هذه قد مرت عليّ دون أن يُصيبني الضرر، وأنا أعيش على هذه الشجرة منذ زمن وأدرك مدى متانتها، كما أنني أعرف أن هذه العاصفة لن تمر ساعة على الأكثر إلا ولسوف تزول بإذن الله وحده”.

بعد أن أنهى السنجاب الكبير حديثه المُطمئن هذا، كانت الرياح قد زادت حدتها وشدتها، وفوجئ السناجب جميعهم بالشجرة تهتز بهم وكأنها سوف تسقط، وظلوا يتلاصقون في بعضهم البعض من الخوف، ولم يعرف والدهم الغيب، ولكن تنبؤاته التي كانت ناتجة عن خبرة كبيرة قد صابت، وبالفعل توقفت العاصفة، توقفت لكن بعد أن تركت في داخلهم الكثير من مشاعر الخوف والرهبة وترقب (انتظار) الموت أيضًا.

شعر أحد السناجب الصغيرة بالجوع، وبحث عن الطعام؛ فلم يجده، وكيف يجده وقد أهلكت العاصفة الشديدة كل شيء حتى الطعام قد قذفت به بعيدًا، بدأ الصغير في البكاء طالبًا الطعام، رد عليه الوالد مُخففًا من ألمه: “لا تقلق يا صغيري لقد عملت حسابي لمثل هذه الأمور، لقد كنت كل يوم أدخر بعض الطعام وأقوم بتجميعه ووضعه تحت طبقة من العشب في الأعشاش الخاصة بكم”.

وقام بإخراج الطعام من مخرجه السري، مما تسبب في فرحة السناجب الصغيرة التي شبعت من بعد جوع، وانبهروا بذكاء والدهم وحسن تصريفه للأمور.

شعرت السناجب بالتعب بعد هذه الليلة الطويلة من البرد والخوف والجوع، ومن البديهي أنهم عجزوا عن النوم، فلم يكن أمامهم سوى التيقظ والحذر، أما الآن وقد خفتت العاصفة فقد جاء وقت النوم، اقترح احد السناجب الصغار أن عليهم ليستطيعوا النوم بهدوءٍ وأمان أن يقوموا بإغلاق العٌش الخاص بهم من جميع الجهات وتدفئته، لذلك تعاونوا فيما بينهم وبالطبع قام السنجاب الأب بالجهد الأكبر.

وقاموا بتبليل الأعشاب بالماء ووضعها في قالب واحد، ونجحوا في تنفيذ هذا الأمر في وقت قصير، وقال أحدهم وقتها بسعادة: “الآن يُمكننا أن ننام”.

نامت السناجب، وبينما كان قُنزُعة يتأكد من ذلك لاحظ أن هُناك عيونٌ سوداء يلمع بريقها، عرف أن السنجاب الأصغر فيهم “برّاق” لم يستطع النوم بعد، ولكي تعلم فإن طبيعة السنجاب أقرب إلى المرح لذلك فإنهم يحبون اللهو واللعب بذيولهم على الدوام، ولمّا عجز براق عن اللعب بذيله أجهش في البكاء.

وقد استيقظ إخوته الأكبر منه على صوته، وهم الآخرين لم يكونوا قد ناموا بعد ولكن صمتوا فقط لكي لا يخالفوا أوامر والدهم، أدرك الوالد أن المرور بمثل هذه الليلة الصعبة على أبنائه السناجب الصغار ليس بالأمر السهل، وعليه أن يجد حلًا لجعل قلوبهم تطمئن وتهدأ؛ فقال لابنه الذي بكى: “ما رأيك في أن أُغنِ لك أغنية؟.. سنستمتع جميعًا وستنامون وتمرحون”، ثم شرع السناجب الأب قُنزُعة في الغناء بصوته الأبوي الحنون العذب:

نم آمنًا يا لامع    نم آمنًا يا ساطع

يا أيها البراقٌ، نم     وقيتم كل ألم

وأشرقت أيامكم     وسعدت أحلامكم

وساعفتكم المنى     بكل أسباب الهنا

نم آمنًا يا لامع     نم آمنًا ياساطع

يا أيها البراق، نم     وقيتم كل ألم

غلبتكم أعداءكم     ونلتم رجاءكم

وحقق الدهر بكم     آمالنا بقربكم

فأغمضوا أجفانكم     وفارقوا أحزانكم

سلمتم من الردا     ومن مكايد العِدا

ناموا جمعيًا وانعموا     بالنوم فهو مغنم

في صحة وعافية     ومتعة موافية

نم آمنًا يا لامع     نم آمنًا ياساطع

يا أيها البراق، نم     وقيتم كل ألم

سلمتم -فأنتم     رجاؤنا- ودمتم

نامت السناجب بعد سماعها لهذه الأغنية نومًا عميقًا هادئًا، وقد شعر السنجاب الأب بفرحة كبيرة عندما شاهد ذلك، وكانت فرحته غامرة على وجه الخصوص عندما وجد ملامح البكاء والخوف التي كانت على سنجابه الصغير قد ذهبت وتحولت وجاءت مكانها ملامح آخرى سعيدة.

ملحوظة: أحداث القصة مستوحاة من قصة تحمل اسم السناجيب للكاتب الراحل “كامل كيلاني”

الدروس المستفادة من هذه القصة:

  • أن يعرف الطفل حيوان السنجاب، شكله واسمه، ويعرف أنه يُجمع لغويًا على سناجيب وسناجب.
  • يتعرّف الطفل على بعض اللغويات والمصطلحات الجديدة التي تزيد من حصيلته اللغوية.
  • يدرك الطفل جيدًا أن هناك الكثير من المخلوقات في العالم من حوله، وأنها قد تكون بحاجة إلى المساعدة.
  • يعرف تأثير التقلبات الجوية مثل الحرارة الشديدة أو الأمطار والعواصف والتي قد تؤذي الآخرين من الفقراء والمساكين في الشوارع والمنازل الهشة الذين لا يملكون ما يقيهم الأمطار والرياح وغيرهم.
  • يعرف دور الآباء في رعاية أبناءهم وتقديم كل المساعدة والحنان لهم، ويُقدِّر ذلك تقديرًا كبيرًا، “وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا”.
  • إيقاظ حِس التذوق اللغوي والأدبي عند الأطفال من خلال الأناشيد البسيطة الخاصة بالأطفال والتي تحمل إيقاعًا موسيقيًا رنانًا ومميزًا.
  • على الآباء أن يقوموا بدور توعوي لأبناءهم من خلال حُسن التصرف؛ فببساطة شديدة عندما يُشاهدك ابنك وأنت تقوم بفعل جيد فهو تلقائيًا سيسعى لمُحاكاتك والقيام بنفس هذا الفعل الجيد، والعكس صحيح بالنسبة للأفعال السيئة والمذمومة.

قصة أبو الحسن والخليفة هارون الرشيد

هارون الرشيد
قصة أبو الحسن والخليفة هارون الرشيد

أبو الحسن هو إبنٌ لواحدٍ من أكابر تُجار مدينة بغداد العراقية، وقد كان يعيش في عصر الخليفة العباسي “هارون الرشيد”، وقد مات والده تاركًا إياه وهو في العشرين صاحبًا لثروة ضخمة وواحدًا من أثرى أثرياء بغداد، فكما ذكرنا أن والده كان تاجرًا ماهرًا كبيرًا، وقد قرر أبو الحسن هذا أن يقوم بجعل ثروته إلى نصفين، النصف الأول هو نصف اللهو واللعب والمرح، والنصف الثاني يتم إدخاره للتجارة ولكي لا ينفق كل ما لديه ويصبح وأمه فقراء.

وقد شرع أبو الحسن يُغدق من أمواله على المرح واللهو مما ذاع صيته في بغداد كلها، فالتف حوله الكثير من الطامعين؛ فهناك من كان يطمع في سرقته، وهناك من كان يطمع في استغلاله وجعله يُنفق عليه طعامًا وشرابًا ومجونًا وكل شيء، وقد شعر أبو الحسن بذلك، فلم يكن سعيدًا بصداقة أي شخص من هؤلاء لأنه في قرارة نفسه كان يعلم أنهم لا يُصاحبونه إلا لأمواله، ولو ذهبت هذه الأموال لتركوه وحيدًا شريدًا وما نظروا في وجهه.

لذلك قرر أن يقوم باختبار كان يعرف نتائجه مُسبقًا، في جلسة من جلساته قام بجمع جميع أصدقائه وقال لهم متظاهرًا بالحزن والأسى: “يا أصدقائي الأعزاء، يؤسفني أن أخبركم اليوم بهذا الخبر السيء لي ولكم جميعًا؛ لقد أفلست وانتهت كل أموالي وثروتي، أعلم أنكم سوف تحزنون لأجلي لأنكم أصدقائي ولكن ما باليد حيلة، سوف تكون هذه آخر ليلة أنفق فيها على هذه الجلسات وأقيمها في منزلي، على أن نتفق ونتجمع سويًا في منزل أحدكم  بدلًا مني فما قولكم؟”.

صمت جميعهم وكأن الخبر قد وقع وقع الصاعقة على قلوبهم، بوغتوا (أي جاءهم الأمر فجأة) فلم يستطيعوا أن يفعلوا شيئًا، ولكنهم على الرغم من ذلك تجاوبوا معه في الحديث، ولكن في الأيام التالية لم ير وجه أحد من أصدقائه على الإطلاق، وكأنه قد نزل من بطن أمه حديثًا لا يعرفه أحدًا، كان أبو الحسن قد احتال على أصدقائه، فبالنسبة إلى ثروته فهي لم تنته؛ فالنصف الذي ادخره لا زال كما هو، أما النصف الذي كرسه لملاهيه ومسراته فقد تبقى منه جزءًا يسيرًا، وقد ضاق أبو الحسن ذرعًا (أي حزن حزنًا شديدًا) ولم يعرف ماذا يفعل.

فقرر أن يبث حزنه (أي يتحدث) إلى والدته التي هدأت باله وأخبرته أن عليه أن يبحث عن أصدقاء حقيقيين، إلا أنه قد أبى ذلك وقال في إباء: “لن أُصادق بعد اليوم شخصًا أكثر من ليلة واحدة فقط” كان هذا نوعًا من أنواع الجنون لكنه قد أصر على موقفه.

وكان يخرج إلى الطريق بعد صلاة المغرب، فيظل ينتظر مرور أحد الأشخاص الذين يتوسم فيهم القبول، فيعرض عليهم الضيافة والصداقة هذه الليلة في منزله، ويتأكد من أن يأخذ عليهم كل العهود والمواثيق برحيلهم إذا الليلة إنقضت وأن عليهم أن ينسوا تمامًا أنهم يعرفون شخصًا مثله وهو أيضًا سيفعل كذلك.

ولكم أضاع أبو الحسن من صداقات حقيقية نتيجًة لهذا القرار الذي اتخذه بدون روية وتفكير، فقد استمر على نهجه هذا قرابة العام، كان إذا التقى بأحدٍ ممن يعرفونه وجلسوا في ضيافته في إحدى الليالي أشاح بوجهه بعيدًا أو تصرف وكأنه لم يعرفه ولم يقابله قط.

وقد كان الخليفة هارون الرشيد يُحب التجول بين العامة دون أن يعرفوه فارتدى زي التُجار وإلى جانبه خادمه وكاتم سره، وسار فصادف أنه كان يسير على الطريق المُقابل لوقوف أبو الحسن هذا، فلما شاهده أبو الحسن أقبل عليه وحيّاه وعرض عليه الجلوس في ضيافته لليلة بشروطه التي علمناها جميعًا، فاكتسى وجه الخليفة بالتعجب وزاد من الأسئلة عن سبب قيام هذا الرجل بهذه الأفعال فظل يحكي له الحكايات منذ بداية القصة تمامًا، وقد وافق الخليفة أن يذهب معه.

وبينما هُم جلوسٌ قال الخليفة هارون الرشيد إلى أبا الحسن: “ما هو أكثر شيء تتمناه وترى أنه صعب أو مستحيل المنال؟” فتفكّر أبو الحسن قليلًا ثم قال: “أتمنى لو أنني أكون الخليفة فأُصدر قرارًا بمعاقبة وجلد بعض الذين أعرفهم ويسكنون إلى جانبي، فهم مؤذون محتالون ولا يُراعون حق الجيرة”.

صمت الخليفة قليلًا ثم قال له: “هل هذا فقط كل ما تُريده؟” أعاد أبو الحسن التفكير ثم قال: ” لقد فقدت الأمل في هذا الأمر منذ فترة طويلة ولكن لا بأس لو تجدد الأمل لديّ من جديد، وهي على كل حال أُمنية فقط لو أصبح لدى صديقٌ وفيٌ يُصاحبني لأجلي أنا وليس لأجل المال والمصلحة”.

انقضت الليلة على خير وسلام وودع أبو الحسن ضيفه (الخليفة هارون الرشيد) وجرت الحال كما تجري دومًا، ولكنه فوجئ قبل المغيب بصوت جلبة وحُرّاس وضجيج، فخرج من منزله ليرى ماذا يحدث، فشاهد جنود الشرطة يقتادون هؤلاء الناس الذين تحدث عنهم أبو الحسن للتحقيق معهم وجلدهم ومعاقبتهم.

ثم شاهد مرسالًا يُقبل نحوه وقال له بتأدب: “الخليفة هارون الرشيد يطلب مقابلتك” وقع هذا الكلام عليه وقع الصاعقة، وسقط قلبه في قدميه، وذهب ليعرف ماذا يُريد منه الخليفة، ففوجئ بأن هذا الخليفة هو ذاك الرجل الذي كان جليسه بالأمس، ولم يستطع أن يتجاهله كما كان يفعل دومًا.

فضحك الخليفة وقال له: “لا تنسَ العهد يا أبا الحسن سنكون أصدقاء لليلة واحدة فقط” فصمت أبو الحسن خجلًا، وقال له الخليفة: “لقد بحثنا في أمر الأشخاص الذين تحدثت عنهم ووجدنا أنهم بالفعل مُذنبين ويستحقون العِقاب، فبعضهم سارقون وآخرون يُمارسون المجون والدعارة وشرب الخمور، وهُناك من يعملون في قلقلة الأمن، لذلك قد حق عليهم العقاب؛ فهذا مطلبك الأول.. أما مطلبك الثاني فأنا أعرض عليك يا أبا الحسن أن تكون صديقي وجليسي في قصري فما قولك؟”

تلهوج أبو الحسن في الكلام وقال بصعوبة: “هذا شرفٌ كبيرٌ لي يا أيها الخليفة لا أستطيع كيف أشكرك”، وهكذا انتهت القصة وصار أبو الحسن والخليفة صديقين حميمين تجمعهما المودة والمحبة والصداقة الخالصة لا المصلحة.

الدروس المستفادة من القصة:

  • يعرف الطفل أن كلمة أكبر تُجمع على أكابر.
  • يعرف عن مدينة بغداد، تاريخها، وحكامها، وما دار فيها سابقًا، فبغداد لها تاريخ عريق مثل مدينتي مكة والمدينة مهبط ومنشأ الرسالة المحمدية، ومثل القاهرة أيضًا، وكل هذا من الثقافة العامة.
  • معرفة أنه في السابق كان هُناك ما يُسمى بالخلافة العباسية، وأن واحدًا من أشهر خلفائها هو هارون الرشيد الذي كان يحج عامًا ويفتح عامًا، ويقرأ في التاريخ بشكلٍ عام.
  • بالطبع جميع أحداث هذه القصة خيالية ولا تمت للواقع بصلة، وليس الغرض منها تشويه صورة الخليفة هارون الرشيد ولكن فقط كان الغرض هو وضعها في إطار تاريخي.
  • يجب على المرء ألا يسمح لأحد باستغلاله ماديًا ومعنويًا.
  • استخدام الذكاء والحيلة أحيانًا ما يحل الكثير من المشكلات بشرط استخدامهم في ما لا يُغضِب الله.
  • يجب على الإنسان التوقف عن قضاء السهرات التي تجري فيها المُنكرات والأمور التي تُغضِب الله (عز وجل)، وأن يبتعد عن أصدقاء السوء ويعرف كيف يختار أصدقاءًا صالحين.
  • تحري صدق التهم التي توُجه للناس أمر واجب لكي لا يقع الظلم على أحد.

قصة الحاج خليل والدجاجة السوداء

الحاج خليل والدجاجة السوداء
قصة الحاج خليل والدجاجة السوداء

الحاج خليل البخيل، هكذا عرفه أهل الحي، وأصدقاءه وأقرباءه، اشتهر بشحه الشديد (أي بخله)، لديه من الأولاد ثلاثة؛ علي وعمران ومحمد، أولاده الآن قد كبروا وتركوه وحيدًا لعدم قدرتهم على التعايش مع بخله الشديد، عندما كان هؤلاء الأولاد صغارًا كان يتركهم دون شراء ملابس جديدة لهم، فتُصبح ملابسهم بالية (أي قديمة) حتى أنها تمتلئ بالثقوب.

وفي حياته في المأكل والمشرب يضن (أي يبخل) على أهله، فلا يشتري لهم سوى القليل، وقد يتركهم في بعض الأيام جوعى، إن ما فيه الحاج خليل ليس فقرًا فهو يمتلك الكثير من الأموال، لكنه يخزنها ولا يعلم لمن ولماذا؟

أصبح الحاج خليل هذا أحدوثة الحي كله، فالبُخل من الصفات المذمومة التي تستدعي تندر الناس ورفضهم لها، ولعله لم يُعجبه بعد الناس عنه، وسخريتهم منه في أحيانٍ كثيرة وقبل كل هذا بُعد ذويه (أبناءه) عنه، ولكن لم يستطع أن يُقاوم هذا الطبع الغلّاب.

وكان الحاج خليل يعمل في تجارة الدجاج، فيبيع منها الكثير، ولكنه في أحيانٍ كثيرة يضطر إلى أن يغش في تجارته، ليس لشيء إلا لكونه لا يُريد أن يخسر أمواله، فإذا خسرها فإنه يحزن عليها حُزنًا شديدًا، فيضطر مثلًا إلى بيع الدجاج الميت على أنه مذبوح وسليم، وإلى إطعام الدجاج بعض المركبات التي تجعلها منتفخة لكي تُباع بأسعار كبيرة، والكثير من هذا القبيل.

لكن عليك أن تعرف عزيزي القارئ أن الحاج خليل لم يكن غشاشًا بالفطرة؛ لكن صفة البخل قد استدعت هذا الأمر داخله، فأصبح يغش مع الوقت، وعلاوةً على هذا فقد بدأ في تجارة البيض، فأصبح يجعل الفراخ تبيض ويجمع بيضها ويبيعه، وكان يقوم بتجميع كل الأموال التي يكسبها من تجارته، ويضعها في صندوق طويل وكبير، شبهه أحد الحكماء بأنه كالنعش الذي سوف يُحمل عليه الميت.

في يومٍ من الأيام اشترى الحاج خليل دجاجة سوداء بثمنٍ بخس، وقد كان شكلها جذابًا يشد الناظرين لها، المهم أنه لسببٍ خفي ظل يُلاحظ هذه الدجاجة في الجيئة والذهاب، وفجأة حدث أمامه حدث لم يتخيل أنه قد يحدث يومًا في الحياة، فرك عينيه عدة مرات؛ صاح في صوتٍ جهوري: “لا حول ولا قوة إلا بالله.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم” كانت الدجاجة قد باضت بيضة ذات لونٍ ذهبي، اقترب منها الحاج خليل ليتأكد أن نظره لم يضعف بعد، وقد تأكد بالفعل من ذلك.

أخذ الدجاجة ووضعها في مكانٍ آمن وقد وضع أمامها الكثير من الطعام والشراب، وظل يتأمل البيضة ودارت في رأسه الكثير من الأفكار وحدّث نفسه قائلًا: “آهٍ يا خليل لو تبيض هذه الدجاجة بيضة كهذه كل أسبوع.. بل كل يوم! ماذا لو كانت دجاجة سحرية وتبيض أكثر من واحدة في اليوم! سأصير في غضون شهور من ذوي الملايين”.

ولمعت في رأسه فكرة مخيفة ولكنه لم يستطع إزاحتها عن رأسه “ماذا لو قمت بذبح هذه الدجاجة لأستخرج القطعة الذهبية الكبيرة التي بداخلها مرة واحدة؟” إلا أنه خشي أن يخسر كل شيء.

ظلت الدجاجة عنده لشهور، كانت تارةً تبيض بيضة ذهبية كل يوم، وتارةً كل يوم جمعة، وفي مرات تبيض البيضة ثم تنقطع شهرًا كاملًا وهكذا، وقد قام الحاج خليل بتخزين الكثير من الأموال في صندوقه الذي يُشبه النعش هذا، ولكن في يومٍ من الأيام خطرت له خاطرة وقال في جذع (عدم صبر): “لن أستطيع الصبر والصمود أكثر من ذلك… هذه الدجاجة اللعينة تُقطر لي الذهب تقطيرًا تبيض على مزاجها! سوف أقوم لأذبحها وأستخرج كل الذهب الذي لديها مرةً واحدة!”.

وفي غضون دقائق كانت الدماء تسيل من رقبة الدجاجة، وبدأ في تقطيعها بحثًا عن الذهب فلم يجد سوى الدماء واللحم، ظل يلطم خديه ويولول كما تفعل النساء، “ماذا فعلت بنفسي.. يا لطمعي ويا لبخلي ويا لجشعي! كم كنت مغفلًا!” هكذا ظل يلوم نفسه على ما فعل.

إن بخله الشديد قد جعل لديه قدرًا كبيرًا من الطمع جعله يُقدم (أي يقوم بفعل) هذه الفعلة الحمقاء!، جر الحاج خليل أذيال الخيبة (كلمة توحي بشدة الندم) وسار متوجهًا إلى صندوقه الخشبي الذي قد وضع فيه كل الأموال التي اكتنزها، وحرم نفسه من التمتع بها هو وأبناءه طيلة حياته، وظل يبكي فوقه حتى نام! ولكنه نام ولم يستيقظ مجددًا فقد مات الحاج خليل ولم يستطع الانتفاع من كل هذه الثروة المُكدسة على مر الزمن.

الدروس المستفادة:

  • الألفاظ والتعبيرات الموضوعة فيما بين القوسين (..) تعبيرات جديدة وجميلة تزيد من حصيلة الطفل اللغوية، ومن فصاحته.
  • يعرف الطفل أن البُخل من الصفات الذميمة.
  • يعرف الطفل أن الصفات السيئة تجر الصفات الأخرى تباعًا؛ فالبخل يجر في ذيله الطمع والغش وعدم الأمانة، وهكذا يسير الأمر في كل نواحي الحياة.
  • الطمع دائمًا ما يُقلل ما قد يجمعه الإنسان في حياته، فالبخيل هذا كان من الممكن له أن ينتفع بين الحين والآخر ببيضة ذهبية إلا أنه بقيامه بذبح الدجاجة ظنًا منه أنه سوف يحصل على الكنز الأعظم، قد أضاع كنزه الصغير للأبد.
  • الإنسان عندما يكون سيء الصفات يبتعد عنه الناس جميعًا حتى أقرب الأقربين له.
  • من الواجب لفت النظر إلى موقف الأولاد من والدهم -الحاج خليل- فعلى الرغم من كونه سيء الصفات كان لا بُد لهم من الإحسان إليه وزيارته بين الحين والآخر.
  • انظر إلى نهاية الحاج خليل حيث مات حزينًا على ماله وفوق ماله الذي ظل طيلة حياته يجمعه، فهو لم يستطع الاستفادة من هذا المال بأي شيء، فملابسه بالية وطعامه قليل ومتدني الجودة، فماذا كسب من جَنيِه لهذا المال؟ ونجد أن الدين الحنيف يدعونا إلى ترك مثل هذه الصفات الذميمة، وقد كان الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) مثلًا عاليًا في الكرم، والعرب عمومًا قد كانوا يتحلون بصفة الكرم دونًا عن غيرهم من الشعوب.
  • يجب على الإنسان أن يقوم بضبط طريقة تفكيره في الأشياء ليرى إذا كانت هذه الطريقة فعالة أم لا، فإذا نظرنا إلى طريقة تفكير الحاج خليل سنعرف أنه ضيّق الأفق؛ فكيف تخيّل أن تلك الدجاجة الصغيرة يُمكن أن تحتوي على كنز كبير؟
  • بالطبع القصة تمنح الأطفال قدرًا كبيرًا من الخيال المُحبب إلى النفس مما يزيد من فرص إبداعهم.

قصص مغامرات للأطفال قصيرة جدًا

المغامرة الأولى: اكتشاف سارق المنزل

سارق المنزل
اكتشاف سارق المنزل

مصطفى، هذا هو بطل قصتنا، المُغامر الصغير ذو العشرة أعوام، يحلم مصطفى أن يصير مُحققًا عندما يكبر فهو يرى في نفسه أنه يمتلك هذه المواهب والقدرات، وبالنسبة للألعاب التي يمتلكها فهو لديه العدسة الخاصة بتتبع البصمات، والقيود الحديدية التي يُكبَّل بها المجرمون، وحتى القفازات التي لا تؤثر على البصمات لديه، ولكن هذا كان في نظر والديه مجرد لهو أطفال حتى جاء ذلك الوقت  الذي استطاع أن يثبت لهم أنه بالفعل طفل ذكي ولديه قدرات.

كان صديقنا مصطفى ينظر من النافذة ذات يوم عندما لاحظ أن هناك شخصًا غريب الملامح لم يره من قبل، يُحدق إلى المنزل المجاور لهم، (أي ينظر له مُطيلًا ومنتبهًا للتفاصيل)، راعه (أي أهمه ولفت نظره) ما رأى ودخلت الريبة في عقله، لاحظ مصطفى من جديد أن هذا الرجل يقف فترات طويلة كل يوم أمام المنزل لا يفعل شيئًا سوى التحديق في المنزل، وفي الأشخاص الداخلين والخارجين، وكان يتعمد الوقوف عند الأبواب والنوافذ.

فكّر قليلًا ثم خطر في باله خاطرة، “هذا الرجل من الممكن أن يكون لصًا!” هكذا قال لوالديه الذين ضحكا وابتسما، وأخبراه أنه فقط يُفكر في الأمر أكثر من اللازم، وأنه ليس كل شخص قد يقف منتظرًا أحد في الشارع أو لسبب ما يُمكننا أن نقول عليه أنه لص، حاول مصطفى بكل الطرق إقناعهم بأنه على حق ولكن جميع محاولاته باءت بالفشل، حينها قرر أن عليه العمل وحده معتمدًا على ذكاءه وقدراته الصغيرة.

قام بتحميل صوت “سيارة الشرطة” من على شبكة الإنترنت، وتخزينها على هاتفه المحمول، وظل ينظر بين الحين والآخر من خلال النافذة، حتى حلّ الظلام، وعرف أن أنسب وقت لتنفيذ مثل هذه الجرائم في المنزل، وقد استرجع بذاكرته بعض المعلومات وأدرك أن جارهم السيد “شُكري” يقوم بترك المنزل وهو وعائلته كل يوم جمعة للذهاب للتنزه خارجًا ولا يعودون إلا متأخرين.. فكر للحظات أخرى وسأل نفسه سؤالًا: “في أي يومٍ نحن؟” لم يحتج وقتًا كبيرًا للتفكير فقد عرف أن اليوم هو يوم الجمعة وهو يوم تنفيذ هذه العملية.

ذهب سريعًا ليتأكد من رقم الاتصال بالشرطة وقد حفظه عن ظهر قلب، وقف أمام النافذة متخفيًا لكي لا يراه أحد، منتظرًا ذلك اللص، لم تفت دقائق معدودات وقد هدأ الشارع تمامًا، ولاحظ مصطفى وجود شخص يمتلك حبلًا ويقوم باستخدام هذا الحبل للتسلق فوق المنزل، ألقى بالحبل وشرع يُلقي حقيبته من فوق السور.

وكانت الحقيبة بالطبع تحتوي على أدوات السرقة خاصته، رأى مصطفى أنه قد يستطيع تعطيل هذا اللص قليلًا عن طريق قص الحبل الخاص به من دون أن يدري وإخفاء الحقيبة، وتذكر أن هُناك بابًا خلفيًا مُغلق منذ زمن يربط بين منزله وحديقة منزل جاره، فأسرع كالبرق ليدخل من هذا الباب في خفة وقام بأخذ الحقيبة، وكان قد وضع مِقصًا في جيبه وقام بقطع الحبل الذي سوف يتسلق عليه السارق، وأغلق الباب وعاد إلى غرفته يراقب من الشرفة مرة أخرى.

المهم أن ما فعله الصبي كان فقط غرضه تعطيل هذا اللص عن فعلته، وهنا انتهز مصطفى الفرصة  وقام بإبلاغ الشرطة بجريمة السرقة وبالعنوان، ولما لاحظ أن السارق نجح في تسلق السور من دون الحبل، قام بتشغيل صوت سيارة الشرطة مما تسبب في خوفه الشديد وعرقلته، ولم تمر دقائق حتى جاءت الشرطة ونجحت في القبض عليه.

ذُهل الوالدان عندما سمعا كل هذا وعرفا أن ولدهما الصغير ذلك هو الذي نجح في إحباط محاولة السرقة هذه، وقد شكره جاره السيد شكري شكرًا كبيرًا وتنبأ له بمستقبل باهر، وكذلك فعل رجل الشرطة حيث قال بأنه لولاه لاستطاع السارق الفرار بفعلته.

الدروس المستفادة من هذه المغامرة:

  • تُسلط القصة الضوء على فكرة اكتشاف الطفل لذاته ولمواهبه، فالشرط هنا ليس أن يكون الطفل طبيبًا أو مُحققًا أو مهندسًا على سبيل المثال، فالعالم سُنته الاختلاف، وهناك الكثير من المواهب والأعمال الجليلة والمختلفة في هذا العالم، ووظيفة الوالدين مساعدة الأبناء على تنمية هذه المواهب والقدرات واكتشافها قبل كل ذلك بالطبع.
  • لا ينبغي عليك استصغار مجهود أي شخص.
  • التخطيط الجيد والتنظيم هو السبيل الوحيد للنجاح.
  • يجب على المرء أن يُجيد استخدام الأدوات المُتاحة أمامه خير استخدام عن طريق التفكير المُنظم والهادئ.
  • الرياضة مهمة للغاية، فلو لم يكن مصطفى سريعًا لما استطاع أن يقوم بتنفيذ خطته بنجاح.
  • يجب على الآباء جعل الأبناء يعيشون طفولتهم وعالمهم الخاص كما ينبغي لأن هذا ينعكس على شخصياتهم عندما يكبرون.

المغامرة الثانية: السمكة الصغيرة وسمكة القرش

السمكة الصغيرة
السمكة الصغيرة وسمكة القرش

بينما تجلس السمكتان، السمكة الأُم وإلى جانبها ابنتها الصغيرة في قاع البحر سمعا صوتًا عاليًا مثل صوت الأبواق يقول “بوووووووووووم”، فزعت السمكة الصغيرة إلا أن الكبيرة بدت وكأنها مُعتادة على الأمر، فقد قالت لبنتها بثقة: “لا تقلقي يا عزيزتي هذه السفن خاصة ببني الإنسان”. حملقت السمكة الأخرى قليلًا ثم قالت: “أتعلمين يا أُمي! أتمنى كثيرًا لو أستطيع أن أقترب منهم وأراهم عن قرب.. أن أُشاهد أدواتهم ومبانيهم” قالت لها والدتها محذرة: “إياكِ أن تفعلي.. فهم خطرون وأنتِ صغيرة!”.

بدأت مناوشة كلامية بين السمكة الصغيرة ووالدتها، فالصغيرة ترى أنها كبيرة وأنه لا يجب على والدتها أن تقوم بمنعها من الاقتراب من البشر، أما الكبيرة فتدرك أن ابنتها لا زالت صغيرة ولا تستطيع تفادي المخاطر والصعاب بمفردها، وبينما تدور هذه المناوشة حضر المحار إلى الجلسة الحوارية تلك، وفي دقيقة عرف كل القصة، فوقف إلى جانب الأم في رأيها، وحاول أن ينصح السمكة الصغيرة بأن تتعقل قليلًا وأن تُنصت إلى ما يقوله الكبار لها.

لم تقتنع السمكة الصغيرة بذلك وأصرّت على رأيها، وفي يومٍ من الأيام سمعت صوت ضجيج البشر، فقررت التسلل خفيةً والاقتراب من تلك السفينة، لاحظها أحد الطيور الصديقة للأسماك، فاقترب منها وخاطبها ناصحًا: “ماذا تفعلين أيتها السمكة… لا تقتربي أكثر من ذلك… هؤلاء البشر مؤذون وخطرون”.

لم تُنصت السمكة لهذه النصائح وقررت أن تكمل سيرها، حتى اقتربت من السفينة البشرية وابتعدت عن مكانها، ففوجئت بشيء ذا فتحات يتم إلقاؤه عليها، عندما شاهدت منظره أدركت أن هذا هو الذي يتحدثون عنه ويسمونه “الشبكة” ويستخدمونه لصيد الأسماك.

لم تعرف كيف تُخرج نفسها منه، وقد وجدت نفسها محشورة في داخله مع المئات من الأسماك الأخرى، وبعد قليل سمعت الكثير من أصوات الصُراخ، واهتزت المياه بهم فاستطاعت التملص من هذه الشبكة وظنت أنها هكذا قد نجت، ولكن كانت المُفاجئة الكبرى بانتظارها وهي سمكة قرش كبيرة كانت هي السبب في كل هذه الجلبة التي حدثت والذعر وأصوات الصراخ.

سارعت هذه السمكة المفترسة في ابتلاع جميع الأسماك الأخرى الصغيرة، وأوشكت أن تبتلع صديقتنا هذه لولا أنها سمعت صوتًا مدويًا شديدًا ورأت الدماء تتدفق في المياه من سمكة القرش، حيث قام أحد البشر بقتلها بطلقٍ ناري، وهكذا نجت السمكة بأعجوبة من سلسلة المخاطر هذه وعادت إلى والدتها وإلى رفاقها وهي في أشد الندم على ما فعلت، فقد اقترفت خطأً كبيرًا عندما لم تسمع الكلام، وعندما تحذلقت واعتقدت أنها قد كبرت بما فيه الكفاية لتفعل كل الأشياء.

الدروس المستفادة:

  • من الواجب علينا قبول النصح من الآخرين.
  • الحذلقة/ الفزلكة من الصفات المذمومة التي قد يتحلى بها الإنسان، فكل شخص يعتقد أنه يفهم أكثر من الجميع ويعرف أكثر من أي شخص سوف يكون مكروهًا وسط الناس وسيفشل في جميع مساعيه.
  • لا يجب أن يقود الفضول المرء إلى المخاطر.
  • هذه القصة فرصة جميلة لكي يعرف الطفل عالم الأسماك ويشاهد صورها عبر الإنترنت حيث أنه عالم مثير يدعو للتأمل في عظمة الخالق.

قصة قصيرة عن الصدق

قصة عن الصدق
قصة قصيرة عن الصدق

تقول الحكمة الشهيرة “الصدق منجاة والكذب مهواة” ومعناها أن الصدق يُنجي الإنسان أما الكذب فيهوي به إلى قيعان الجحيم، وفي هذه القصة التي أمامكم مثالًا حيًا على الصدق الحقيقي، ذلك الصدق الذي يتحلى به الأطفال ويقع في فطرتهم الطيبة.

استيقظ كريم صباحًا مستعدًا هو وأسرته الصغيرة لكي يسافروا إلى واحدة من المدن المجاورة لقضاء نزهة، كريم هذا في الحادية عشر من عمره، طفل خلوق مهذب بار بوالديه، تعوّد على الصدق ولعله لم يكذب قط.

في أثناء رحلتهم هذه تعرضت الباخرة التي كانوا يستقلونها للسطو والسرقة من قبل سارقي البحر المُلقبين “بالقراصنة”، هجم هؤلاء القراصنة على رُكاب الباخرة العُزل من السلاح، وكانوا -القراصنة- مدججين بالكثير من أنواع الأسلحة، كانت الباخرة سياحية، وتحمل رُكابًا أثرياء ومعهم أموال وهدايا وأشياء ثمينة، فوجدوا أن حظهم سعيد لأنهم سينهبون الكثير من الثروات.

صاح أحدهم في غلظة: “لو تحرك أحدٌ منكم سوف أقتله في الحال”، بينما قال الآخر: “سنترككم ترحلون بسلام.. لكن بعد أن نأخذ منكم كل ما تملكون” (قهقهات وضحك).

حاول الركاب إخفاء ما يملكون من أموال لكي لا يسرقها كلها القراصنة، لكن كيف لهم ذلك؟ فشلوا فشلًا ذريعًا وصار السارقون يفتشون كل واحد تفتيشًا تفصيليًا ليخرجوا كل ما معه من أموال، أسرع كريم بأخذ بعض الأموال من والده، وأخفاها سرًا تحت ملابسه، ولحسن حظه أن السارقون قد استصغروه فلم يقوموا بتفتيشه.

ومر واحدٌ من هؤلاء القراصنة إلى جانبه فنظر إليه وقال: “أنت أيها الصغير.. هل تحمل معك شيئًا؟” رد كريم: “نعم أحمل معي أموال أخفيتها منكم”، كما يقولون ركبت العفاريت رأس ذلك القرصان وظن أن الولد الصغير يستهين به ويحاول المزاح والعبث معه، فأخذه من كتفه وقال له: “هل تحاول العبث معي أيها الصغير.. لو كررتها مرة أخرى سأقتلك”.

كاد الخوف يقتل كريم الصغير وكذلك والديه، وبحركة مفاجئة قام القرصان بتعرية ملابس كريم ليجد فعلًا الأموال التي تحدث عنها الولد، إزداد غرابة وقال له: “تعال معي يجب أن يراك الزعيم”.

أخذه للزعيم الذي كان واقفًا مزهوًا بنصره وبالأموال التي قام بسرقتها، رجل في الخمسين من عمره مفتول العضلات ذو شعر أبيض ولحية تبدو عليها معالم الشيب أيضًا، التفت إلى الرجل وتساءل: “لماذا جئت بهذا الولد؟” رد عليه الرجل قائلًا: “لعل هذا الولد شجاع بما يكفي ألّا يكذب عليّ أيها الزعيم” وحكى له الحكاية.

ضحك هذا الزعيم ثم وجه سؤاله إلى كريم: “هل تعتقد نفسك شجاعًا أيها الولد؟” قال له كريم في نبرة خائفة: “كلا.. ولكنني أعتدت ألّا أكذب، وكذلك عاهدت والديّ على قول الحق دومًا”.

كانت هذه الكلمات رغم كونها مقتضبة قد وقعت على قلب الرجل وقع الصاعقة، فهذا الولد الصغير يعرف عن العهد وعن الصدق والأمانة أكثر مما يعرفون هُم مجتمعين، للحظة تذكر  ذلك الزعيم أنه يرتكب جريمة عظيمة وذنب كبير، وأنه يُخلف عهودًا كثيرة مع الله، وأن والدته قد اختصمت معه لأنه اتجه للسرقة.

تذكر كل هذا وندم ندمًا شديدًا، وقرر أن يعود إلى الله بعد هذه الكلمات التي لامست قلبه، ولعلك سوف تدهش لو علمت أنه قام بتسريح عصابته الذين تاب بعضهم معه وفر الآخرون للالتحاق بعصابات أخرى، كما أنه قد عاد إلى والدته باكيًا نادمًا كل الندم على فعلته يتمنى من الله التوبة، هكذا هو الصدق.

الصدق وتعليمه للأطفال:

لا نستطيع أن نتحدث عن الصدق ونغفل في حديثنا عنه عن الحديث الشريف للرسول الكريم والذي في جزءٍ منه يقول: “أيكذب المُسلم؟ قال: لا”. وفي هذا نهي صريح عن الكذب، فلا يجتمع كون الشخص مُسلمًا وكونه كذابًا في نفس الوقت.

ولذلك فإن تربية أولادنا على الصدق وعلى الصراحة من الأمور الهامة التي لا ينبغي علينا إغفالها، وتذكروا أن من شب على شيء شاب عليه، بالطبع فرصة التغيير موجودة حتى لو بلغ الشخص من العمر التسعين عامًا، لكن خطة إنشاء إنسان متكامل وقويم والتي نُحاول في موقع مصري المُساهمة فيها بهذه القصص القصيرة الهادفة، تستدعي أن يكون الطفل مُتحليًا بكريم الصفات والأخلاق.

قصة حيلة الحمار

حيلة الحمار
قصة حيلة الحمار

الحيوانات عالم متشابك ومعقد، لو نظرت إليه من الخارج لشعرت أن مُمل، متشابه وغير مختلف، لكن عندما تقترب منه تكتشف أشياء أخرى جديدة، أشياء لم تكن لتتوقع أنها كانت موجودة، حتى ذلك الذي يصفونه بالغباء قد يستطيع أن يفكر ويحتال ويخدع، ويستطيع أن يشعر بأخيه ويرأف لحاله؛ لن اشوِّقك أكثر من ذلك تعالَ معي لتعرف ما هي الحكاية.

الثور يجلس متفكرًا، تبدو عليه معالم الهم والحزن والتعب، إلى جانبه يجلس الحِمار، ناجى الثور صديقه الحمار الجالس بجانبه قائًلا: “لقد تعبت يا صديقي.. أرهقني التعب ولا أعرف ماذا أفعل؟ منذ الصباح والعامل في هذه المزرعة يأخذني بأمر سيده إلى العمل في الحقل، نقوم بكل الأعمال علاوًة على أنه يضربني في أحيانٍ كثيرة، والشمس قد فعلت أفاعيلها بي، ولا أعود إلا عند الغروب لتتكرر مأساتي هذه كل يوم بلا انقطاع”.

بالصدفة كان صاحب المزرعة الحاج سيد يغلق عليهم الباب عندما سمع أصواتهم، أدرك بفطنته أن هذا صوت الثور وهو يتكلم، وأطرق السمع جيدًا له، ورد الحمار على الثور قائلًا: “صدقني يا صديقي أنا أشعر بالأسى لأجلك.. لا تعتقد أنني أرتاح هنا.. فنحن إخوة وأنا أتألم لألمك.. سأفكر لك في حل ينهي تعبك ومأساتك”.

كان الحمار على عكس الثور تمامًا، فالثور يكد ويكدح طيلة اليوم أما الحمار فيجلس طيلة اليوم، ولا يمتطيه (يركبه) سوى الحاج سيد في أوقات قليلة من اليوم، وغير ذلك فهو يأكل وينام ليستيقظ ليأكل مجددًا وينام.. وهكذا!

خطرت في بال الحمار فكرة اعتقد أنها فكرة جهنمية بحق، كفيلة بأن تقوم بحل مشكلة الثور للأبد، قال له: “لقد وجدت لك الحل يا صديقي…لا تقلق، سوف تقوم بالتظاهر بالمرض الشديد، ولا تقف على رجليك عندما يوقفك العامل بالمزرعة، سيحاول ضربك.. عليك التحمل، ثم قم برفض الطعام الذي سيتم تقديمه لك في هذا اليوم، سيهملونك بعدها ويتركونك وشأنك لفترة كبيرة، ستسترخي في هذه الفترة وتستريح منهم وتصير مثلي تمامًا”.

سمع الحاج سيد هذه الخطة جيدًا، علم أن الحيوانات تنوي أن تمكر عليه، تأكد من انتهاء الحديث ثم انصرف عائدًا إلى مكانه.

ولمّا جاء الصباح وشرع الثور في تنفيذ الخطة، حاول العمل إيقاظه بكل الطرق، إنهال عليه ضربًا، ثم حاول تليينه ودفعه بالحُسنى، فلم يُفلح أيضًا، حاول إغراءه بالطعام ففشل! أيقن أن في هذا الحيوان مشكلة، تركه وأخذ الحمار.

أدرك الحمار أنه قد أوقع نفسه في مشكلة كبيرة “ماليّ أنا ومال الثور.. فليحترق وليذهب إلى الجحيم لقد ابتليت نفسي بشيءٍ عظيم”، ظل الحمار طيلة اليوم يكد ويكدح، وكان هذا العامل صاحب الجسد الثقيل يمتطيه في كل وقتٍ وحين، في نهاية اليوم وقف الحاج سيد ووجه كلامه إلى العامل بلهجة خبيثة قائلًا: “لو وجدت هذا الثور مُتعبًا في الغد فلتأخذ الحمار بدلًا منه”، أجاب العامل: “حسنًا يا سيدي”.

تأكد الحمار أن عليه أن يجد حيلة ليستطيع التخلص من هذه المشكلة الكبرى التي وضع نفسه فيها، لكن ماذا يفعل؟ توقفت أذناه والتمعت عيناه وكأنه قد وجد فكرًة ما جيدة، عندما عاد إلى المنزل كان منهكًا يكاد يقع من التعب، تنبه الثور إليه وقال له: “ما الذي حدث لك يا صديقي.. لقد اعتقدت أننا سوف نجلس معًا.. لماذا أخذوك؟”.

رد الحمار بمكر لم يفهمه الثور: “دعك مني.. لدى معلومات خطيرة يجب أن تعرفها قبل فوات الأوان”، توقف حاجبا الثور وقال في استغراب: “خطيرة! ماذا؟ أخبرني” قال الحمار: “الحاج سيد صاحب المزرعة ينوي ذبحك إذا استمريت في حالتك تلك.. هو يقول أنه لا يُحب الحيوانات الكسولة، وأنه على استعداد لأن يقوم بذبحك وشراء ثور جديد يقوم بنفس ما كنت تقوم به وأكثر من ذلك، يجب أن تحاول إنقاذ نفسك يا صديقي”.

وقع هذا الكلام على قلب الثور وقع الصاعقة (أي أخافه كثيرًا)، وقال: “لقد فشلت الخطة إذن.. يجب عليّ أن أحاول إنقاذ حياتي.. يا إلهي ماذا لو جاء الذبّاح غدًا.. سينتهي أمري عند ذلك.. آهٍ لو أستطيع أن أصل إلى الحاج سيد الليلة.. لأعملن طيلة الليل والنهار بلا انقطاع لحظة واحدة”.

قال له الحمار: “أثبت جدارتك لهم غدًا في الصباح الباكر”، انتهى الحديث وخلدوا جميعهم إلى النوم، وكان الحاج سيد واقفٌ طيلة هذه المدة يسترق السمع إليهم، وقد بانت أسنانه عن ابتسامة النصر ونجاح الخطة، حيث نجح في جعل الحيوانات تمكر لبعضها بعد أن كانوا يودون المكر عليه.

وفي الصباح بينما يفتح عامل المزرعة الباب وجد أمامه الثور نشيطًا جاهزًا للعمل، وقد أكل ما وضعه له من طعام، وبدا مستعدًا للقيام بأعمال تكفي لخمسة ثيران، وبالفعل قد فعل ذلك وعاد شاعرًا بالرضى لأنه قد أنقذ حياته، وأنقذ رقبته من تحت السكين.

الدروس المستفادة من قصة حيلة الحمار:

  • على الطفل أن يعرف أكثر عن عالم الحيوانات، وأن لجميع المخلوقات ومنها الحيوانات طرق للتواصل مع بعضهم البعض ولكن الإنسان لا يعلمها، وأن الوحيد الذي قد منحه الله هذه القدرة هو نبي الله سليمان (عليه السلام).
  • يجب أن يترسخ في وجدان الطفل مسألة الرفق بالحيوانات والرأفة والرحمة بها، فلا يجب أن تتعرض للضرب أو للأعمال الشاقة التي تفوق طاقتها، لأن الله سيحاسبنا على ذلك، كما أنها يجب أن تأخذ نصيبها من الطعام كافيًا.
  • يجب أن يعتاد المرء على الشعور بمعاناة ومأساة الأخرين، ولنا في ذلك مثال موقف الحمار في بدايته حيث كان يشعر بأناة وتعب أخيه الثور، وقرر أن يساعده في حل مشكلته.
  • يجب أن يبقى الإنسان محافظًا على مبادئه ولا يتبع نظام المصلحة الشخصية، فالحمار بعد أن أبدى مجهودات كبيرة لمساعدة الثور قام بخداعه وتخلى عنه من جديد.
  • استخدام الذكاء من أبرع الوسائل لتخطي المشكلات.
  • الحمار الذي يعني في حياتنا أنه رمزٌ للغباء والبلاهة، يظهر في القصة مُفكرًا ومُحتالًا بارعًا يُخطط الخطط ويقوم بتدبير الحيل، وهذا يُنبهنا إلى عدم التقليل من شأن الآخرين ومن قدرتهم على التفكير والإبتكار.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *