حواديت حُب جميلة

ibrahim ahmed
2020-11-03T03:27:28+02:00
قصص
ibrahim ahmedتم التدقيق بواسطة: مصطفي شعبان13 يوليو 2020آخر تحديث : منذ 3 سنوات

حواديت حُب
حواديت حُب جميلة

تهتم فئة كبيرة من الناس بقراءة قصص الحُب والرومانسية فيما يُعرف بالأدب الرومانسي، والحق أنه رغم الكثير من التجاوزات التي قد نراها في بعض قصص الحب، إلا أن هذا لا ينفي إمكانية وجود قصص حُب مُلهمة وجميلة تنتمي إلى فئة الأدب الراقي بعيدًا عن ذلك الإسفاف الذي ينتشر بين الحين والآخر.

والباحث في تلك الشريحة المُهتمة اهتمامًا كبيرًا بقصص الحب والرومانسية يتأكد أن الفئة الأكبر التي تبحث عن هذا اللون هم فئة المُراهقين والشباب، وهذا لا ينفي اهتمام الكثير من الفئات الأخرى بها، ولكنهم يحصلون على نصيب الأسد من الاهتمام، ولذلك فإن كتابة مثل هذه القصص تُعد مسؤولية كبيرة للغاية لأنه سيتشكل بها وعيهم وآراءهم مستقبلًا.

حكاية بعد أن تنتهي الحرب

كان جنديًا من جنود الحلفاء في الحرب العالمية الثانية بريطاني الجنسية، جاءه طلب التجنيد العاجل قبل أن يُنهي دراسته الجامعية فذهب إلى ألمانيا مع من ذهبوا لوقف الزحف النازي وإعادة موازين القوى التي اختلت.

كان يعيش أيامًا عصيبة في الحرب، وكانوا عندما يدخلون إلى مدينة من المدن الألمانية، تأتيهم الأوامر بعدم التعامل مع أي شخص فيها إلا بغلظة شديدة، وذات يوم بعد أن قاموا بالاستيلاء على واحدة من المدن الألمانية المعمورة والهامة، شاهد فتاة شابة في سنه تقريبًا أو أصغر منه بقليل شعر نحوها بانجذاب غريب لا يعرف سببه، ولا يجدر أن يشعر به أصلًا فهو جندي وهي من دولة الأعداء.

كانت هذه الفتاة مدنية لا ذنب لها بما اقترفه النازيون ولكنها كانت تدفع الثمن أيضًا مع كثير ممن دفعوه، لم يستطع أن يقاوم فضوله وحاول أن يحتك معها في الحديث، إلا أنها كانت خائفة جدًا.

كانت تخاف منه ومن الموقف ككل، وكانت الفكرة الراسخة في أذهان الجميع أن جنود الحلفاء همجيون يأتون فيدمرون المدن ويحرقونها ويغتصبون نساء المدن ويفعلون الكثير من الأفاعيل الوحشية، لذلك فقد كان التواصل معها صعب بالنسبة له، إلا أنه ذات يوم قد وجد بُستانًا لم تحرقه الحرب وبه بعضٌ من زهور، فقام بقطف وردة حمراء من هذا البُستان وأخفاها في ملابسه حتى لا يراها أحد، وتسلل إلى المكان الذي تسكن فيه هذه الفتاة، وابتسم في وجهها ثم منحها تلك الوردة.

فوجئت الفتاة بهذا الفعل كما أن وجنتاها قد احمرتا خجلًا ولم تدر ما تفعل ولكنه قد أصرّ عليها أن تأخذها، ولتعلم فإنهم لم يكونا يتحادثان على الإطلاق ولكن كانا يتعاملان بلغة الإشارة وذلك لأنه كان يتحدث الإنجليزية وكانت هي على عكسه تتحدث الألمانية.

وبعد هذا الموقف حدثت الكثير من اللقاءات بينهما، فقد نشأ نوعٌ من الاستلطاف على الرغم من العوائق والفوارق الكبيرة، فهما من دولتان مُتعاديتان، كما أنهما لا يتحدثان نفس اللغة ولا يوجد وسيلة تواصل بينهم سوى العيون والنظرات وبضع كلمات غير مفهومة.

حكاية الحرب
حكاية بعد أن تنتهي الحرب

ولمّا طالت بينهما اللقاءات سعى كل شخص منهم لتعلُّم الآخر لُغة بلد الآخر ليستطيعا التواصل بأريحية، وحكت له الفتاة حكايتها وأخبرته أن والدها كان مهندسًا ألمانيًا وأن والدتها قد ماتت في قصف حربي، وأنها تعيش مع جدتها، أما والدها فقد ذهب للحرب رغمًا عنه حيث طُلب من جميع الرجال القادرين على القتال الذهاب، وهكذا صارت تشعر بالوحدة على الرغم من كونها غير وحيدة فعليًا فكان يقطن معها بنات عمومتها وجدتها.

وقد كانت هذه الفتاة تدرس الطب في عامها الأول، وأخبرته أنها كانت من المتفوقين في دراستها وقالت له ذات مرة بلهجة إنجليزية غريبة أضحكته: “هل تعلم! لو كُنا في زمان غير الزمان ولم تكن هُناك حروبٌ أو دمار، لعلني كنت أكملت دراستي للطب وصرت طبيبة عالمية مشهورة ولعلي ذات يوم كنت ألتقي بك في بلدك”.

صمت هذا الشاب وكان اسمه “كريس”، وكأن كلماتها قد ذكرته بأشياء مضت، أو أنها قد أدمت جُرحًا نازفًا داخله وهو الحرب، وقال لها في نفس الوقت: “الحقيقة أنني أخاف.. نعم أخاف كثيرًا”، فارتعدت واندهشت وقالت له: “وممَ تخاف! لا أُريد أن أكون خائنة لوطني لكني أعتقد أنكم سوف تكسِبون الحرب، الجميع يعتقد هذا ويقولون أنها مسألة وقت”.

وأكملت كلامها بشيء من التردد: “وأعتقد أن بعد هذا يُمكنك أن تأخذني إلى بلادك لنتزوج ونعيش سويًا ونكوِّن أُسرة”، ابتسم كريس كثيرًا وكان هو الآخر يأمل ذلك وقال أنه من ضمن خططه التي ينوي تحقيقها فعلًا حتى لو تطلّب الأمر أن يُغادر أوروبا كلها وهي معه.

وذات يوم انقطع كريس كثيرًا عن زيارتها ولم يظهر لها ظهوره المفاجئ كما كان يفعل في السابق، وكان في قلبها خوف غريب وقلق لا تعرف مصدرهما، حتى تشجعت ذات يوم وقررت الذهاب بنفسها إلى المعسكر للسؤال عنه، كان مر على عدم زيارته لها شهر أمضته في عذاب.

لكم كانت حركة شُجاعة فهي ألمانية وتعلم جيدًا كم هي ممقوتة من جنود الحلفاء -ماعدا كريس طبعًا- وذهبت وتحمّلت الكثير من التحرش والمُضايقات من الجنود، حتى سمعها أحدهم وهي تسأل عن كريس، فأخبرها آسفًا أنه مات منذ حوالي شهر في إحدى الغارات، وعادت مُحطمة مصدومة والدموع على وجنتيها تسيل.

القضية التي تناقشها القصة:

على الرغم من أن هذه في المقام الأول حواديت حب قصيرة تدور حول موضوع الحب والعشق، إلا أنها تُناقش موضوعًا هامًا وهو الحرب وما تفعله بالبشر، فيمكننا القول أنه لولا الحرب لاستطاع بطلا القصة الزواج لو اجتمعا في ظروف ملائمة، لكن الحرب دمرت حياة الفتاة وجعلتها كالخراب، وكذلك قضت على حياة الشاب نفسه ومات.

كما أن القصة تناقش موضوعًا خفيًا آخر وهو لغة التواصل بين الأشخاص حيث أنه ليس من الضروري أن يكون الشخصان يتكلمان بلغة واحدة لكي يفهما بعضهما البعض، بل أنه لمجرد وجود شعور خفي داخل القلب نشأ الحب بينهما.

حواديت قبل النوم حب

حواديت حب
حواديت قبل النوم حب

نشارك معكم بعض حواديت الحب التي يُمكنكم قراءتها والاستمتاع بها قبل النوم، ففي قصص الحب يتحرك الجانب الوجداني للمرء، وحواديت الحب لا تقتصر قراءتها على الفتيات فقط فهناك الكثير من الشُبان الذين يقرؤونها.

قصة عهد المُحبين

كان المطر دائمًا ما يُذكّرها به، هل لأنه مبعث الآلام والأحزان وطلب الأمنيات المفقودة؟ أم هل لأنهم التقيا ذات يوم تحت الأمطار؟ هي لا تعلم، لكن كل ما تعلمه أنها تتذكره بشدة وتشعر به وكأنه بجانبها وقت الأمطار.

لم يستطع الزمن أن يُنسيها ذلك الحب الضائع، وكأنه كلما مرت الأيام زاد تعلقها به بدلًا من أن يقل، كانت لا تدري هل يجب عليها أن تتذكره أم تنساه؟ الأيس كريم! نعم، إنه أجمل شيء وقع لها في حياتها، فبسببه قد تعرفت عليه.. كريم! هذا هو اسمه.

تذكرت جيدًا يوم أن كانت تجري وتلهو تحت مياه الأمطار في الشارع، وتحمل بيمينها الأيس كريم بالفراولة، وفجأة شعرت بصدمة شديدة ووقع منها الأيس كريم وأُصيبت بصداع في رأسها، كان من المفترض أن تحزن وأن تعترض وأن تنهر ذلك الذي اصطدمت به لكن شيئًا من هذا لم يحدث، بل أن قلبها طار فرحًا وسعدت كثيرًا بهذا، وشعرت بأن هذا الواقف أمامها والذي اصطدم بها بالخطأ وكان هو الآخر يتناول الأيس كريم بالفراولة، شعرت بأنه ينتمي لها وبأنها تنتمي له.

بعد إصرار منه وتمنّع مكشوف منها وافقت على أن يشتري لها آيس كريم جديد بدلًا من الذي وقع منها، وقد كانت تطير فرحًا وهي تسير بجانبه على الرغم من أنها لم تكن تعرف اسمه حتى.

ذهبا تحت تلك الأمطار الغزيرة يشتريان الأيس كريم، وضحك هوا بدون سبب، وفعلت هي الشيء نفسه ثم صمتا قليلًا وسألها ولم تغادر الابتسامة وجهه: “لماذا لا نركض مثلما كُنا نفعل؟”، قالت هي: “هل يركض الناس في الشارع بلا أسباب؟”، قال لها: “أنا أفعل ذلك، أنا اركض بلا سبب، ولمَ كنتي تركضين إذن؟”، صمتت قليلًا وضحكت وقالت: “كنت أنا الأخري أركض بلا سبب، تقول لي أمي أنني طائشة”، قال لها ضاحكًا: “أنتِ فعلًا كذلك”.

وشرعا في الركض كما كانا يركضان ولكن في هذه المرة كانا يركضان جنبًا إلى جنب، وكانت الأمطار تشتد في سقوطها، وبقيا هكذا طويلًا حتى سألته عن اسمه فأجابها ضاحكًا: “كريم”، فقالت له: “وهل هُناك ما يستدعي الضحك في اسمك؟”، حرّك رأسه سلبًا ولم يسألها عن اسمها ولم تقل هي فقد كانت تحب أن تعرف كثيرًا وأن تتكلم قليلًا.

وفي غمرة هذه السعادة الساحرة، بدا وكأن الأمطار سوف تتوقف فقد بدأت تخفت تدريجيًا، حتى صارت قطرات بسيطة، ثم توقفت وتفتحت السماء، وقد غمرهما حزنٌ شديد، وكأن سعادتهم كلها كانت في هذه الأمطار وليس في شيء آخر، وكأنهما لو التقيا في غير المطر لما فعلا ما فعلاه من ركض وتناول للأيس كريم.

وقد ظهر قوس قزح الجميل يُزيّن السماء، ووقفا يتفرجان عليه في استمتاع ومودة، والتقطا له بعض الصور، ولعل قوس قزح هذا قد كان آخر علامة من علامات الفرح والسعادة، فبمجرد أن بدأ في التلاشي، صمتا كلاهما، وكأنهما قد تذكرا أعباء الحياة وثقلها، وكأن هذه كانت مجرد لحظة نشوة يسرقانها من الزمن والأيام سرقة.

وذهب لها كريم وقال: “علىّ أن أرحل الآن”، حزنت هي وقالت: “وأنا الأخري يجب أن أرحل”، ولكنها أضافت متسائلة: “متى نلتقي من جديد؟ وكيف؟”، فرد عليها: “ستجدينني دومًا هُنا عندما تسقط الأمطار، ستجديني أركض وأتناول الأيس كريم”، فأومأت رأسها بالإيجاب وودعته مُشيرة بيديها، وذهب كل شخص منهم إلى حاله، وقد بخلت السماء بالأمطار عليها سنواتٍ طوال، حتى أمطرت اليوم، وها هي تقف في نفس المكان لتنتظره عسى أن يجيء.

قصة الخديعة

قصة حزينة
قصة الخديعة

كانت هذه الفتاة اسمها عهد، وقد كانت تعيش مع أهلها اللاجئين في دولة أخرى من الدول المجاورة لهم، وكانت في السابعة عشر من عمرها، ولها قبول عند صديقاتها فالجميع يُحبها ويُفضِّلون الجلوس معها والتحدث؛ أي أنها كانت طيبة المعشر.

وباعتبار أن جميع الفتيات التي تصاحبهم مُراهقات فقد كُنّ لهُنّ بعض المغامرات الرومانسية منها ما هو أقرب إلى الاعتدال ويُغتفر ومنها ما قد فاق الحدود وكلاهما لو تعلمون خطأ، فترى أن واحدة من صديقاتها تُصاحب شابًا وتذهب معه للتنزه في أماكن مختلفة، وواحدة أخرى تذهب له منزله! وواحدة آخري على علاقة حُب برجل متزوج في سن والدها لكنه يقنعها أنه يحبها ويرغب في الزواج منها.

كانت تسمع منهن كل هذه الحكايات فتبدي اعتراضها وتنصحهم وتقول أنا بعيدة كل البعد عن هذه الأفعال، فقد كانت ترى أن هذه أفعال مُخالفة للشريعة الإسلامية وللآداب وهي تُغضب الله، وذات يوم جاءها طلب صداقة على فيسبوك من فتاة أخري أخبرتها هذه الفتاة أنها صديقة صديقتها وأنها تُريد التعرف عليها.

ولأن عهد كانت طيبة القلب وافقت وبدأت في الحديث والكلام معها عن كل شيء قد يخطر على البال، وقد راق لها آراء هذه الصديقة وكلماتها وأحبتها كثيرًا، وذات يوم أخبرتها هذه الفتاة التي كان اسمها منى أنها ترغب في الإفصاح بسر لها ولما وافقت عهد أخبرتها أنها ولد وليست فتاة، وأخبرها هذا الولد أنه كان شديد الإعجاب بها، وحاول محادثتها مرارًا ولكن لم تسنح له الفرصة، وعلم أن أمله في الحديث معها ضئيل فقرر أن يقوم بهذه الخديعة بمساعدة واحدة من صديقاتها.

أصيبت عهد الطاهرة النقية بصدمة، ولم تعرف هل تستمر في حبها وإعجابها لهذا الفتى بطباعه التي أبداها لها على الإنترنت أم تتوقف عن الحديث معه، أخبرته أنها لا يجب أن تتحدث معه، وأخبرها هو بحبه الشديد لها، فقالت له سنتحدث كمجرد أصدقاء وإخوة فقال لها لا أستطيع التحكم في مشاعري كما تعلمين ولكن أعدك أنني لن أضايقك.

وافقوا على هذا الاتفاق الذي قد تراه ساذجًا، وكانا يتحدثان كما كانا في السابق، وذات يوم أصاب عهد الإعياء الشديد ورقدت على إثره في المنزل أيام عديدة لم تستطع وقتها أن تفتح شبكة الإنترنت ولا أن تُصاحب صديقنا الشاب هذا، فلما تم شفاؤها فتحت شبكة الإنترنت لتجد أن هذا الشاب قد ملأ المحادثة بينه وبينها رسائل غرامية، ومصارحات بالحب.

ولما شاهدها مُتاحة على الإنترنت أرسل لها قائلًا: “أرجوكِ لا تقسي علىّ فأنا أحبك”، لكنها كانت قد راجعت نفسها من قبل في فترة مرضها وعلمت أنه لا يجب عليها خيانة ثقة والديها فيها، ولهذا يجب أن تتوقف عن الكلام معه، وأخبرته بذلك الكلام وأضافت قائلة: “لو شاء الله لنا أن نلتقي ذات يوم فسنتزوج لأنني لن أحب أحدٌ غيرك”.

ومن يومها لم تحادثه ولم يحادثها ثانية قط، ودارت الأيام دورتها وفي إحدى مؤتمرات الجامعة المُقامة والتي كانت عهد واحدة من المسؤولين عن التحضير لهذا المؤتمر ترى شابًا يُحملق فيها بطريقة غريبة أثارت قلقها وخوفها، حتى اقترب منها وقال لها: “عهد ألا تذكرينني؟ ألا تذكري العهد بيننا؟”.

لوهلة تذكرت هذا الموقف الذي قد مر عليه سنين، واستمرا في الكلام لفترة طويلة، وكان هذا الشاب قد أصبح صحفيًا ناجحًا وقد جاء ليُغطي أخبار هذا المؤتمر، ووعدها بأنه سيأتي عن قريب ليطلب يدها للزواج، وقد فعل، وتزوجا وبهذا قد أوفى هذا الشاب بوعده مع الفتاة التي أحبها وجمع الله بينهما بالحق لأنهما قد خشياه ولم يغضباه.

الدروس المستفادة من القصة:

  • لابد أن نعرف المأساة التي يتعرض لها اللاجئين من ترك منازلهم والعيش في بلد غريبة عنهم.
  • لا يجب أن تكون حياة الشخص عبارة عن حياة افتراضية يمارسها على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
  • يجب أن يُراعي الشخص الله في كل ما يقوم به وألا يُبارز الله بالمعاصي والذنوب التي يرتكبها.
  • على الفتاة ألا تخون ثقة أهلها فيها.
  • وجود أي تعامل بين الشاب والفتاة دون داعٍ أو سبب وجيه هو أمر حرام شرعًا لأنه من خطوات الشيطان التي تحدث عنها القرآن الكريم.
  • يجب على المرء أن يختار أصدقاءه بعناية لأنهم قد يدبروا له المكائد ويوقعوه في أمور لا يحبها.

قصة الفِراق

قصة حزينة
قصة الفِراق

تفعل بنا الأيام الكثير من الأشياء، تُلقي بنا حيث لا نريد وتجعلنا نسير حيث لا نرغب، ولكن ما المفر وما الحيلة! إنه القدر، وفي قصتنا هذه نرى كيف يسير القدر وكيف تفعل الأيام بالمُحبين.

منذ أعوام عديدة تكاد تصل إلى العشر سنوات، تقابلا في مقتبل شبابهما وقد كانا مفعمان بحيوية الشباب وحماسهم، ولديهم الكثير من الآمال والطموحات التي يتمنيان تحقيقها، وكانا قد اتفقا على الزواج، ولكن كغالبية الشباب في سنه لم يكن جاهزًا للزواج وحالته المادية لم تكن ميسورة بالقدر الكافي، وفشل مشروع زواجهما وتزامن مع هذا تقدم عريس جديد لخطبتها، ولم تستطع أن تقاوم سطوة أبيها عليها ووافقت رغمًا عنها.

ولكن صَعُبَ عليها كثيرًا أن تقوم بممارسة حياتها مع هذا الشخص الذي لم تحبه قط وترى فيه حبيبها الأول، فلم تمض سوى أشهر معدودات حتى افتعلت معه إحدى المشكلات وقررت العودة إلى منزل أبيها، ولما تسائلوا عمّا حدث أجابتهم بأنها لم تطق الحياة معه وأنها تزوجته رغمًا عن أنفها إرضاءً لهم، وهددتهم بأنها ستترك المنزل وتهرب بعيدًا لو لم يرضخوا لرغبتها في الطلاق.

بعد الكثير من القيل والقال ومحاولات الإصلاح بين الفتاة وزوجها مرت حوالي سنتان لم يسفرا في النهاية إلا عن فشل مشروع الزواج وطلاقهما، تزامن مع هذا الأمر تزوج الشاب الأول من فتاة كانت قد عرضتها عليه أمه ترى فيها الأنسب له، تناسى هذا الشاب حبه الأول ولم ينسه، ولم يعرف ما جرى لحبيبته الأولى في حياتها.

وللصدف السيئة فقد كانت هي تبحث عنه بعد زواجه، وقد اهتدت إليه بعد مرور حوالي خمسة أشهر من زواجه وكانت زوجته قد صارت حاملًا وينتظرون مولودًا بعد بضعة أشهر، ولما قابلها فوجئ كثيرًا مما قالته له ولم يدر ماذا يقول لها، لكنها لاحظت الخاتم على كفه فعرفت.

وكان قد قرر أن يتزوج منها لأن حبها لا زال موجودًا في قلبه، لكن الأمر أصبح أكثر صعوبة وذلك لأنه أصبح متزوجًا وسيصير أبًا بعد فترة ليست بالبعيدة، فوجد حرجًا كبيرًا في إخبار زوجته لكنه أخبر والديه وإخوته بالأمر الذي قوبل باستنكار شديد ووصل إلى زوجته بعد فترة وجيزة.

حصلت الكثير من المشكلات وقتها ما بين اعتراض الأهل وغيرة الزوجة وحزنها واتهامها له بالخيانة والظلم لها ولمولودهم، وفي هذا الضغط الكبير رضخ مؤقتًا إلى رأيهم وأضمر في نفسه أنه سوف يقوم بالزواج منها بعد أن تلد زوجته، وقد فعل ما أراد فبعد أن ولدت زوجته وظنت أنه سيهتم لأمرها ولأمر وليدها وينسى هذا الأمر الذي اعتبرته نزوة، فوجئت من جديد بتجدد الفكرة لديه.

وبالنسبة للفتاة فقد كانت ترى أنه ليس من الجيد تخريب حياة ثلاثة أفراد الآن، فالأمور لن تستقيم لهما إذا تزوجها وكان له زوجة وابن غيرها، لذلك قامت هي نفسها برفض طلب زواجه، وقد استنكر ردها هذا إلا أنها قد أصرّت عليه كثيرًا وخصوصًا أمام أهله، وبذلك انتهت قصة حبهما إلى الأبد، فقد أمضى حياته هو لا يعرف عنها شيء ولا تصله أخبارها ولم يرها ولو حتى لصدفة قط وكأنها قد تعمدت إخفاء نفسها عنه لكي لا تفسد عليه حياته.

الدروس المستفادة:

  • فترة الشباب هي فترة هامة جدًا يكون فيها لدى المرء الكثير من الطموحات والآمال، ويحقق المرء فيها الكثير ويفشل في تحقيق الكثير أيضًا، ومن الواجب على الشخص الذي ينشد النجاح وأن يطوِّر من طموحاته وإمكانياته ومهاراته ولا يجعل فشله في تحقيق شيء ما يستوقفه ويعرقله.
  • لا ينبغي للوالدين فرض الزواج على بناتهم رغمًا عنهم لأن هذا ليس من الدين، كما أنه يؤدي إلى فشل العلاقة عاجلًا أم آجلًا وفيه ظلم كبير

حكاية حُب عن بُعد

حكاية حُب
حكاية حُب عن بُعد

هل يشترط الحب أن يكون بين فردين يشاهدان بعضهما البعض أو بين فردين يسمعان صوت بعضهما البعض؟ لا أحد يعرف، لكن هناك الكثير من القصص والوقائع التي تقول غير ذلك والتي تقول بأن الحب هو نوع من التخاطر الوجداني الذي يصعب علينا جميعًا تفسيره ولكننا نغوص في داخله دون أن ندري، ولعلها تكون واحدة من ضمن الحواديت الرومانسية القصيرة التي تجسد هذا الأمر.

مازن ذلك الرجل الثلاثيني الذي يعيش أجواءً مُراهقة على الرغم من كِبَر سنه، يجلس على شاشة الحاسوب ليل نهار، سواء كان في عمله أو في منزله، وإذا أتعبه الجلوس فإنه ينام ممسكًا بيديه هاتفه الذكي الذي يستخدمه لنفس السبب وهو التحادث مع الغرباء عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

هؤلاء الغرباء غالبًا ما يكونوا فتيات يحاول مازن أن يُقيم علاقات صداقة معهم، لكن مازن كان هذه المرة في حيرة من أمره، ويظهر على وجهه الكثير من الجزع والضيق، وكان حزينًا للغاية وذلك لأنه لا يستطيع أن ينسى تلك الفتاة التي لم يعرف اسمها بعد ولكنها استطاعت أن تستأثر بقلبه.

ولعلك ظننت أن شكلها قد علق في مخيلته ولكنك ستفاجأ أيضًا لو أخبرتك أنه لم ير شكلها، فقط بضع كلمات مكتوبة في رسالة من تلك التي أطلقت على نفسها فتاة تلهو، وبعض الأموال التي أنفقها على هذه الفتاة على هيئة كروت شحن.

كانت الفتاة تعقد معه صفقات غريبة جدًا مستغلةً في ذلك حاجته الماسة إلى الحنان وإلى الاحتواء حسب ما رأت، فكانت ترسل له رسائل غرامية مكتوبة من خلال شبكة فيسبوك، وذلك مقابل مبلغ من المال تتفق عليه معه مسبقًا، وقد كان يقرأ هذه الرسائل بقلبه ووجدانه ويسعد بها غاية السعادة.

وقد انقطعت عنه هذه الفتاة لفترة طويلة كاد أن يجن جنونه فيها ولم يدر ماذا يفعل وهو الذي طلب منها أن يقابلها وألّح كثيرًا في هذا الطلب، وأبدى استعداده لدفع الكثير من الأموال نظير هذه المقابلة، أبهذه السرعة تتركه وترحل ولا تخبره أين ذهبت؟ هكذا كان يُحدِّث نفسه.

وفجأة جاءته رسالة منها تسأله عن أحواله وأخباره، بادرها برسائل لومٍ وعتاب واشتياق كبير لها، ثم جدد طلبه إليها بإلحاحٍ شديد أن يتقابلا مقابل أي مبلغ تطلبه، وقد طلبت في هذه المرة مبلغ كبير جدًا يقوم بتحويله لها عن طريق الحساب البنكي، وقد فعل ذلك دون أدنى تفكير وتردد، واتفقت معه على الزمان والمكان، وكان هو يفكر في أن هذا سوف يكون بداية مشروع زواج.

ولعله لم ينم ليلته في انتظار ذلك الموعد الغاية في الأهمية، ولما حلّ الصباح قام بارتداء أفضل الملابس التي لديه وكأنه قد ذهب فعلًا ليتزوج وجلس ينتظر في المكان الذي اتفقا عليه، ولكنه فوجئ بزوجته وقد رأها تسير نحوه قاصدةً الجلوس معه.

لم يدر ما الذي أتى بها في مثل هذا الوقت، ولكنها أطلقت ضحكة عالية وقالت له: “لقد خنتني وقمت بتبديد الأموال على نزواتك الحقيرة، لن أنتظر منك سوى ورقة طلاقي”، وخرجت من المكان فورًا، وقد توقف رأسه عن التفكير ولم يدر ماذا يفعل وظل جالسًا في مكانه لساعات طويلة دون أدنى حركة.

الدروس المستفادة:

  • يجب على المرء استغلال الإنترنت ووسائل التواصل فيما يُرضي الله وليس فيما يُغضبه.
  • على المرء أن يتحلى بالوفاء.
  • ينبغي على المرأة أن تحتوي زوجها وتشاركه خواطره وشجونه لكي لا يلجأ إلى التصرفات المُراهقة التي تجعله يبدو كالأحمق.
  • الإنترنت مليء بالأكاذيب لذا عليك أن تتحرى الدقة في كل ما هو موجود عليه.
  • العلاقات التي تنشأ بين الفتيات والشُبان على الإنترنت والتي نسمع عنها بكثرة تُغضب الله وهي من الأمور المنحدرة أخلاقيًا.

قصة الحبيب الأعمى

الحبيب الأعمى
قصة الحبيب الأعمى

لا نستطيع أن نصف لك كمية الحب التي كانا يملكانها لبعضهم البعض، فهم يُحبون بعضهم حبًا جمًا، وقد نشأت قصتهم من سنوات الجامعة، وتطورت وقد أخذت مجراها الصحيح حينما تقدم لخطبتها من أبيها، وبعد مرور سنوات عديدة في الجامعة ثم العمل، قضاهم كلهم في كد وتعب لكي يستطيع إكمال ما ينقصه وتجهيز منزلهم للزواج، وتزوجا أخيرًا ومن شدة فرحتها بالزواج قالت له: “أشعر أنني أطير في أرض الخيال والأحلام”.

ولأن الحياة لا تستقيم دومًا، فقد اضطر هذا الشاب أن يسافر في عمله إلى دولة أوروبية ما، وحاول التخلص من هذه السفرية بأي شكل من الأشكال ولكنه لم يفلح على الإطلاق، ووجد أن مسألة بقائه في الشغل أو عدمها تعتمد على سفره، لم يجد بدًا من مصارحتها بالأمر وقد كان يعلم جيدًا أنها سوف تحزن حزنًا كبيرًا لأجل هذا ولكن ما باليد حيلة.

“ماذا تقول؟ أتمزح معي! كيف سنصبر على فراق بعضنا البعض؟”، هكذا قالت وقد تغيّر وجهها وتبدلت ملامحه كل التبديل وصارت الدموع تنهمر من عينيها انهمارًا، لم تكن تعرف ماذا تفعل ولم تتخيل أنهما قد يفترقا من جديد.

حاول إرضائها بكل السبل وقال لها مازحًا بغرض التخفيف عنها: “لن أُطيل عليكِ صدقيني، ولعلها فرصة لنختبر قوة حبنا”، أدركت هي الأخرى أنه مغلوب على أمره وأنه لا مفر له فلم تناقشه كثيرًا.

وبعد سفر زوجها كانت هي قد أهملت نفسها والاهتمام بجمالها، ولعل هذا نوعٌ من أنواع الاكتئاب الذي يصيب المرء، وكانت تقول لنفسها أنها ستفعل عندما يقترب موعد عودته، وفوجئت بظهور بعض البقع على جسدها وشعورها بالحكة المستمرة، فاضطرت لزيارة الطبيب الذي أخبرها بأنها قد أصابها مرض جلدي خطير، وأن حالتها متأخرة ولعلها لو جاءت مبكرًا لكان قد استطاع إنقاذ الموقف.

دهمتها الصدمة فلم تدرِ ماذا تفعل، وكان الطبيب قد أعطاها بعض العلاجات لإيقاف هذا المرض عند حده ومحاولة إصلاح ما يُمكن إصلاحه، ولعل حزنها على نفسها لم يكن هو الذي يُسيطر عليها، ولكن أيضًا حزنها على زوجها حينما يرجع ويراها قد صارت بهذا الشكل وقد بهت جمالها وانتهى أو كاد أن يفعل.

إبان هذه الأحداث وردها أن زوجها قد وقع له حادث في البلد التي يعيش فيها فقد إثرها بصره ولم يعد يرى، فلم تدر ماذا تفعل؟ هل تحزن لأجله ولفقدانه أجلّ نعمة وأعظمها أم تفرح لأنه قد لا يكتشف أمرها لأنه لم يعد يرى، قررت أن تحافظ على ما تبقى من حياتهم وألّا تخبره بالحقيقة، وقد عاشا حياة سعيدة راضية قانعين بما منحهم الله من ود ومحبة شاكرين.

وفي يوم من الأيام استيقظ ليجدها لا ترد عليه، لقد ماتت زوجته واستقبل الخبر بصدمة وكأن المصائب قد هذبت نفسه فتعلم الرضى بقضاء الله وقدره، وذات يوم كان يسير وحيدًا في الشارع فقال له أحد جيرانه الذين يعرفونه: “هل أساعدك؟ لن تستطيع السير وحدك دون أن ترى، كانت زوجتك تساعدك والآن دعني أساعدك بدلًا منها”.

نظر له الرجل في ثقة وقال له: “لم أكن أعمى قط! فقط تظاهرت أنني كذلك لأجلها”، بالفعل حدثت الحادثة للرجل ولكنه لم يفقد بصره ولكنه علم ما جرى لزوجته من الطبيب الذي فحصها والذي كان صديقه، فقرر أن يضحي بنعمة كهذه وأن يتظاهر بالعمى ليحافظ على علاقتهم مع بعضهم البعض.

الدروس المستفادة:

  • لا ينبغي أن تكون العلاقة في الخفاء، وعلى الشخص الذي يحب فتاة أن يبادر إلى طلب يدها من أهلها أمام الناس جميعًا وإلا وقع في المحظور دينيًا وأخلاقيًا.
  • على المرء الاجتهاد لتحقيق أهدافه والصبر عليها أيضًا ولعل مسألة الزواج من أشهر المسائل التي تتطلب الاجتهاد والصبر.
  • الاهتمام بالنفس والنظافة الشخصية أمر ضروري جدًا في كل وقت وحال.
  • التضحية لأجل من تحب سواء كان زوج، زوجة، أب، أم أو أخ هو أمر ضروري لتحسين العلاقات واستمرارها.
  • الرضا بقضاء الله وقدره من صفات المؤمنين.

حكاية تل تالا

تل تالا
حكاية تل تالا

حياة الطبيب الشاب المدعو جميل مع زوجته تالا كانت حياة هادئة رقيقة للغاية، فهو طبيب بشري وهي طبيبة أسنان، تزوجا ولم ينجبا ولكن عدم إنجابهم هذا لم يكن داعيًا لانتهاء علاقتهم، كلا على الإطلاق وإنما زاد من ترابطهم فيما بينهم وتوثيق العلاقة بينهم، فتعاهدا على البقاء معًا إلى الأبد.

وكانت تالا تقول لزوجها دومًا: “بإمكانك أن تتزوج من واحدة أخرى لتنجب لك، صدقني لن أكون حزينة”، كان يعلم بالطبع أنها تقول ذلك فقط لإرضاءه حتى لو كان هذا الأمر سيدهس قلبها دهسًا، فكان يرد عليها بلطف: “لكني أنا من سأكون حزينًا، بربك أخبريني كيف يتخلى المرء عن روحه وعن قلبه بعد أن وجدهما؟ لو شاء الله لنا أن ننجب لأنجبنا ولو بلغنا من العمر أرذله”، هكذا كانت حياتهم مفعمة بالهدوء والوفاء.

وكانت تالا مولعة بممارسة الرياضة بمختلف أنواعها ما بين الركض صيفًا والتزلج شتاءً، وذات يوم كانت تتزلج وحدثت لها حادثة أثناء التزلج وأُصيبت إصابة شديدة ولم تقوَ على الحراك، حاول جميل أن ينجدها لكنه لم يستطع فالطريق كان مغلقًا بسبب عاصفة الثلج، وهي عاجزة عن المشي، والمسافة للمشفى ليست بالقريبة إلا إذا اخترقوا هذا التل اختراقًا والتل غير ممهد، وقد كانت المحاولات العابثة لجميل في إيقاف تالا هي آخر محطة من حياتها قبل أن تفقد حياتها.

ظلت الوحدة أنيسته طيلة هذا الوقت، كان يفكر كثيرًا يكاد يقتل نفسه ندمًا ولكن ماذا كان عليه أن يفعل وجميع الأمور التي حدثت خارج إرادته؟ وفجأة خطرت في باله خاطرة، لو كان هذا التل يحوى في داخله طريقًا ممهدًا لما حدث ما حدث ولاستطاع إنقاذ زوجته بسهولة، ومن هنا قرر في تنفيذ أكبر فكرة جنونية يمكن أن تخطر على بال أحد وهي أنه سيقوم بعمل طريق عبر هذه التلة.

نعته كثيرون بالمجنون، وتلقى من الإحباط والتثبيط ما شاء الله له أن يتلقاه، ولكن هذا الأمر لم يثنه عن عمله بل زاده إصرارًا، فهو من ناحية بحاجة إلى أن يشغل وقته، ومن ناحية أخرى فهو لا يُريد أن تتكرر المأساة من جديد مع آخرين.

وقد استمر فيما يفعله ولعلك سوف تدهش لو علمت أنه قد تجاوز العشرين عامًا في مهمته تلك، حتى استطاع أن يُنهيها على أكمل وجه وقد قرر عند افتتاح هذا الطريق تسميته باسمها، ومع الوقت حملت التلة نفسها التي ماتت عليها تالا اسمها فصارت تل تالا.

الدروس المستفادة:

  • إماطة الأذى عن الطريق وتمهيده من الأمور الواجبة.
  • القيام بالأعمال العظيمة يتطلب الكثير من الصبر والمثابرة.
  • إيمان الإنسان بواجبه تجاه شخص أو شيء هو المُحرك الأساسي له لإنجاز أعماله.
  • قصة تل تالا هي واحدة من حواديت الحب القصيرة التي تُقرأ في دقائق معدودات ولكنها مؤثرة للغاية وتترك في داخلك أثرًا جميلًا ولا شك.

قصة زينب

حب وتضحية
قصة زينب

كانت زينب تعمل في شركة من الشركات الكبرى، فتاة في منتصف العشرينيات لها الكثير من ملامح الجمال التي لا يُمكن إنكارها ولكنها من الشخصيات الكتومة التي لا تتحدث إلا بالقليل، كان منظر خاتم الزواج في يدها يثير ريبة الكثير من أصدقاءها نظرًا إلى أنها لم تتحدث قط عن زوجها ولا مرة، كما أنهم لم يشاهدوه إطلاقًا، لذلك ظل هذا الأمر علامة استفهام كبيرة بخصوص حياة هذه الفتاة التي تبدو تعيسة.

إلا أن زينب كانت كثيرة التأمل في أوقات عملها وكان المقربين منها يعلمون أن ما فيها من أعراض الحب، وأصابتهم الحيرة بخصوص حب المراهقين هذا الذي تقاسيه فتاة من المفترض أنها ناضجة ومتزوجة، المهم أنه في يوم من الأيام جاء رجل في الأربعين من عمره تقريبًا قد خط الشيب على رأسه، وكان يسأل عن زينب، قابلنه بعض زميلاتها وهم يظنون أنه والدها أو أخيها الكبير، ليكتشفوا أنه زوجها.

حالة زينب كانت تسير من سيء إلى أسوأ فهي بعد نوبات التأمل العاشقة التي كانت تعيش فيها قد صارت كثيرة الحزن والبكاء، متقلبة المزاج كئيبة دائمًا يؤرقها شيءٌ ما، وفي أكثر من مرة ضبطتها واحدة من زميلاتها وهي تنحب باكية ولم تعرف لبكاءها سببًا.

وقد سمعت بقايا كلام اختلط به البكاء وكانت تقول فيه: “أنا من تسببت في ذلك، أنا من فعلت كذلك بنفسي وبه”، ولم تنجح محاولات صديقتها المريرة في التخفيف عنها أو معرفة سر هذا الحزن الشديد وهذه المصيبة الكبرى على حد قول زينب.

مرت شهور طويلة تستقيم الحياة تارة وتضحك لزينب وتحزن تارة أخرى، حتى جاء إلى أصدقائها نبأ وفاة زوجها، لم يُفاجئوا من الأمر لسابق معرفتهم بأن سنه كبير وأنه كان يعاني بعض الأمراض، ولكن كان الفضول يقتلهم ويريدون أن يعرفوا كيف ستكون حالة زينب.

كان الانطباع العام الذي قد أخذوه عن زينب أنها لا تحب زوجها هذا على الرغم من عدم تصريحها بذلك، ولكن ما فاجئهم هو ذلك الحزن الشديد الذي خيّم على وجه صديقتهم وجعلها تبدو وكأنها في الستين من عمرها وقد فقدت كل حيويتها ونضارتها، وقد بقيت صديقة زينب المُقربة لديها حتى انصراف من جاؤوا لتقديم واجب العزاء.

والحقيقة أن زينب لم يكن لديها صديقات غيرها ولذلك لم تستطع أن تحفظ السر في داخلها أكثر من هذا وقد جاءت بنفسها إلى صديقتها باكية وأخبرتها أنها نادمة على ما فعلته مع هذا الرجل وأنه لم يكن ليستحق ذلك.

واسترسلت في الكلام قائلة:

“كنت أعرف صديقًا لي منذ عدة أعوام قبل زواجي، وكان لا يملك المال لنتزوج فاقترح عليّ اقتراحًا لا أعرف كيف وافقته عليه؛ وهو أن أقوم بالزواج من شخص عجوز ثري وأمكث في منزله سنة على الأكثر وأقوم خلال هذا العام باستنزاف ثروته وسرقته بشتى الطرق لنتمكن أنا وعشيقي القديم من الزواج بأمواله، وقد فعلت ذلك ولكن المصيبة التي حدثت أنني قد صرت حاملًا من عشيقي هذا، ولما أخبرته ذلك تملص مني وأغلق الهاتف في وجهي ولم أره بعد ذلك قط، أما زوجي فقد سمعني وأنا أخبره بتلك المصيبة، ولكنه على الرغم من غضبه وصدمته فيّ قد قرر ستري وأنه لن يخبر أحدًا بذلك وأن الطفل سيحمل اسمه، ومنذ ذلك الوقت وقد وقعت في غرام هذا الرجل الشهم الذي أثبت لي أنه أفضل مني وأني لا أستحقه، ولكن أي حب هذا الذي أحبه له وقد طعنته في ظهره وخدعته”.

الدروس المستفادة:

  • لا ينبغي على الفتيات أن تترك المساحة مفتوحة للشباب ليخدعوهم بالآمال الكاذبة.
  • الرجال لا يُقاسون بأعمارهم ولا بأشكالهم وإنما بصفاتهم وروحهم الداخلية، فجميع هذه الأمور الظاهرية تذبل وتنتهي مع الوقت وتبقى المواقف الخالدة، لذلك علي أي فتاة عند الاختيار ألا تجعل اهتمامها بالمظهر يطغى على طبيعة الشخص نفسه فلعله يكون حسن المظهر لكن سيء الخلق.
  • الحِلم والتأني في المواقف الكبرى يؤدي دومًا لاتخاذ القرار الصائب أما الغضب فلا يحصد إلا شوكًا.
  • الشعور بالندم أمر صحي جدًا يجعلك تشعر أنك لا زلت إنسانًا، وينبغي أن تجعل شعورك بالندم هذا مقرونًا بالعمل الصالح الذي يُصلح أخطاءك السابقة.

حكاية اللعبة

اللعبة والخداع
حكاية اللعبة

هل يستطيع أحد أن يعبث بقلوب البشر عبثًا كما يعبث اللاعبون بالكرة ويتقاذفونها ويركلونها يمينيًا ويسارًا وقريبًا وبعيدًا مستخدمين أيديهم وأرجلهم؟ هل هذا الفعل محمود إذا ما فعله إنسان بقلب إنسان؟ هل من النبيل أن يستغل أحد حب شخص آخر له ليلهو به قليلًا؟ أعتقد أن الإجابات كلها ستكون لا.. إذن فلماذا فعلت ذلك؟

كان شابًا وسيمًا معتدل القامة يميل إلى القصر، مهذب وراقي، يُمكنك أن تضبط عليه الساعة فهو في مواعيده غاية الالتزام، لا يملك هوايات واهتمامات أقرانه ولكنه يسمو فوقهم خُلُقيًا وروحيًا، المهم أن هذا الشاب على كبر سنه حيث كان يبلغ الرابعة والعشرين من عمره لم يكن قد أحب قط ولم يكن يعرف ماذا يعني الحب، وكجميع البشر الذين سمعنا بهم في القصص والأفلام فقد وقع صاحبنا في الحب من حيث لا يدري.

كان صديقنا يحُضِّر للماجستير في جامعة القاهرة، وكان كثير الحضور هناك، ولعله كان يجلس على واحدة من الكافيتيريات قليلًا ليتناول مشروبه ثم يذهب إلى المكتبة والجلوس مع بعض الأصدقاء.

وذات يوم بينما يصعد على السلم وجد فتاة تركن إلى جانب السلم وتتألم، فهرع بدافع الشهامة ليساعدها وليعرف ما حدث لها، “بعض الدوخة ليس إلا”، هكذا أخبرته ونظرت في عينيه وهي في غاية التعب فاهتز قلبه اهتزازًا ولكنه تحاشى هذا الأمر سريعًا وهم بمساعدة الفتاة وإيصالها إلى واحدة من صديقاتها.

عندما عاد للمنزل كان شيئًا قد تغيّر فيه، وكأنه أراد أن يذهب للجامعة الآن من جديد وإلى نفس المكان، ولم يستطع النوم جيدًا، وفي الغد كان قبل الثامنة صباحًا يتجه إلى الجامعة ويذهب لنفس المكان وينتظر وينظر يمنةً ويسرةً وكأنها ستقع كل يوم عند نفس المكان.

ولما أصابه الضجر قرر الذهاب إلى الكافيتيريا وفوجئ بها أمامه فسلَّم عليها وقدمته إلى زميلاتها، وجلس معهم بضع دقائق كان في غاية الخجل والقلق والتعثر ولم يستطع أن يمنع نفسه من النظر والتأمل فيها، وقرر القيام سريعًا بدافع الخجل، وقد ذهبت وراءه لتخبره: “لقد نسيت أن أطلب منك رقم هاتفك إذا سمحت لي”، كاد يطير فرحًا لأنه كان يود أن يطلب منها نفس الطلب ولكن وجود صديقاتها أعاقه، المهم أنهم تبادلا أرقام الهواتف.

دارت الأيام دورتها، ونشأت صداقة قوية بينهم، فكان يذهب للجامعة قاصدًا الجلوس معها والتحدث لساعات، وكان إذا عاد للمنزل أكمل حديثه معها على الهاتف، وشعر بأنه ولا شك يحبها، فهي التي حركت في داخله الكثير من المشاعر التي يقولون عنها أنها الحُب.

ولذلك قرر مصارحتها بالحقيقة وفي اليوم الثاني وعند جلوسهم في الجامعة قال لها: “أريد أن أبوح لكِ بخاطرة ما، أنا أحبك”، ضحكت الفتاة كثيرًا بفرح ثم بعد ذلك لاحظ تبدلًا كبيرًا في وجهها وظلت تهلل بعشوائية، أصابه العجب ولكنه أقنع نفسه بأنها سعيدة.

إلا أنه بعد ذلك فوجئ من كونها تتصل بصديقاتها، قال لها: “لم أتوقع أن تكوني سعيدة هكذا، لكن أعتقد أنه يجب أن تصبري قليلًا قبل أن تعلني للجميع”، ردت بالإيجاب وأكملت ما تفعل حتى حضر العديد من صديقاتها إليهم وأخبرتهم، وصفقوا وضحكوا بطريقة شبيهة لطريقتها أثارت ريبته التي بددتها ثقته في حبيبته وزوجته المستقبلية.

ثم سمع من بين الكثير من الكلمات: “مبروك عليكِ الرهان إذًا”، كانت هذه الكلمات موجهة إلى حبيبته، صمتوا جميعًا، وبعد الكثير من القيل والقال أدرك أنه وقع تحت لعبة سخيفة من تلك الفتيات التي كُنّ يرونه بلا قلب وكلاسيكي جدًا وهذه الفتاة التي تعهدت بأنها قادرة على إيقاعه.

وكان رهانهم وليمة كبيرة في منزلها، دُهم الشاب من هذه الصدمة ولم يتوقع أن تكون كل أحلامه قد تدمرت بهذا الشكل، حاولت الفتيات تحسين الموقف وجعله يأخذ منحى المزاح إلا أنه غادر المكان مُعلنًا انتهاء الحديث وفوز صديقتهم بالرهان، وهنأها على ذلك.

بعد محاولات عديدة من الفتاة للاتصال به لم يرد عليها مُطلقًا ولم تعرف له طريق، أدركت هي الأخرى أنها قد تكون أحبته فعلًا.

الدروس المستفادة:

  • المرء يجب أن يكون يقظًا لما يُحاك حوله من أمور وألّا يترك نفسه فريسة للخداع.
  • كل مأزق أو مشكلة ستمر بها في حياتك سوف تستفيد منها بشكل مؤكد.
  • هناك حدود للمزاح لا يجب أن نتخطاها، ولا يجب أن نمزح مع أشخاص لا يعرفوننا وأن نحترم عقولهم وقلوبهم.
  • الرهانات هي أمور غير أخلاقية ومُحرّمة دينيًا.

حكاية الغيرة

الغيرة والمشاكل
حكاية الغيرة

هل يصدق أحد أنني أغار عليها من الأريكة التي تجلس فوقها؟ وأغار عليها من عيون الناس التي ترقبها؟ وحتى من صديقاتها التي تُحبهنّ أكثر مني ومن كل شيء. فقط أريدها أن تكون لي وأن تُحافظ على نفسها لأجلي.

سيقولون عني مجنونة لو قُلت أنني أغار عليه من جميع نساء الكون، لا أريده أن ينظر لواحدة سواي، لا يجب أن يكون في حياته أحد غيري أنا.. أنا فقط، أتمنى فقط أن يفهم هذا الكلام.

متزوجان منذ ستة أعوام ولهما ولدٌ وبنت يعيشان حياة جميلة مستقرة، لا تُعكرها إلا بعض المشكلات المادية التي تمر بها معظم البيوت، بالإضافة إلى الكثير من المشكلات التي تتعلق بعلاقتهم مع بعضهم البعض والتي يكون سببها الغيرة.

أحيانًا ما تؤدي هذه المشكلات إلى رسوخ فكرة الطلاق في عقل كلٍ منهم، عجبًا لهم يحبون بعضهم البعض وإذا اختلفوا في طريقة حبهم يتصورون أن الطلاق هو الحل لذلك.

في مرة من المرات التي كانت تخرج فيها للعمل استوقفها قائلًا: “لماذا ملابسك ضيقة هكذا؟”، لم تكن ملابسها ضيقة جدًا ولكنها أيضًا لم تكن فضفاضة، تخيّل لوهلة أن هناك من سينظر ويتأمل في مفاتن جسدها واشتاط غضبًا وقرر أنها لا يجب أن تخرج بهذه الملابس، لكن المشكلة أنه لم يوضِّح لها وجهة نظره فنشبت مشكلة بينهم أدت إلى خصامهم لمدة ثلاثة أيام.

وفي مرة أخرى كانا يسيران في الشارع، ومرت سيدة جميلة أمامهم، فرمقها بعينه، فنظرت له زوجته نظرة غضب وقالت له: “هل أنت تسير مع زوجتك أم مع صديقك”، فلم يفهم أو تظاهر بذلك، فقالت من جديد: “كيف تنظر إلى امرأة وأنا بجانبك؟”، ثم أكملت: “كيف تنظر إلى امرأة وأنت متزوج أصلًا؟”.

حاول التملص منها وإقناعها بأنه لم ينظر ولما فشل طأطأ رأسه واعتذر لكن هيهات، وظلت هي طيلة الليل تفكر فيما فعله وفي كم مرة قد يكون نظر إلى سيدة أو غازلها دون أن تكون هي معه.

هذه كانت بعض المشكلات العابرة في حياتهم التي يمرون بها بشكل شبه يومي، وأحيانًا ما تتطور المشكلات فتذهب إلى بيت أهلها وتخبرهم أنه يفكر في الزواج عليها أو أنه يخونها، وذلك فقط لوهمٍ في داخلها، فالحق أنه كان وفيًا ملتزمًا في هذا الصدد، وأحيانًا ما يترك هو البيت لأيام لأنه يظن أنه لم يعد يملأ عينيها.

حتى جاء وقت تلاعب الشيطان بعقولهم وظنوا أنهم غير قادرين على العيش معًا وقررا الطلاق، وطُلب المأذون لإنهاء الأمر، ولما شاهداه وتذكرا يوم زواجهما، عادت بهم الذكريات.

لم تدر بنفسها إلا وهي تجهش بالبكاء وتعتذر له وتحتضنه، وهو قد فعل نفس الأمر لكن على استحياء، وطلب من الشهود والمأذون الرحيل وجلسا يعتذران لبعضهما البعض بعد أن أدركا أنهما لا يستطيعان الابتعاد عن بعضهم البعض.

الدروس المستفادة:

  • الغيرة ظاهرة صحية جدًا في العلاقات الزوجية لكن على شرط أن تكون هذه الغيرة لها حدود وليست غيرة مرضية وحمقاء تشبه الجنون.
  • الدين الإسلامي الحنيف بتعاليمه يؤدي إلى نجاح العلاقات الزوجية فغض البصر وارتداء النساء للزي الشرعي الذي يستر ولا يشف من الأمور الأساسية التي حث عليها الدين.
  • يجب أن يمنح الأزواج لأنفسهم فرصة لكي يتحدثوا فيما بينهم ليستطيعوا حل مشكلاتهم بهدوء ورويّة.
  • هذه القصة يُمكن أن تكون في فئة حواديت رومانسية قبل النوم للحبيب، والمقصود بالحبيب هنا بالطبع الزوج، فقراءتها وقراءة المناقشة الخاصة بها تلفت نظر الأزواج كثيرًا إلى نبذ الخلافات التي بينهم والميل إلى العقلانية في التعامل مع مشكلاتهم.

نود أن نلفت نظر سيادتكم أن الغرض من الأدب بشكل عام هو التسلية والمتعة واكتساب الكثير من الخبرات الحياتية والتجارب، لذلك فإن الغرض من القصص الرومانسية لا يختلف كثيرًا بل ويزيد في ذلك لتخصصه أنه قد يقوي العلاقة بين الأزواج.

ولا نريد أن تؤثر هذه القصص على عقول الشباب سلبًا وندرك وعيهم تجاه هذا الأمر، فهناك الكثير من القصص من الثقافات الغربية التي تختلف عنّا وهُناك قصص للعبرة بالخطأ ولتوضيح خصلة جميلة في العلاقات الإنسانية وغيرها.

ولعلنا قمنا بتوضيح ذلك أسفل كل قصة على حدى، ويُرحب موقع مصري باستقبال آراءكم في القصص التي يقدمها، بالإضافة إلى استعدادنا التام لكتابة قصة خصيصًا لكم تناقش أمرًا أو قضية معينة عن طريق كتابة ما تريدون في التعليقات.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *