إن من افضل أيام الصيام في العام بعد صوم رمضان، هو صيام شهر الله المحرم، فهو الشهر الذي هاجر فيه الرسول من مكّة المكرمة إلى المدينة المنورة، حيث ازدهرت الدعوة الإسلامية ووجدت الدعم والمساندة والتأييد، وفيه يوم عاشوراء الذي نصر فيه الله نبيّه موسى على عدوه فرعون، وأظهر بعض من معجزاته الربانية مثل انشقاق البحر، وغرق فرعون وجنوده بعد عبور موسى وأتباعه.
مقدمة عن يوم عاشوراء
لقد اختار الله تعالى يوم عاشوراء – أي العاشر من شهر محرم – لينقذ فيه نبيه موسى وأتباعه من فرعون وجنوده الذين اتبعوه عندما أراد الخروج بهم من مصر فرارًا من بطش فرعون، وبعد أن تمكن موسى ومن معه من عبور البحر تبعه فرعون وجنده حتى يلحقون بهم الأذى فأغرقهم الله، وفي ذلك قال الله تعالى: “وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ.”
موضوع عن يوم عاشوراء
عرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صيام يوم عاشوراء فبعد قدومه إلى المدينة المنورة وجد اليهود فيها يصومون هذا اليوم، وعندما سألهم عن السبب أخبروه بأنه اليوم الذي أنجى فيه الله موسى ومن معه من فرعون وجنوده، وجعل فرعون آية للعالمين، فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: “فنحن أحق وأوْلى بموسى منكم.” وسنّ صيام هذا اليوم.
موضوع عن فضل يوم عاشوراء
لقد حبب رسول الله صلى الله عليه وسلّم في صيام يوم عاشوراء ورغّب الناس في ذلك حيث قال: “صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفّر السنة التي قبله.”
ويقول ابن عبّاس أن النبي كان حريصًا كل الحرص على صيام يوم عاشوراء وعنه أنه قال: “ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرَّى صيام يوم فضَّله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء، وهذا الشهر، يعني: شهر رمضان.”
واتباعا لسنّة نبي الله كان الصحابة والتابعين يصومون هذا اليوم، حتى ولو كانوا على سفر، من حرصهم على نيل ما فيه من فضل.
موضوع عن صيام عاشوراء
تأتي تسمية يوم عاشوراء من أنه يوم العاشر في اللغة العربية، وعاشوراء هو العاشر من شهر محرم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم يوم عاشوراء وهو في مكّة ولم يكن يأمر غيره بصوم هذا اليوم. وبعد هجرته إلى المدينة المنوّرة، شارك اليهود في صيامه وفرض للناس صيام هذا اليوم المبارك في العام الثاني بعد الهجرة وأمر من كان مفطرًا في ذلك اليوم بالإمساك حتى موعد الإفطار.
وبعد أن فرض الله تعالى على المسلمين صيام شهر رمضان، نُسخ وجوب صيام يوم عاشوراء، وأصبح سنّة عن الرسول، يستحب أدائها.
وفي ذلك جاء حديث السيدة عائشة حيث قالت: ” كانت قريش تصوم عـاشوراء في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه، فلما هاجر إلى المدينة، صامه وأمر بصيامه، فلما فرض شهر رمضان قال: “من شاء صامه، ومن شاء تركه.”
أهمية يوم عاشوراء
لقد كان يوم عاشوراء موافقًا للعديد من الأحداث التاريخية الهامة، فهو يوم مقتل الإمام الحسين حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابنته فاطمة، في مدينة كربلاء، خلال المعركة التي خاضها ضد بني أمية عام 61 للهجرة، ولذلك يعتبره أتباع المذهب الشيعي يوم حزن وألم، والعديد من بلدان العالم تتخذ هذا اليوم عطلة رسمية، مثل لبنان والعراق وإيران وباكستان والبحرين.
ويعتبر اهل السنة والجماعة أن صيام يوم عرفة بمثابة اقتداء بالرسول عليه الصلاة والسلام وأنه يكفّر ذنوب عام مضى.
ولقد كان العرب قبل الإسلام يكسون الكعبة في يوم عاشوراء، وبعد الإسلام اصبحت تكسى في يوم النحر. وعاشوراء هو اليوم الذي عفا الله فيه عن أدم بعد خروجه من الجنة، وهو أيضًأ اليوم الذي نجى الله فيه نوح من الطوفان على سفينته، ونصر فيه إبراهيم على الملك النمرود.
وفي يوم عاشوراء غرق فرعون وجنوده في اليم، ونجى الله نبيه موسى وبني إسرائيل من العذاب الذي تعرضوا له على يد فرعون وآله.
ولقد غفر الله تعالى في هذا اليوم لنبيه داوود، ووهب لسليمان مُلك لا ينبغي لأحد منه بعده، وفيه رفع الله البلاء عن نبيه أيوب.
والأحداث السابقة لا يتفق كل المؤرخون على أنها وقعت في يوم عاشوراء فالبعض يقول بغير ذلك، والقول المعتدل في عاشوراء أن الله نجى فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وجنده، وأن الرسول سن صيامه بدون مبالغة في إظهار الفرحة، أو الحزن والبكاء واللطم.
بدع يوم عاشوراء
يعتبر ابن تيمية ما اتخذه بعض الناس في هذا اليوم من عادات مثل الندب واللطم والنواح والإنشاد، بدع لم تثبت عن الرسول أو الصحابة أو التابعين أو الأئمة الأربعة، وأن هذا يجدد الأحزان، وفيه تقليب للمشاعر ونشر للبغض والكراهية، ووسيلة لنشر التعصّب وإثارة الأحقاد، وزرع الفتن بين الناس.
وفي ذلك قال: “كان قصد من سن ذلك فتح باب الفتنة والفرقة بين الأمة، فإن هذا ليس واجبًا ولا مستحبًا باتفاق المسلمين بل إحداث الجزع والنياحة للمصائب القديمة ومن أعظم ما حرمه الله ورسوله.”
قصة يوم عاشوراء عند الشيعة
يرتبط يوم عاشوراء عند أهل المذهب الشيعي بمقتل الإمام الحسين عليه السلام، وفي هذا اليوم تقام سرادق العزاء، ويتحدث الخطباء، ويذكّرون الناس بما رافق هذه الحادثة من أحداث تاريخية، وبذلك يجددون لديهم الأحزان فيبدأون في البكاء واللطم.
ويردد الرادود المراثي المثيرة للشجن على مسامع الناس، ويتم رفع الأعلام السوداء، ودق الطبول في ذلك اليوم، وتشد الرحال للعتبة الحسينية في كربلاء، ويلبس الناس السواد، ويقومون بالتطبير، ويمثلون مشاهد من معركة كربلاء، ويستخدمون خلال التطبير أدوات حادة تتسبب في إحداث جروح بالجسد وإسالة الدماء، أو يضربون طهورهم بالسلاسل، وهم يسيرون في مواكب حاشدة.
ويعتبر الشيعة أن صيام يوم عاشوراء هو مكروه، ويمكن أن يصوم الناس عن الماء ليعيشوا ما عايشه الحسين من عطش، هو وأسرته خلال هذه الحادثة المأساوية.
ولقد اعتبر بعض فقهاء الشيعة أن الترغيب في صيام يوم عاشوراء إنما جاء نتيجة لبث بني أمية أحاديث مكذوبة عن الرسول عليه الصلاة والسلام من أجل الاحتفاء بهذا اليوم وبذلك يظهرون فرحتهم بالانتصار على الحسين في كربلاء، والإبقاء على ملكهم ودولتهم. ولذلك فهم يعتقدون أنها سنة من سنن الدولة الأموية وليست سنة عن الرسول نفسه.
وقتل الحسين بن علي عليهما السلام في عام 61 من الهجرة في معركة كربلاء، ومعه ابنه عليّ وإخوته العباس وعثمان وجعفر، وأبناء الحسن القاسم وأبو بكر وعبد الله، وأبناء الصحابي عبد الله بن جعفر الطيار، وابنا مسلم بن عقيل ابن عم الحسين محمد وعبد الله، وغيرهم.
خاتمة عن يوم عاشوراء
إن المناسبات الدينية هي وسيلة لتقرّب الناس من ربّ العالمين، وتذكير لهم بالسنن، وحثهم على التعبّد والتقرّب من الله، والبحث عن موجبات رحمته، وليست مناسبات لشق الصف وبعث الخلافات ونشر الكراهية، فالله يحب أن تكون العبادات خالصة له، منزهة عن النفاق، تجمع ولا تفرّق، وتطهّر من الذنوب، والخطايا، ويجب ان نمتثل إلى الله في ذلك وأن ننشر التسامح والمحبة بين الناس ونتذكر الجوهر الحقيقي للتدين وهو الإخلاص في العبادة لله.
