قصة سيدنا يوسف مميزة وشاملة ووصف جمال سيدنا يوسف ودعاء سيدنا يوسف

ibrahim ahmed
2021-08-19T14:51:06+02:00
قصص الانبياء
ibrahim ahmedتم التدقيق بواسطة: مصطفي شعبان29 سبتمبر 2020آخر تحديث : منذ 3 سنوات

قصة سيدنا يوسف
قصة سيدنا يوسف مميزة وشاملة

إن قصة سيدنا يوسف (عليه السلام) من أشهر القصص في القرآن الكريم وقد جعل الله لها سورة في القرآن الكريم بنفس الاسم، وهي من القصص العظيمة التي يعجز المرء عن إحصاء ما فيها من فوائد وعظات وعبر، ونبي الله يوسف هو ابن نبي الله يعقوب ابن اسحاق ابن ابراهيم عليهم جميعًا السلام.

وصف جمال سيدنا يوسف

يظهر في القرآن الكريم وصف بديع لجمال سيدنا يوسف وجرى هذا الوصف على لسان النسوة اللاتي كُن مع امرأة العزيز عندما شاهدوا نبي الله يوسف “مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31)” حيث جاء ذلك الوصف ليوضّح أن جمال سيدنا يوسف لم يكن جمالًا من ذلك النوع البشري، وإنما كان يُشبه جمال وحُسن الملائكة.

وجمال سيدنا يوسف لم يكن جمالًا ماديًا فقط يُرى بالعين ويُقصد به هُنا الشكل؛ بالطبع كان له نصيبٌ كبير من هذا الجمال ولكن كان يتحلى أيضًا بالكثير من مظاهر الجمال التي وضحتها لنا قصته الشهيرة ووضحتها سورة يوسف في القرآن الكريم:

  • كان المظهر/ الموضع الأول لجمال سيدنا يوسف هو طلب العون والاستشارة من ذوي الخبرة بالإضافة إلى أدبه الجمّ مع والده في الحديث حيث أن يوسف عندما شاهد الرؤيا في منامه قرر أن يذهب لأبيه ويُخبره بما جرى، ويُمكنك أن تعرف هذا في هذه الآية الكريمة: “إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4)”.
  • والمظهر الثاني لجماله هو الإخلاص؛ والإخلاص هُنا يأتي قولًا وفعلًا وكما تعلمون فإن الله يُحب عباده المخلصين، فإذا أخلص العبد لربه حفظه ربه ورعاه ووقاه وصرف عنه كل مكروه وسوء ويظهر هذا في الآية الكريمة: “كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24).”
  • المظهر الثالث هو التمكين في الأرض لذلك العبد المُحسن يوسف (عليه السلام) حيث أنه قد كاد له إخوته كيدًا عظيمًا وألقوه في غيابة الجُب، وكادت له امرأة العزيز وألقته في غياهب السجون، ولكنه على الرغم من كل ذلك قد استطاع أن يخرج منهم جميعًا بفضل الله وحده وبرحمته.
  • والأرض التي مكن الله فيها ليوسف في الأرض حسب التأويل هي أرض مصر حيث ينزل فيها حيث يشاء وذلك لأنه كان من العباد المحسنين، “وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ ۚ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56).”
  • المظهر الرابع هو الطُهر والعفاف والأمانة والاعتراف بفضل الله عليه وكذلك بفضل زوج هذه المرأة الذي أحسن معاملته، فعندما راودته امرأة العزيز عن نفسها وجمّلت له الفحشاء والمنكر قد أبى ورفض (استعصم) وقد قال أن الله قد أحسن مثواه وأكرمه وأنعم عليه وكذلك صاحب هذا البيت -زوجها- قد أئتمنه على منزله وعلى شرفه وعِرضه فلا ينبغي عليه الخيانة لهذه الأمانة، وكان يعلم أن الظالمين لا يُفلحون أبدًا لا في دُنياهم ولا في أُخراهم.
  • المظهر الخامس من مظاهر جمال نبي الله يوسف (عليه السلام) هو طاعته لوالده يعقوب حيث أن يعقوب قد أمره بعد أن قصّ عليه الرؤيا بألّا يقصصها على أحدٍ من إخوته خشية حسد والكيد بسبب الغيرة منه، وقد أطاع والده في ذلك، “لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا.”
  • المظهر السادس وهو من أبرز المظاهر وأهمها وهو تفضيل سيدنا يوسف (عليه السلام) أن يتعرض للسجن على أن يقع في الحرام وفيما يُغضب الله (عز وجل)، وفي هذه النقطة يتضح جليًا لنا مدى إخلاصه ونقاءه وقوة إيمانه.
  • المظهر السابع وهو أن يوسف كان داعيًا إلى الله، ففي سجنه وفي عز محنته وهو المظلوم في غياهب السجون قد دعا الناس إلى عبادة الله الواحد الأحد القهّار، “يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ.”
  • المظهر الثامن وهو الإيفاء بالمكاييل والموازين وعدم الإنقاص منها في شيء، “أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ.”
  • المظهر التاسع وهو الصبر على الأذى وعلى السيء والقبيح من الكلام، ويتضح لنا جليًا في هذه الآية الكريمة: “قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ۚ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ”.
  • المظهر العاشر وهو التقوى والصبر، وجزاءهم، وعطاء الله ونعمته على عبده يوسف ومنته عليه، “قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ.”

دعاء سيدنا يوسف (عليه السلام)

الأنبياء مُجابي الدعاء، ونحن نتعلم منهم ومما يقولون ونسير على خُطاهم، وحتى إذا ما دعوا دعاءًا فإننا نقوم بترديد دعائهم هذا لأنهم الأقرب إلى الله (عز وجل) والأعلم منا، ولأنهم الأقرب من الوحي، ولهذا فعلينا أن نعرف دعاء سيدنا يوسف (عليه السلام)، ولكن قبل أن نعرفه فقط عليها أن نعرف بعض النقاط الهامة الواجب ألّا ننساها أو نتجاهلها.

هذه القصة الكاملة الخاصة بالدعاء، لم ترد لدينا في الدين الإسلامي، ولكنها وردت في الروايات المعروفة بالإسرائيليات، وهذه الروايات قد أمرنا الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) بأن لا نكذبها وألّا نصدقها في تلك الأشياء التي لم ترد لدينا في ديننا، ولهذا فيكفي فقط أن نعرفها من باب المعرفة.

ويجب على الجميع أن يتذكر جيدًا أن الدين الإسلامي قد اكتمل نزوله من السماء بيوم خطبة الوداع حينما قال الرسول الكريم: “اليوم أكملت لكم دينكم”، ولهذا فيجب أن يكون لدينا جميعًا اليقين بأن أي شيء لم يرد نصه في الدين فهو لن يضرنا في شيء جهله ولن يفيدنا في شيء معرفته.

وقد قيل عن هذا الدعاء الذي سوف نكتبه لكم في السطور القادمة أن جبريل (عليه السلام) قد لقّنه إلى يوسف وعلّمه هذا الدعاء عندما ألقاه إخوته في الجُب (البئر).

اللهم يا مؤنس كل غريب، ويا صاحب كل وحيد، ويا ملجأ كل خائف، ويا كاشف كل كربة ويا عالم كل نجوى، ويا منتهى كل شكوى، ويا حاضر كل ملأ.. يا حي يا قيوم أسألك أن تقذف رجاءك في قلبي، حتى لا يكون لي هم ولا شغل غيرك، وأن تجعل لي من أمر فرجا ومخرجا، إنك على كل شيء قدير.

قصة يوسف (عليه السلام) مع امرأة العزيز

قصة يوسف
قصة يوسف (عليه السلام) مع امرأة العزيز

تبدأ قصة النبي يوسف (عليه السلام) مع زليخة (امرأة العزيز) بعد خروجه من البئر حيث أنه بعد أن ألقاه إخوته في البئر قد خرج بفضل الله وبرحمته حينما مرت قافلة وأدلى واحدٌ منهم دلوه في الماء ليتشبث به يوسف ويخرج إليهم، ثم بعد ذلك قاموا ببيعه إلى شخص من مصر هو العزيز (أي رئيس الشرطة) الذي طلب من زوجته أن تُحسن معاملته عسى أن يتخذه ولدًا.

وكان يوسف جميلًا وقد أظهر أمانة وخلق عاليين فأحبه العزيز ووثق به وأئتمنه على منزله، وقد روت الروايات أنه قد كان عقيمًا لا يُنجب، وروايات أخرى قد قالت أن عزيز مصر قد كان حصورًا؛ ومعنى حصورًا أي أنه كان لا يقرب النساء ولا يشعر بشهوة تجاههن، حتى أن بعض الروايات تقول أن زليخة كانت عذراء.

وبالطبع فإن زليخة كانت بارعة الجمال فاتنة ولكنها كانت تشعر بالحرمان الجنسي، وعندما كانت تربي يوسف وهو صغير قد فُتنت به وأحبته حبًا كبيرًا، وعندما كَبُر فُتنت به وبدأت تغيّر من نظرتها تجاهه حتى جاء ذلك اليوم الذي تزينت وتعطرت فيها كما تفعل المرأة لزوجها وانتهزت فرصة غيابه -أي زوجها- من المنزل، وقد راودت يوسف عن نفسه؛ أي أنها طلبت منه أن يفعل معها الفاحشة (فعل الزنا).

وهُنا تقول الآية الكريمة: “وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ” وتفسير هذه الآية حسب ما توصلنا إليه أنها قالت ليوسف تغريه بها: “ما أجمل شعرك، ما أحسن وجهك”، ولكنه كان يرد عليها قائلًا: “هو أول ما ينتثر من جسدي (أي شعره) وهو للتراب يأكله (أي وجهه)”.

ولكنها لم تتوقف عن إغراءه حتى كاد أن يقع في المحظور، وقال المفسرون أنه جلس منها مجلس الناكح لزوجته، وقال آخرون أنه قد شرع يفك ملابسه حتى جاءه البُرهان من ربه وهذا البُرهان هو نبي الله يعقوب يقول له الآتي:

فإذا هو بصورة يعقوب قائمًا في البيت، قد عضَّ على إصبعه، يقول: ” يا يوسف لا تواقعها (21) فإنما مثلك ما لم تواقعها مثل الطير في جو السماء لا يطاق، ومثلك إذا واقعتها مثله إذا مات ووقع إلى الأرض لا يستطع أن يدفع عن نفسه. ومثلك ما لم تواقعها مثل الثور الصعب الذي لا يُعمل عليه، ومثلك إن واقعتها مثل الثور حين يموت فيدخل النَّمل في أصل قرنيه لا يستطيع أن يدفع عن نفسه.”

وينبغي لنا أن نتوقف قليلًا لنوضح نقطة هامة؛ هذه النقطة هي أن هُناك بعض المُفسرين الذين يتعارضون مع هذا التفسير ويرون أنه لا يوافق العصمة التي يتحلى بها الأنبياء ومنهم يوسف (عليه السلام) وهم يرون أن كلمة همّ بها تعني فقط وجود ميل من جانبه تجاهها، ولكنه ميل نفسي تمامًا كميل الجائع إلى الطعام.

وبعد ما تبيّن له هذا أبى واستعصم وقيل قام بربط سراويله من جديد، ورفض أن يخون مولاه العزيز الذي تبناه وأحسن معاملته وقبل كل هذا أئتمنه على بيته، وذهب قاصدًا الخروج من الغرفة فتشبثت زليخة بقميصه من الخلف فقطعته ونزعته عن يوسف.

وهُنا دخل عليهم زوجها (العزيز) ومعه رجل هو ابن عمها، فمكرت زليخة وأنقذت نفسها من هذا الإثم وتصنعّت كونها ضحية وقالت لزوجها ما تقوله الآية الكريمة: “مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلاَّ أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ”، ولكن يوسف كذبّها وقال أنها هي من راودته عن نفسه.

وفي هذه اللحظة تدخل ذلك الرجل الذي كان مع زوجها والذي هو ابن عمها ليشهد بالحق، فقال أن قطع القميص لو كان من الأمام فهو الكاذب وهي الصادقة وإذا كان من الخلف فهي الكاذبة ويوسف الصادق، وقد تأكدوا أن قطع القميص من الخلف وتبيّن لهم أن يوسف الصادق فعلًا وأنها من راودته عن نفسه.

والخبر لم ينحسر كما تمنى العزيز ولكن انتشر بين العديد من نسوة المدينة، وقد قيل في تلكم النسوة أنهن كُنّ أربعة نسوة من نساء حاشية الملك والقائمين على خدمته، وقد تحدث بها النساء كثيرًا وبما فعلته فقررت أن تكيد لهنّ كيدًا عظيمًا، فجمعتهم لديها وقدمت لهم الفاكهة والسكين التي يقومون بتقشيرها بها وطلبت من يوسف ان يظهر أمامهم، فذهب يوسف بألبابهن، وبسببه قد جرحن أيديهن بدلًا من جرحهم للفاكهة التي كانوا يقشرونها.

وقد فعلت زليخة هذا لتقدم عذرها إلى النسوة اللاتي لاموها على ما فعلت، وفي قصة سيدنا يوسف وزليخة التي ترويها سورة يوسف في القرآن الكريم يظهر لنا رد فعل النسوة من المدينة على جمال سيدنا يوسف الفتّان: “وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ”.

وخيّرت امرأة العزيز يوسف بين أمرين؛ إما أن يفعل معها ما تُريد من فاحشة وإثم مبين وخيانة أو أنها سوف تسجنه، ولكن يوسف قد آثر السجن على الوقوع في الفاحشة وطلب من ربه أن يصرف كيد هؤلاء النسوة عنه خشية أن يقع في المحظور.

إن الناظر إلى قصة زليخة وسيدنا يوسف سيدرك الكثير من معاني العفة والطُهر والأمانة التي نفتقدها في عصرنا الحالي، كما أن أمامنا زليخة وهي نموذج للسيدة التي تولّي شهوتها وقلبها الاهتمام والنصيب الأكبر، فكاد هذا أن يكون سببًا لارتكابها إثم الزنا.

العبرة من قصة يوسف وأخوته

العبرة من قصة يوسف
العبرة من قصة يوسف وأخوته

إن قصة مثل قصة يوسف في القرآن الكريم لا ينبغي ان تمر علينا مرور الكرام، فهي كما سوف نذكر في مواضع أخرى من أحسن وأفضل القصص القرآني، وعندما يقول الله (عز وجل) ذلك في آية من آياته الكريمة فلا بُد لنا الإستدلال ومعرفة اسباب كونها أحسن القصص، وهذه دروس وعبر من قصة يوسف نقدمها لكم لتتجلى أمامنا واضحة الحكمة من قصة سيدنا يوسف عليه السلام.

  • الاحتفاظ بالسر وكتمانه، هذه من دروس الحياة التي يجب أن يتعلمها كل مرء، فلا يجب أن يكون هذا الشخص عبارة عن وعاء يسكب الكلمات أينما وجد، ولكن عليه أن يكون حريصًا كل الحرص في كلامه، فلا يقول ما لا ينبغي أن يُقال، ويوسف عندما قال له والده لا تقصص رؤياك على إخوتك، قد التزم بكلمات والده واتبعها وكان في صمته وكتمانه السر وقبل كل ذلك طاعته لوالده صلاحه وفلاحه.
  • عدم التفرقة بين الأبناء، وهذه نقطة هامة جدًا فمن أكثر المشكلات الموجودة حاليًا هي التفرقة بين الأبناء وتفضيل واحدٍ على الآخر.
  • فترى ان هُناك من يُفضّل الولد على البنت وهُناك من يُفضّل الكبير على الصغير وهُناك من يفعل العكس، وكان سيدنا يعقوب (عليه السلام) قد قام بتفضيل يوسف الصغير على إخوته، فقد كان يُحبه حبًا كثيرًا ظهر في أفعاله مما جعل الأبناء يوغرون صدورهم تجاه أخيهم وتجاه والدهم ويفعلون فعلتهم الشنيعة التي فعلوها تلك.
  • الثبات والصبر على الإبتلاء، كان صبر نبي الله يوسف عظيمًا على كل ما أصابه في حياته، فقد صبر على فعلة إخوته له حينما ألقوا به في قاع البئر، وحينما مكرت له امرأة العزيز، وحينما ألقوه ظُلمًا وبُهتانًا في السجن بضع سنوات، وقد خرج من كل هذه المشكلات والابتلاءات أقوى من ذي قبل ثابتًا على موقفه لا يتزعزع.
  • الحرص على وصول رسالة الله إلى كل مخلوق على وجه الأرض، يقول الله (جل علاه): “وما أكثر الناس لو حرصت بمؤمنين”، ولكننا على الرغم من ذلك مُأمورين بتبليغ رسالة الله إلى العالمين، والدعوة إلى عبادة الواحد الأحد بالحُسنى، فليس على المرء إلا البلاغ.
  • ويوسف (عليه السلام) وهو في محنته العصيبة لم يفتر ولم تضعف عزيمته وإنما كان حريصًا كل الحرص على دعوة زملائه في السجن لعبادة الله وظل يُحاججهم ويناقشهم محاولًا إقناعهم بالعقل والمنطق، مستعينًا بما وهبه الله من علم، وهذا درس لنا جميعًا أن نُحاول استغلال كل الفرص المُمكنة للدعوة إلى الله (عز وجل).
  • يجب أن يكون الإنسان حريصًا كل الحرص على براءته من أي شر منسوب إليه، وظهور الحق في أمره، فيوسف بعد أن خرج من السجن كان أول ما فكر فيه هو الحصول على براءته أمام جميع الناس من التهمة التي نسبتها إليه زليخة امرأة العزيز والكيد الذي كاده له نساء رجال صفوة المدينة، وقد حدث هذا بالفعل، ليصبح يوسف على خزائن الأرض طاهرًا نقيًا وقد ظهر القول الحق فيه وبطلت الأكاذيب.
  • الحسد موجود وعلى الشخص أن يحتاط ويحذر منه ويتخذ تدابيره، لكن في نفس الوقت لا ينبغي أن يُعيق الحسد المرء عن الأهداف والأشياء التي سوف يفعلها، فعلى سبيل المثال يعقوب (عليه السلام) قد أمر أبناءه ألّا يدخلوا من باب واحد ولكن يدخلوا من ابواب عديدة ومتفرقة، فهو في ذلك قد أخذ الحيطة والحذر ولكنه أمرهم بأن يذهبوا متوكلين على الله وليس متواكلين.
  • العبرة بالخواتيم، فها هو نبي الله قد عانى في بداية حياته مُعاناة عظيمة لآلام ومشكلات ذكرناها لكم هُنا في هذا الموضوع تفصيًلا، ولكنه في النهاية قد نال الكثير من الخير، فالتمكين في الأرض وعودة أبيه وإخوته، وظهور الحق وبراءته أمام الناس جميعًا.
  • الإنسان يجب أن يكون ذكيًا يستطيع تدبير أموره، فالحيل ليست كلها خبيثة شريرة ومذمومة، ولكن هُناك الحيل التي يتم تدبيرها لعمل الخير، أو للحصول على حق، فهذه الحيلة مشروعة ومقبولة لأنك لو لم تفعلها فلسوف تخسر أو يُصيبك مكروه، وفي النهاية فإن الضابط الشرعي لإستخدام هذه الحيل هو المصلحة العامة للدنيا والدين، وإبعاد الفساد عن العباد.
  • الإنسان إذا قال عن نفسه الخير ليس بغرض الزهو والفخار، ولكن بغرض عموم النفع وتولي الأمر في أهله فهو خير ويُثاب على ذلك، وسيدنا يوسف (عليه السلام) خير مضرب المثل عندما قال إني حفيظ عليم.
  • العفو والمغفرة عن الأخطاء طالما أن الشخص الذي قد قام بفعل الأذى قد تاب وأناب.
  • لو أردت التحدث عن نفسك بمناسبة ولسبب ومن دون سبب، فهذا من الأمور الغير محمودة، أما إن كان هُناك سبب وداعٍ لذلك فهذا من الأمور المُحببة والمُتاحة بالنسبة لك، ولعلك قد لاحظت أن سيدنا يوسف (عليه السلام) قد وجه طلبه إلى الملك بأن يكون على خزائن الأرض لأنه الحفيظ العليم، فهذا الطلب لا يعني الغرور أو حُب السلطة، ولكنه يدل على ثقة سيدنا يوسف من استحقاقه لهذا المنصب وأن أحدًا لن يؤدي فيه مثله.
  • طالما كنت قادرًا على الانتقام والتنكيل بعدوك أو الشخص الذي ظلمك، وهو لن يستطيع الرد، فلو عفوت وصفحت فإن هذه من أجمل الصفات وأفضلها كما فعل نبي الله يوسف مع إخوته.
  • الأشخاص الذين يُريدون الاشتغال في الدعوة إلى سبيل الله وإلى دينه، عليهم أن يتخذوا من سورة يوسف كتابًا ودليلًا ومنهاجًا لهم، وذلك لأن الدُعاة يتعرضون إلى أشد أنواع المحاربة والأذى والشهوات لصدهم عن طريق الدعوة إلى دين الله.
  • فإن لم يكن الداعية صلبًا قوي الإيمان بما يكفي، فهو سوف يتعثر في طريقه ولن يكمله، أما إن كان كذلك فعاقبة أمره ستكون خير تمامًا كعاقبة أمر سيدنا يوسف من فلاح وجنة عرضها السموات والأرض وتعويض عن سنوات الصبر والظلم.
  • لدينا جملة شهيرة تقول نأخذ العاطل بالباطل، وهذه الجملة خاطئة جدًا بل وقد تكون حرام شرعًا، فينبغي عند توقيع العقوبة التأكد من أن الشخص بالفعل هو الذي ارتكب هذا الأمر لكي لا تكون سببًا في ظلم أحد.

فوائد من قصة يوسف (عليه السلام) مع امرأة العزيز

  • على الإنسان أن يبتعد عن طريق الفتن، فمهما كان يظن نفسه سوف يظل ثابتًا فعليه أن يعلم بضعف الإنسان أمام الشهوات وأمام غواية الشيطان، وها هو نبي الله يوسف يثبت أمام هذه الفتنة التي عرضتها عليه زليخة ويفر من أمامها قاصدًا الخروج من الباب، وعلاوةً على هذا فإنه قد سأل الله بإخلاص أن يصرف عنه كيد النسوة لكي لا يوقعوه في شرك الفتن، وكذلك على الإنسان أن يكون.
  • يجب على الرجل أن يكون حذرًا كل الحذر من الخلوة بالمرأة في أي مكان، فالخلوة هي باب للفتن يتم فتحه على مصراعيه، فكل ما حدث ليوسف مع امرأة العزيز كان بسبب الخلوة حتى وإن لم يكن يقصد ذلك، وكذلك المرأة الحريصة على نفسها ينبغي ألّا تختلي بأي رجل في عمل أو في منزل، ونرى هذه الخلوة تظهر كثيرًا بين خادمات البيوت في المنازل، وطواقم الأطباء والتمريض والعمل في الشركات الخاصة على حد سواء.

نستعرض لكم في هذه الفقرة العديد من الاسئلة الهامة التي تدور في بالكم حول قصة نبينا يوسف، وقد قمنا بإضافة العديد من الإجابات لها، ولا تترددوا في ترك أسئلتكم الخاصة بقصة النبي يوسف كاملة في التعليقات وسوف نجيب عنها ونقوم بإضافتها في الموضوع.

هل تزوجت زليخة من سيدنا يوسف؟

سيدنا يوسف
قصة سيدنا يوسف

تقول بعض الروايات أن زليخة بالفعل بعد أن تابت وعادت إلى الله واعترفت بذنبها قد تزوجها سيدنا يوسف وأنجب منها طفلين.

لماذا قصة سيدنا يوسف هي من أفضل وأحسن القصص وذلك بشهادة القرآن الكريم في الآية التي تقول: “نحن نقص عليك أحسن القصص”؟

هُناك العديد من الإجابات المُحتملة لهذا السؤال؛ فقد قال المفسرون أنها من أحسن وأفضل القصص لأن النتيجة النهائية التي وصل إليها جميع شخوصها كانت السعادة والفلاح، وقيل أنها دونًا عن بقية القصص القرآنية تحتوي على عالم كامل مليء بالحكم والعظات والعبر.

وذُكِر أيضًا أن السبب في ذلك هو عفو سيدنا يوسف عن إخوته بعد الذي فعلوه معه وهو صغير، وقال آخرون أن في هذه السورة الكثير من سير الملوك والإنسان من رجال ونساء، وفيها فضائل كالعفة والطهارة وفيها ذُكرت أيضًا الغواية.

سيدنا يعقوب عليه السلام قد أدرك أن ولده يوسف لم يمت؛ بل علم أن إخوته قد كادوا له كيدًا.. فكيف عرف ذلك؟

عرف يعقوب ذلك من معرفته بحال يوسف وحال إخوته، وشعورهم تجاهه وغيرتهم منه، بالإضافة طبعًا إلى شعوره وصوت قلبه الذي أخبره أن هُناك خطبًا ما، وقد استعان يعقوب على كل هذه المكائد بالله وبالصبر، وقد جزاه الله جزاء الصابرين.

ما هو المعنى الخاص بكلمة همّ بها في القرآن الكريم في سورة يوسف؟ وكيف همّ يوسف بإمرأة العزيز؟

هُناك تفسير يقول أن هم بها تعني أن خاطرة خطرت على قلب يوسف، مثلما يكون الشخص عطشانًا فيظمأ ويتوق إلى الماء، وُهناك التأويلات الأخرى التي قُمنا بذكرها في الفقرة السابقة تفصيلًا.

لقد أثبت الشاهد الذي كان مع امرأة العزيز أن يوسف طاهر وبرئ.. فلماذا إذن تم سجن يوسف بعد ذلك؟

لا يوجد تأويل صريح في هذا الشأن، لكن الاجتهادات تُشير إلى أن الأمر الخاص بيوسف وامرأة العزيز، وحتى نسوة المدينة قد ذاع صيته وانتشر، وكان هذا يُمثّل خطورة على سُمعة ومركز هؤلاء في المدينة فكان الحل الوحيد للتخلص من كل هذا الحديث وإسكات الجميع هو التخلص من يوسف وسجنه.

أخذ سيدنا يوسف (عليه السلام) أخيه، وكان يعلم جيدًا أن هذا الأمر سوف يُثير أحزان أبيه ويزيدها.. فلماذا فعل ذلك؟

كان تصرف يوسف ليس ناجمًا عن إرادته الشخصية ولكن عن وحي أوحاه له الله (عز وجل)، ولعل السبب في ذلك أن الله قد أراد اختبار يعقوب الاختبار الصعب وزيادة المحنة والبلاء، حتى إذا ما صبر واحتسب كشف الله له الغُمة وأعاد له ولديه بالإضافة إلى استرداد بصره من جديد، والأنبياء جميعهم مشتركون في المحن والابتلاءات العظيمة.

قصة سيدنا يوسف (عليه السلام) مختصرة

هُناك الكثير من الناس الذين يحبون معرفة قصة نبينا يوسف ولكن بعيدًا عن التفصيل والكثير من التعقيدات، نعم فهي قد تُعد تعقيدات بالنسبة لهم، فقد يكونوا صغارًا في السن أو على عتبات العلم، وهُم بحاجة إلى انتهال العلم من مصادره المناسبة لتلك المرحلة، فبالتالي يبحثون عن قصة سيدنا يوسف المُختصرة التي تحمل كما نقول نحن “المُختصر المُفيد” ولا تتطرق إلى كثير من التفصيلات.

وها نحن ذا نحكي لكم هذه القصة باختصار غير مُخِل والله الموفِق.

كان يوسف واحد من أبناء سيدنا يعقوب (عليه السلام)، وكان الأثير والمُفضّل عند أبيه، ولذلك شعر إخوته بالغيرة من ذلك الحُب الذي يكنه أبوه نحوه، وكان يوسف نبيًا، فقد اصطفاه الله بصفات نبوية كانت صفته هو الجمال، وكان يوسف أيضًا قد آتاه الله من تأويل الأحاديث أي تفسير الأحلام.

وتتبدى لنا في قصة سيدنا يوسف عاقبة الكراهية والحسد، فذات يوم احتال إخوة يوسف على أبيهم وأخذوا يوسف معهم بدعوى اللعب، وعزموا قتله ولكن بعد ذلك وصلوا إلى قرار وهو إلقاء يوسف نبي الله في قاع بئر مردومة، وليضرب الله للناس الأمثال، فقد جائت قافلة وتوقفت للبحث عن الماء في هذه البئر رغم معرفتهم بأنها لا تعمل، وهُنا تعلّق يوسف بالحبل الذي أنزلوه وخرج إليهم، وأخذوه في السوق ليُباع بمبلغ زهيد جدًا لعزيز مصر الذي كان لا يُنجب.

وأحب يوسف واعتبره ابنًا من أبنائه، وكان لهذا العزيز زوجة تُسمى زُليخة، هذه الزوجة قد ربّت يوسف، ولكن عندما كبر قد شعرت تجاهه بانجذاب ورغبت في فعل الفاحشة معه، ولكن يوسف أبى واستعصم وكان عفيفًا، واتهمته أنه قد راودها عن نفسها -أي أراد مجامعتها- ولكن الله برئه من ذلك.

وفيما بعد قرروا حبس يوسف في السجن لكي لا يتحدث الناس بشأنه كثيرًا، ويوسف فضّل السجن على الوقوع في الفاحشة، ولبث في السجن بضع سنين، هذا الرقم لا يعلمه إلا الله وحده! وكل ما قيل فيه اجتهادات مشكورة للعلماء.

وخرج يوسف من السجن ليكون عزيزًا وليملك خزائن الأرض كلها، وليستخدم الحيلة في تأديب إخوته على فعلتهم، ولكنه قد سامحهم في النهاية بعد أن علموا بخطأهم وتابوا لله (عز وجل).

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *