ما هو دعاء الاستفتاح في الصلاة وفضله وحكمه؟

سلوى المغربي
2020-11-09T02:47:58+02:00
ادعية
سلوى المغربيتم التدقيق بواسطة: مصطفي شعبان7 يونيو 2020آخر تحديث : منذ 3 سنوات

دعاء الاستفتاح
دعاء الاستفتاح في الصلاة

أصل كلمة استفتح هو من الفعل فتح أي بدأ الشيء ومعنى استفتح أي ابتدأ الأمر، ومعنى استفتاح الصلاة أي الكلمات التي تقال في بداية الصلاة قبل قراءة الفاتحة وهي أول أركان الصلاة بعد تكبيرة الإحرام، وهي كلمات وأدعية لا تقال إلا بمتابعة النبي (صلى الله عليه وسلم) لأنه هو المُشرّع الناقل لأوامر الله (تبارك وتعالى).

ما هو دعاء الاستفتاح؟

أمرنا الله بمتابعة النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) فيما أمَر وفيما نَهى عنه وزجر فقال (تعالى): “مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا” سورة النساء: 80، وقال أيضًا: “وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ.” سورة الحشر: 7

وعلى كل مسلم أن يتابع النبي (صلى الله عليه وسلم) في أقواله وأفعاله وإقراراته وبصفاته المكتسبة التي بمجموعها تكون السنة وهي الأصل الثاني للتشريع الإسلامي.

قد يتساءل البعض عن ما هو دعاء الاستفتاح في الصلاة؟ وهنا نوضح أنه لا يخص الفرائض وحدها بل هو مسنون للفرائض والنوافل على حد سواء، وإن كان دعاء الاستفتاح للنوافل يتسم بالطول النسبي عن الفرائض وذلك لأن النوافل يصليها المسلم عادة منفردًا فيمكنه أن يُطيلها كما يشاء وخاصة في صلاة الليل أما الفرائض فكان رسول الله يصليها جماعة بالمسلمين وقد أوصى الأئمة بتخفيف الصلاة على الناس.

فعن ‏أبي هريرة (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: “إذا صلى أحدكم ‏للناس، فليخفف، فإن منهم الضعيف، والسقيم، والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه، ‏فليطول ما شاء.” الحديث متفق عليه واللفظ للبخاري

متى يقال دعاء الاستفتاح؟

ولكل من يسأل عن متى يقال دعاء الاستفتاح وموعده في صلاة الفرض أو النفل يكون بين التكبير والقراءة، أي أنه بعد الدخول في الصلاة لا قبلها، فبعض الناس يدعو أثناء إقامة الصلاة وقبل التكبير وهي أدعية جائزة ولكن ليست هذه هي المقصودة بدعاء الاستفتاح.

دعاء الاستفتاح يكون بعد التكبير وهو أول أركان الصلاة، وتسمى أول لحظة في الدخول إلى الصلاة بتكبيرة الإحرام، ومعنى التحريم أي أن الإنسان يدخلها وينقطع عن كل شيء في الدنيا ويسمى التسليم تحليلًا أي أنه يعود إلى الدنيا فيتكلم ويأكل ويشرب ويمشي.

عن محمد بن الحنفية (رحمه الله) عن أبيه علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: “مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم.” رواه الترمذي

فدعاء استفتاح الصلاة يقع بين التحريم أي تكبيرة الإحرام وابتداء الإنسان المنفرد أو الإمام بقراءة الفاتحة.

حكم دعاء الاستفتاح

دعاء الاستفتاح من سنن الصلاة التي وردت عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، والسنة لها مرادفات كثيرة يمكن التعبير عنها ومنها (المندوب، المستحب، المستحسن)، وحكمها العام أن يثاب فاعلها ولا يأثم تاركها ودعاء استفتاح الصلاة بعد تكبيرة الاحرام وقبل الفاتحة.

وعليه فإن حكم دعاء الاستفتاح في الصلاة من السنن الواردة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) وليست من أركان الصلاة ولا من فرائضها، ومن تركه عامدًا أو ناسيًا فلا شيء عليه ولكن ينقص أجره في الصلاة لتركه سنة من سنن النبي (صلى الله عليه وسلم) والتي داوم على فعلها.

هل يقال دعاء الاستفتاح في السنن الرواتب؟

دعاء الاستفتاح لا يخص الفرائض وحدها بل هو سنة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) داوم على فعلها في الصلوات المفروضة كالصلوات الخمس ودام أيضًا على فعلها في الصلوات المسنونة التي كان يصليها في مسجده أو في بيته، وسيأتي معنا دعاء الاستفتاح في الصلوات المسنونة أي في النوافل وبالأخص صلاة قيام الليل التي كان يخصها النبي (صلى الله عليه وسلم) بدعاء استفتاح خاص.

وعليه فدعاء الاستفتاح يُقال في السنن الرواتب وغير الرواتب وفي أي صلاة يصليها المسلم فرضًا كانت أو نفلًا، منفردًا كان أو في جماعة.

هل دعاء الاستفتاح في الصلاة واجب؟

دعاء الاستفتاح ليس من واجبات الصلاة كما ذكرنا بل من سننها وبالتالي فمن ترك دعاء الاستفتاح أو نسيه فليس بتارك واجب يعاقب عليه أو تبطل صلاته، بل هو أمر تعبدي اقتداء بالرسول (صلى الله عليه وسلم) ابتغاء لزيادة الأجر في الصلاة، وعليه أيضًا فمن ترك دعاء الاستفتاح لضيق وقت كأن يدخل للجماعة والإمام يقرأ القرآن فيجب عليه الإنصات، أو لسهو أو نسيان فليس هناك سجود سهو ولا بطلان صلاة.

صيغ دعاء الاستفتاح

دعاء الاستفتاح
صيغ دعاء الاستفتاح

وردت صيغ كثيرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) في دعاء الاستفتاح ونذكر من أدعية الاستفتاح ما يلي:

  • عن أَبِي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه) قَالَ: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) إذا كبر في الصلاة سكت هُنَيَّةً قبل أن يقرأ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بأبي أنت وأمي أرأيتك سكوتك بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالقِرَاءَةِ، مَا تَقُولُ؟” قَال: “أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ خَطَايَاي كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْني من خَطَايَايَ بِالْثلج وَالماء وَالبَرَدِ.” أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له
  • عَنْ عَائِشَةَ (رضي الله عنها) قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم) إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَالَ: “سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ.” رواه الترمذي وابن ماجه، ولفظ “تعالى جدك” كما فسره العلماء أي جل جلالك وعظمتك فأنت الغني عن عبادك ولا تحتاج أحدًا من خلقك.
  • عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ: “وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.” رواه البخاري ومسلم
  • عَنِ عبد الله بْنِ عُمَرَ (رضي الله عنهما) قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) إِذْ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: “اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا”، فَقَالَ (صلى الله عليه وسلم): “مِنَ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟”، قَالَ رَجُلٌ مَنِ الْقَوْمِ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: “عَجِبْتُ لَهَا، فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ”، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: “فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) يَقُولُ ذَلِكَ.” أخرجه مسلم والترمذي والنسائي
  • وعَنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أنه رأى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصلي صلاة، فقَالَ: “اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا (ثَلَاثًا) وَالْحَمْدُ اللَّهِ كَثِيرًا (ثَلَاثًا) وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (ثَلَاثًا) أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ مِنْ نَفْخِهِ وَنَفْثِهِ وَهَمْزِهِ.” أخرجه البخاري في “التاريخ الكبير، ومعنى كلمة “من نفخه”، أي: من الكبر الذي أدى به إلى الكفر، وكلمة “نفثه” أي: أعوذ بالله من سحره، وكلمة “همزه” أي: أعوذ بالله من وسوسته.
  • وعَنْ أَنَسَ (رضي الله عنه) أن رجلًا جاء فدخل الصف وقد حفزه النفس، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا قضى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صَلَاتِهِ قَالَ: “أيكم المتكلم بالكلمات؟”، فأرم القوم، فقال: “أيكم المتكلم بها فإنه لم يقل بأسًا”، فقال رَجُلٌ جئت وقد حفزني النفس فقلتها، فقَالَ: “لَقَدِ رأيت اثَنَى عَشْرَ مِلَكًا يبتدرونها أَيُّهُمْ يَرفعها.” أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي

دعاء الاستفتاح لقيام الليل

دعاء الاستفتاح لصلاة الليل وهي الصلاة المسنونة التي كان يصليها الرسول (صلى الله عليه وسلم) والمسماة بقيام الله والتي كانت تتميز بالطول تنفيذا لأمر الله (سبحانه) لنبيه في قوله (سبحانه): “يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا.” سورة المزمل من 1:4

فكان النبي (صلى الله عليه وسلم) يصلي معظم ساعات الليل قرابة نصف ساعات الليل وأحيانًا ينقص قليلًا وأحيانًا يزيد قليلًا، ولا شك أن هذه ساعات طويلة فكان من الطبيعي أن يكون دعاء الاستفتاح للصلاة المسنونة هذه أطول من الأخرى المفروضة.

الأحاديث التي وردت في دعاء الاستفتاح لصلاة الليل:

  • عَنْ حُذَيْفَةَ اِبْن اليَمَانِ، أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) مِنَ اللَّيْلِ، قال: فَلَمَّا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ: “اللَّهُ أَكْبَرُ ذُو الْمَلَكُوتِ وَالْجَبَرُوتِ، وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ”، قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ الْبَقَرَةَ، ثُمَّ رَكَعَ وَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، وَكَانَ يَقُولُ: “سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ، سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ”، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَكَانَ قِيَامُهُ نَحْوًا مِنْ رُكُوعِهِ، وَكَانَ يَقُولُ: “لِرَبِّيَ الْحَمْدُ لِرَبِّيَ الْحَمْدُ”، ثُمَّ سَجَدَ، فَكَانَ سُجُودُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، وَكَانَ يَقُولُ: “سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى، سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى”، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَكَانَ مَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ نَحْوًا مِنَ السُّجُودِ، وَكَانَ يَقُولُ: “رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي”، قَالَ: حَتَّى قَرَأَ الْبَقَرَةَ، وَآلَ عِمْرَانَ، وَالنِّسَاءَ، وَالْمَائِدَةَ، ُُُوَالْأَنْعَامَ، (شُعْبَةُ الَّذِي يَشُكُّ فِي الْمَائِدَةِ وَالْأَنْعَامِ).” رواه أحمد أبو داود والنسائي وصححه ابن القيم والألباني.

ولا شك أن الصلاة التي يقرأ فيها بالبقرة وآل عمران والنساء ويشك في الرابعة المائدة أو الأنعام هي صلاة طويلة، وهكذا كانت صلاته (صلى الله عليه وسلم) في الليل.

  • وعن أبي سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ (رضي الله عنها)، بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ نَبِيُّ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ: “اللهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.” رواه مسلم
  • وعن ابْنَ عَبَّاسٍ (رضي الله عنهما)، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم) إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ: “اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ، لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ الحَقُّ وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ (صلى الله عليه وسلم) حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ – أَوْ: لاَ إِلَهَ غَيْرُكَ.” رواه البخاري
  • وعَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ: بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَفْتَتِحُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيَامَ اللَّيْلِ فَقَالَتْ: لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ كَانَ إِذَا قَامَ كَبَّرَ عَشْرًا، وَحَمِدَ اللَّهَ عَشْرًا، وَسَبَّحَ عَشْرًا، وَهَلَّلَ عَشْرًا، وَاسْتَغْفَرَ عَشْرًا، وَقَالَ: “اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي وَعَافِنِي وَيَتَعَوَّذُ مِنْ ضِيقِ الْمَقَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.” رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه الألباني

دعاء الاستفتاح في الصلاة

دعاء الاستفتاح
دعاء الاستفتاح في الصلاة

كما ذكرنا سابقًا فهناك العديد من الصيغ التي ذكرها الفقهاء والأئمة في دعاء الاستفتاح في بداية الصلاة وينبغي على المسلم أن يلتزم به حتى يحصل على الأجر كاملًا ولا يُنقص منه شيء.

دعاء الاستفتاح في الصلاة عند المالكية

اتفق الأئمة الثلاثة السادة الشافعية والحنابلة والأحناف على استحباب دعاء الاستفتاح في الفرض والنفل، وخالفهم السادة المالكية في الرأي إذ قالوا بكراهته في الفرض واستحبابه في النوافل فقط.

فعند المالكية في النوافل استحباب دعاء: “سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين” في النفل فقط.

والمعروف أن الإمام مالك هو من أوائل الفقهاء وأقدمهم زمنًا فكان ميلاده سنة 93 هـ ووفاته سنة 179 هـ وكان يقيم في المدينة المنورة ويلقب بإمام دار الهجرة، فكان لا يقول باستحباب دعاء الاستفتاح لخشيته أن يظنه الناس من أركان الصلاة لأنه كان من أصول مذهبه الاستدلال بعمل أهل المدينة، ولذا قال بكراهته في الصلاة المفروضة واستحبابه في النوافل.

دعاء الاستفتاح للأطفال

دعاء الاستفتاح للصلاة ينبغي ان يعلم للأطفال حتى يعتادوا عليه، فمن المسلمين من كبر ونشأ وهو لا يعلم أن هناك دعاء مخصوص لاستفتاح الصلاة، وذلك بسبب عدم تعليمهم إياه ولأن من يقوله من الكبار يقوله سرًا فلا يسمعه الصغير.

ودعاء الاستفتاح كتابة وخاصة في صيغه البسيطة دعاء سهل وميسور ويمكن تحفيظه للأطفال بسهولة، فيمكن اختيار واحد من هذه الأدعية لكي يحفظوه ويعتادوا عليه حتى لا ينسوه عندما يكبروا:

  • “اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا.” مرة واحدة أو ثلاث مرات
  • “أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ مِنْ نَفْخِهِ وَنَفْثِهِ وَهَمْزِهِ.”
  • “سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ.”
دعاء الاستفتاح
ما هو دعاء الاستفتاح

فوائد دعاء الاستفتاح

فوائد دعاء الاستفتاح كثيرة، منها أن الإنسان المسلم يدخل في صلاته ويحتاج إلى مقدمة ليبدأ بها كلامه مع الله، فإذا كان العبد –ولله المثل الأعلى– يحتاج إلى مقدمة كي يحدث مسئولًا أو ملكًا من ملوك الدنيا فكيف بملك الملوك (سبحانه)؟

فهذه المقدمة يجعلها افتتاحًا لكلامه وهي من الأدعية التي يتقرب بها العبد إلى الله، فيقول فيها مُثنيًا على ربه أنت ملك السماوات والأرض ومن فيهن ويمجد اسمه بقوله “تبارك اسمك وتعالى جدك ولا اله غيرك”، ويثني على ربه (سبحانه) ويحمده بقوله “اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا”، ويعتذر فيها عن ذنوبه ويطلب من ربه (سبحانه) أن يعيذه من الشيطان الرجيم ومن الكبر الذي أودى به في الهاوية.

إنه توطئة وتقدمة للدخول في الصلاة وكأن العبد يمهد لنفسه الكلام مع ربه بأن يقول لربه أنا لا استغني عنك وافتقر إليك وأنت الغني عني، أنا لا حيلة لي في أمري وأنت الملك القيوم الكبير المتعال.

إن فائدته لا تعود على الله بل الفائدة كل الفائدة هي للعبد ذاته الذي تُمهِّد له هذه الأدعية الدخول على ربه توقيرًا لعظمته بما يليق به (سبحانه).

فضل دعاء الاستفتاح

دعاء الاستفتاح سنة عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، وكان يداوم رسول الله على فعله، ورواه عنه جمع من الصحابة (رضي الله عنهم) مما دل على تأكيد فعله، وكثرة الروايات فيه تفيد تنوع الأدعية التي كان يدعو بها النبي في استفتاحه بما يفتح الله له.

والتمسك بفعل النبي (صلى الله عليه وسلم) هو الهدى والرشاد فقد قال الله (سبحانه): “قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ۚ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ.” سورة النور: 54

فشرط الهداية أن تطيع الرسول (صلى الله عليه وسلم) وتقتدي به، فالله (عز وجل) وجهنا للاقتداء بنبيه فقال: “لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا.” سورة الأحزاب: 21

لذا فكل فعل حرص عليه الرسول (صلى الله عليه وسلم) فيه فضل المتابعة للنبي، وزيادة عليه هناك فضل للذكر وفضل للدعاء في الصلاة وفضل لتهيئة المسلم قلبه للقاء ربه ليزيد خشوعه ويزيد إقباله على ربه ويستجمع عقله في القراءة والتدبر.

فعن عمار بن ياسر (رضي الله عنهما) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه و سلم) قال: “إن العبد ليصلي الصلاة لا يكتب له نصفها، ولا ثلثها ولا ربعها ولا خمسها ولا سدسها ولا عشرها”، وكان يقول: “إنما يكتب للعبد من صلاته ما عقل منها.” أخرجه الإمام أحمد بإسناد صحيح

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *