حواديت قبل النوم للعشاق

ibrahim ahmed
قصص
ibrahim ahmedتم التدقيق بواسطة: israa msry4 يوليو 2020آخر تحديث : منذ 4 سنوات

حواديت عن الحب
حواديت قبل النوم للعشاق

ينبغي أن ينعم المرء بقليل من السلام النفسي والدفء والود قبل نومه لكي يستطيع أن ينام نومًا هنيئًا ويستيقظ لليوم الجديد مستعدًا لاستقباله بفرح وتفاؤل، ووسائل تحقيق هذا السلام النفسي والدفء كثيرة؛ فمنها ما هو ثابت عند المسلمين مثل الأوردة وأذكار النوم وأذكار المساء وآية الكرسي، وهناك بالنسبة للأطفال علاوةً على هذه الأشياء قراءة بعض القصص، وبالنسبة للمتزوجين فقد تكون حواديت العشق من الوسائل التي تقوم بتحقيق هذه الرغبة.

حدوتة بعنوان: إلى الأبد

هل سيوفي بالعهود أم هل ستُنكث العهود! هل سيضرب بعهده لي عرض الحائط أم أنه سيحتفظ به في قلبه وسيكون وفيًا مُخلصًا لي! هذا ما سوف تعرفونه في قصتي مع زوجي سعيد.

لو تحدثت بكل حقيقةٍ وصراحة فلم أكن أحبه بل تزوجته رغمًا عني وبناءً على رغبة أبي، ولكن أبي كان يثق كثيرًا في أخلاقه ويرى لي مستقبلًا مُشرقًا مع شخص مثله، لم يكن أبي كاذبًا في هذا الشأن فهو يعمل عملًا جيدًا وحالتنا المادية كانت جيدة، كما أنه طيب حسن المعشر، ولأقول الحقيقة فقد أحببته حبًا كبيرًا لا أستطيع وصفه لكم عندما عايشته، وهو كان مُقدرًا لمشاعري إلى أقصى الحدود وحريصٌ عليها لذلك هذا من الأشياء التي زادت إعجابي وتعلقي به.

مرت الأيام  والسنوات وأنجبت له البنين والبنات، وكنت أحافظ على جمالي من أجله، وكان يقدر ذلك لي كثيرًا ويزيدني حبًا وتعلقًا، وفي فترة من الفترات شعرت بخفوت مشاعره تجاهي والحق أنني شعرت بالقلق حيال هذا الأمر، لكن عندما أخبرت صديقتي المُقربة عُلا أخبرتني أن هذا الأمر طبيعي في العلاقات الناجحة وأنها فقط مسألة وقت وسيعود أفضل من ذي قبل يكن لي المزيد والمزيد من الحب.

وثقت في كلامها حتى رأيته ذات يوم يخبرني بخبر وهو يداري وجهه: “عزيزتي.. سأضطر للسفر بغرض العمل لمدة قد تصل إلى ثلاثة أشهر”، استعجبت لهذا الأمر، كيف وهو لم يسافر ولا مرة في عمله! هل يضطره عمله الآن إلى السفر! أخبرني أن الأمر مفاجئ وأن أحد مديريه مريض وعليه أن يحل محله.

وعدني بأنه سيكون على اتصال دائم معي ومع الأولاد لحين رجوعه، وفي المطار أحسست بذبول في مشاعره تجاهنا أيضًا لكنني كنت لا أزال أعتقد أن هذا الأمر يعود لضغوطات العمل الكبيرة التي يقاسيها.

كان يُحدثني بين الحين والآخر ويطمئن على حالنا بفتور، وكنت أقضي طيلة الوقت أفكر في علاقتنا، أتذكر يوم كنت لا أطيقه ولا أحبه، يوم أرغمني والدي عليه إرغامًا، هل بهذه السهولة تتبدل الأحوال وأهيم به عشقًا! نعم بهذه السهولة، أتذكر يوم وعدني منذ عام بأنه سيبقى وفيًا لي ويُحبني إلى الأبد، فسألته هل لأبدك حدود فلم يفهم سؤالي وضحكنا حينها.

كنت أعد الأيام والأسابيع عدًا على أمل أن يأتي ذلك اليوم الذي يعود فيه إليّ، ولكني فوجئت به يُخبرني بأن المدة ستمتد، وعندما سألته إلى متى قال لي: “لا أعلم.. هذا عمل”.

قالها بلهجة آمرة شعرت بقسوتها داخل قلبي، صمت حينها وقُلت له أتمنى لك التوفيق في عملك يا زوجي العزيز، هل تعلمون كم فات على هذه الكلمة؟ مرّ عامٌ كامل وكأنه كان فقط يخترع الحجج ليهرب مني بعيدًا، فقدت الأمل في عودته وعلمت أن حبه من ناحيتي قد ذبل وأنا الذي حُبي قد نبت وترعرع وجذوره كانت ضاربة في أعماقي.

سألت بعض الأصدقاء المقربين عن زوجي في البلد الذي سافر فيه، وكان غرضي من هذا الأمر فقط هو معرفة حالته ووضعه الحقيقيين بلا كذب ولا خداع، وجاءتني الصدمة، وصلتني صورة له مع عائلته الجديدة، كانت عُلا صديقتي تسير إلى جانبه ومعهما طفلٌ صغير، وعلمت أنه في أول سفره قد قضى الثلاثة أشهر في التنزه مع زوجته الجديدة صديقتي العزيزة.

قررت أن أكلمه وأن أصارحه بأنني اكتشفت حقيقته ولمّا رد على هاتفي قُلت له: “مرحبًا يا زوجي.. أريد أن أسألك سؤالًا.. هل تذكر يوم أخبرتني ووعدتني أنك سوف تظل تُحبني إلى الأبد وسألتك هل لأبدك حدود؟ لعلك لم تفهم سؤالي لكني علمت أن حدود أبدك هذا قد انتهت يوم قررت السفر والزواج عليّ وقضاء شهر عسل مع زوجتك عُلا.. وداعًا” وهكذا أغلقت الهاتف وانتهت علاقتنا إلى الأبد.

حدوتة بعنوان: فارس الأحلام

حواديت عن العشاق
فارس الأحلام

هُناك فُرسانُ يُقاتلون ويحاربون، وهناك من يمتطون الخيل، أو يُمسكون الأقواس ليصوبوا بها قلوب الأعداء، أما فارس أحلامها هذا فقد كان مختلفًا كليًا بالطبع كان يمتطي حصانًا.. لكنه كان كذلك ليأخذها فوقه ويسير بها بعيدًا، وكان يُقاتل ويُحارب ليصل إلى قلبها ليس إلا وإن أمسك قوسًا فقد أمسك القوس ليُصيب به قلبها.. ليُصيبه بالحب.

ها أنذا أحكي لكم قصة هذه الفتاة مع فارس أحلامها الذي غزا منامها ورأته في واقعها حقيقيًا ملموسًا.. فترى ماذا فعلا عندما التقيا؟

اسمها صفاء، وقد حصلت في هيئتها على نصيبٍ وافرٍ من اسمها، ففي وجهها الصفاء فعلًا والسلام النفسي، قد انتهت من دراستها الجامعية منذ عدة أعوام، وهي الآن تعمل في إحدى الشركات الخاصة، لو أردت أن أحدثك عن حياتها فهي وحيدة أبويها، ولها الكثير من الصديقات، أما عن حالتها الاجتماعية فهي ليست متزوجة أو مخطوبة وهي من الفتيات اللاتي لا يُفكرن في الأمر ولا يُعرنه اهتمامًا، ويُحبون في حياتهم العمل والجِد والاجتهاد.

كان من أكثر الأمور غرابًة التي تحدث إلى صديقتنا صفاء أنها تُشاهد في حلمها شابًا غريب المنظر لا تعرفه، يمتلك قدرًا كبيرًا من الوسامة كما رأته، تشعر نحوه بانجذاب، وحوله هالةً من نور، يأخذها فوق حصانه ويظل يسير بها بعيدًا، كان هذا الحلم يتكرر بشكل كبير جدًا، كان ما يؤرقها أنه يتكرر في كل ليلة تقريبًا، وأنها لا تعرف من هذا الشخص الذي يظهر لها في أحلامها، وكانت تستعجب أن تحلم هي الصارمة الحازمة بمثل هذه الأحلام التي لا تحلم بها سوى الفتيات المُراهِقات.

وفي يومٍ من الأيام كان أبويها قد قررا السفر لقضاء عطلة قصيرة عند بعض أقربائهم في محافظة مجاورة، وبالطبع سافرت هي معهم، وكان لها الكثير من الفتيات اللاتي من نفس عمرها في المنزل الذي سوف تنزل إليه، فلم تشعر بوحشة أو غربة وكانت في غاية السعادة.

وذهبت مع واحدة منهم للتسوق وشراء بعض الحاجات الهامة، وفي أثناء تسوقهم لم تشعر سوى بصدمة كبيرة وارتجاج وعرفت أنها قد اصطدمت بأحد المارين، فالتفتت والغضب يكسو ملامح وجهها لتنظر إلى ذلك الأحمق -على حد تفكيرها- الذي اصطدم بها، فوجدته ذلك الشاب متوسط الطول الذي يقف هو الآخر في الناحية المُقابلة غاضبًا منها.

كانت على وشك توجيه كلمات الاعتراض له إلا أنها فوجئت بشكله ووجهه الذي بدا مألوفًا لها وكانت وكأنها تعرفه ورأته من قبل، صمتت قليلًا وتذكرت أن هذا هو ذلك الفارس الذي كان يُهاجم مخيلتها في أحلامها طيلة الأيام الماضية، لكم كان وقع المفاجأة عليها كبيرًا.

تحاملت على نفسها وقامت بتوبيخه وطلبت منه أن ينتبه أثناء سيره لأنه لا يسير وحده في هذا الشارع، وقام بدوره بتوجيه نفس التوبيخ واللوم عليها، وانتهى الأمر سريعًا في الظاهر، لكنه في الباطن وفي قلبها لم ينته بل بدأ فعليًا، كيف يظهر لها هذا الشاب ولماذا؟

كان أقرباءهم قد جهزوا جلسة عائلية جميلة في إحدى النوادي ليقضوا بها أمسيتهم، وذهبوا كلهم بعد صلاة العشاء، وكانت المفاجأة التي لم تكن في حسبانها أنها وجدته هو أيضًا هُناك، كان مع أسرته أيضًا. للصدف العجيبة تبادلت الأسر أطراف الحديث وتعارفا على بعضهما البعض، وتبادلت هي معه أطراف الحديث وتحدثا في كل ما يُمكن أن يتحدث عنه اثنان غريبان يشعران بتآلف غريب بينهم، كما أنه بادر بتقديم الاعتذار لها عمّا حدث في مركز التسوق.

ورحلت صفاء من هذا المكان وظل قلبها مُعلقًا بهذا الشاب، ولعله كان أيضًا كذلك؛ فقد شعر بوحشة غريبة بعد رحيلها وتسائل هل حقًا أحبها؟ ظلت هي طيلة الفترة التي تلت رجوعها من عند أقرباءها تفكر فيه تفكيرًا لا يتصوره أحد.

وتحولت من تلك الفتاة الجامدة الصارمة إلى واحدة مرهفة الحِس تُعاني مرارة العِشق، ولم يختلف عنها كثيرًا هو الذي كان يريد رؤيتها بأي شكل، وفي يومٍ من الأيام عرفت صفاء من والدتها أن والده قد تحدث إلى والدتها هاتفيًا وأعلمه بمجيئهم إلى منزل صفاء غدًا ليطلبوا خطبتها.

ما الذي نستفيده من القصة؟

إن هذه القصة ليست مجرد قصة مراهقين، ولكن تحمل في داخلها تنبيهًا وأمرًا هامًا يجب أن تعرفه كل الفتيات وكذلك أن يعرف الشُبّان أيضًا، وهو أن من أحب فتاة فعلًا فإن عليه كما يقولون: “دخول البيت من بابه” والسير في الإجراءات الرسمية لذلك كالخطوبة ثم الزواج.

أما غير ذلك فهو أمور متدنية أخلاقيًا ومُحرمة دينيًا وتحمل الكثير من التبعات السلبية لكلاهما وخصوصًا الفتاة، لأنها غالبًا ما تحدث الكثير من المشكلات والكثير من التجاوزات التي لم تكن في الحُسبان، ولعل القرآن الكريم قد وضح هذا في الآية الكريمة التي تقول: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ”.

فداكِ عيوني

حواديت عن الحب
فداكِ عيوني

إن مسألة الحب الحقيقي مسألة شائكة، فهي ليست بمجرد الكلام بل بالأفعال، يُمكنني أن أقول لك أنني أحبك طيلة اليوم، لكن كلامي هذا سيكون محض هراء وهباءً منثورًا بمجرد أن أُسيئ معاملتك أو أتركك في المحنة. والمُحب يُضحي لأجل من يحبه وعلى مقدار الحب تأتي التضحية، وصديقنا عبد العزيز في قصتنا هذه يضرب لنا مثلًا كبيرًا للتضحية لحبيبته وفاء فهيا بنا نعرف ماذا فعل.

يعملان سويًا في أحد المختبرات الكيميائية الخاصة بعمل التجارب وغيرها، كانا زميلين في الدراسة الجامعية، وصارا زميلين في العمل، بينهما مقدارٌ كبيرٌ من الاستلطاف الذي تحوّل تدريجيًا إلى حُب، ينتظر الوقت المناسب الذي يكون فيه مستعدًا للتقدم لها وطلب يدها، فأعباءه المادية كبيرة ولكن الحب أكبر من كل هذا وهو موقن بأنه سوف يصل إلى مبتغاه.

وفاء: تُحبه حبًا عظيمًا ولكنها تأبى أن تجود بمشاعرها له وهو لا يربطه بها أي رابط، وهو يُقدِّر لها هذا الأمر، ترفض كثيرين ممن يطلبون يدها لأنها تنتظر أن يأتي ذلك الوقت الذي يأتِ هو فيه لعله يكون قريبًا.

في يومٍ من الأيام استأذن عبد العزيز من المختبر وقال لمديره أنه مضطرٌ للذهاب لقضاء مهمة عاجلة في مدة لا تزيد عن الساعة، وأنه سيعود مجددًا. مرّ على وفاء وشدد عليها بضرورة البقاء في المختبر حتى يعود، أخبرها أنه يُريدها في أمر ضروري وهام.

في أثناء سيره في الطريق ظل سارحًا بتفكيره ويقول في نفسه: “ها قد حان الوقت يا وفاء لكي أخطو الخطوة الأولى، اليوم سوف أشتري لك الخاتم وأقدمه لك أمام جميع زملائنا في العمل، وعمّا قريب سوف نتزوج” وأكمل حديثه الصامت: “لا بُد أن وفاء سوف تكون سعيدة بهذا الأمر، أعلم كم تنتظر هذا اليوم”.

أما وفاء ففي أثناء عملها، حدث خطأ أثناء العمل نجم عنه فوران مادة كيميائية في هذا المختبر وصلت إلى وجهها وبالتحديد عينها، بدأت في الصراخ وتجمع الزملاء حولها ليرون ماذا حدث، حاولوا إنقاذ الموقف ولكن كان الأوان قد فات، فقدت وفاء قرنيتها.

صُدم عبد العزيز عند مجيئه وسماعه هذه الأخبار الأسيفة في يومٍ خطط له أن يكون من أسعد أيام حياته وحياتها، أهكذا يتحول بسهولة إلى أتعسها، هرع إلى المشفى ووضع في جيبه خاتم الخطوبة أو خاتم الأحلام البائدة.

لم يدخل عليها مباشرةً ولكن ذهب إلى الطبيب الذي كان صديقًا قديمًا له، وتسائل عن حالتها ووضعها، وعلم منه أن هناك إمكانية زرع قرنية في الوقت الحالي، وأن زراعتها الآن ستكون أفضل بكثير من زراعتها بعد فترة، ونصحه صديقه بالبحث عن قرنية من الآن.

لم يتردد عبد العزيز وقال لصديقه: “القرنية جاهزة يا صديقي جهز غرفة العمليات”، تعجب صديقه من ردة فعله ولكنه رضخ لرغبته لإصراره الشديد على ذلك، وفي غضون ساعات كانت التضحية العظيمة قد تمت وتبرّع عبد العزيز بقرنيته لحبيبته وزوجته المستقبلية دون تردد، ودون أن يعلم أحد ودون حتى أن تعلم هي.

وقد استيقظت من إغماءها ونومها العميق إثر البنج وتساءلت كيف وجدوا قرنية بهذه السرعة فلم يجبها أحد وطلبوا منها أن تحمد الله، ثم طلبت رؤية عبد العزيز الذي جاءها وعلى عينه اليمنى الشاش، أصابتها الصدمة من جديد وبدأت في البكاء، وقالت له: “أنت! أنت من فعلت هذا! لماذا؟ لماذا تفعل هذا بنفسك لأجلي؟”.

واستمرت في بكائها، غير أنه نظر لها بحنو وقال لها: “كنت أحبك من كل قلبي، والقلب إذا أحب أغدق العطاء، فما يُضير الجسد إذ استقر منه جزء تحت رغبة ما يهواه قلبي، إن عيني لم تذهب بعيدًا فقد ذهبت إليكِ ولعلي ائتمنك عليها أكثر مني”، وأخرج خاتمه وأخبرها أن هذه هي المفاجأة التي كان يحضرها لها، ضحكت واختلط فرحها بحزنها وقالت له بتضحيتك العظيمة تلك قد دفعت مهري، فهنيئًا لي أنه سوف يكون لي زوجًا مثلك.

ما الذي نستفيده من القصة؟

هل الحُب هو كل الأمور المادية؟ أم أنه أمور روحية آخرى تسمو فوق الرغبات الدنيوية؟ بالطبع هو الثانية، والشيء القائم على تلك الأمور المادية سواء كان حُبًا أو غير ذلك فهو زائل لا محالة لأن هذه الأمور المادية زائلة.

وتقدير هذا الشخص في القصة “عبد العزيز” للحب ولحبيبته جعله يُضحي دون تفكير بقرنيته مقابل الحفاظ على الفتاة التي أحبها قلبه، ولو أنه كان يرغب في الأمور المادية لعله فكر ألف مرة وقرر بعد ذلك الارتباط بواحدة أخرى، فما الذي يجبره على الارتباط بواحدة فقدت عينها؟

ولو تعلمون فإن هذه هي العلاقات التي يُمكننا أن نقول عليها أنها إنسانية فعلًا وهذه هي التي تبقى وتدوم وتُثمر.. أما غير ذلك فهباء، والتضحيات كثيرة ومتنوعة لا تقتصر على مجرد التبرع بقرنية أو بكلى أو غيرها ولكنها تشمل كل شيء في هذه الحياة، فقد تكون تضحيتك على سبيل المثال الصبر.

حدوتة بعنوان: الحُب الذي لم يصنع المستحيل

حواديت عن العشاق
الحُب الذي لم يصنع المستحيل

لم يكونا يتخيلان أنهما قد ينجذبان لبعض، فكيف يفعلان وهما أمام عيون بعضهم البعض طيلة الوقت، كان يراها وكأنها أخته، وكانت هي تفعل نفس الأمر، ولكن عندما كبرا تبدل الشعور ولكن لم يجرؤ أحدٍ منهم على البوح بما يجيش في داخله، حتى جاءت لحظات من الصراحة الخاطفة كشفوا فيها أمرهم لبعضهم البعض، وقرروا أن يتحدوا العالم والظروف وكل شيء، هيا معنا لنعرف ماذا فعل خالد ومي.

كان والده بقالًا في الشارع الذي تقع فيه فيلا والد مي، وكان دائمًا ما يرى مي ووالدها ووالدتها وهم يخرجون على مدار اليوم، فيؤدي لهم التحية رافعًا يديه، ويردانها له بابتسامة، وكان يرى تلك الفتاة الصغيرة التي تصغره بقليل.

كان يراها فيتمنى لو يلعب معها، كانت الأقدار تسري على صديقنا خالد بشيء من الألم فمات والده وتركه وحيدًا وهو الطفل الذي لم يتجاوز الثامنة، فماذا يفعل؟ هل يسلك طريقه إلى التشرد والضياع؟ كان على وشك أن يفعل ذلك رغمًا عنه ولكن والد مي رأف لحاله وقرر أن يقوم بتبنيه وأن يعهد بمحل البقالة إلى شخص آخر بالإيجار على أن يحفظ له أمواله حتى يكبر.

وكان خالد يعيش معهم وكأنه واحدًا منهم، والحق أن والد مي قد أحسن معاملته كثيرًا، وبعد مرور بضع سنوات كانت المعاملة في المنزل تسير على أساس أن خالد ومي إخوة وكانا كلاهما يتعاملان على هذا الأساس، حتى كبرا وصارا شابين يافعين، وتفجرت في داخلهم رغبات طبيعية أخرى.

وبدأ كُل منهما في التفكير في الجنس الآخر بطريقة تختلف عن السابق، فعجز كل واحدٍ منهم عن تحديد موقفه من الآخر، هل يتعاملان وكأنهما إخوة؟ على الرغم من أنهما يعرفان جيدًا أنهم ليسوا إخوة وأنهم يشعرون بودٍ غريب بينهم ومشاعر تكبر لا يعرفان كنهها.

حاول خالد أن يبعد هذا التفكير عن رأسه فسعى جاهدًا لمصادقة الكثير من الفتيات عسى أن يُحب واحدةً منهم على حد زعمه، إلا أن هذا لم يخرج تحت بند الفساد الأخلاقي الذي يغرق فيه الشباب، وذات يوم شاهدته مي وهو يُكلم واحدة من هؤلاء الفتيات فاشتاطت غضبًا وشعرت بالغيرة الشديدة نحوه.

وقد استغرب كثيرًا هذا الشعور فهو لم يتوقع أن تشعر بمثل هذا تجاهه، وهي نفسها قد ظلت تتساءل عن سبب تملك هذا الشعور منها، إلا أنها قالت له: “يجب أن أحافظ عليك، ألسنا إخوة!”.

وفي يومٍ ليس ببعيد، جلس كلاهما جلسة صمت، كان كل واحدٍ منهم يُضمر في داخله الكثير والكثير من الكلام الذي تم تقييده ولم يُرد أحد البوح به، ولكن فجأة صارح كل واحدٍ الآخر في حركة مُباغِتة بالحب نظرا لبعضهما وضحكا، ومنذ ذلك اليوم قد وعدها خالد بالزواج والتقدم لطلبها من والدها في أقرب وقت، وكان يعتقد أن والدها سوف يوافق بسهولة لأنه يعتبره ابنه ويثق فيه.

ولما جاء ذلك اليوم خابت آمال خالد حيث نظر له والدها نظرة فوقية (استعلاء) وقال له: “خالد! أنت ابني وأنا لم أعتقد أن تفكر مثل هذا التفكير، ألا تعتبرها أختك؟ وعلاوةً على هذا فهي كما تعلم تعيش في حالة مادية لن تستطيع أنت توفيرها لها، هل تريدني أن ألقي ببنتي إلى التهلكة؟”.

صدمت الكلمات خالد وتسائل هل يعتبره هذا الرجل الذي رباه منذ سنوات عديدة تهلكة لا يُريد أن يُلقي ابنته إليها؟ لم يُجب خالد على مي ولم يخبرها بما قاله والدها وإنما آثر الصمت وكلمات طفيفة مثل: “الله يسهل الحال، أمامي الكثير من الوقت لأكون نفسي”.

وفوجئ خالد ذات يوم بوالد مي يأتيه وقد انفرجت أساريره وقال له بسعادة: “خالد لقد وجدت لك حلًا، أنت تعلم أنني أثق بك كثيرًا، وقسوتي عليك من قبل كانت لأجل مصلحتك ومصلحة بنتي بالطبع ولكني لن أجد لمي أفضل منك”، فرح خالد بهذا الكلام كثيرًا ووجد والد مي يقول: “لقد وجدت لك عمل في شركة كبرى بإحدى الدول الأوروبية، ستسافر هناك بضعة أعوام لتجني ثروة تمكنك من القيام بمسؤوليات الزواج على أن تنتظرك مي حتى تعود، ولكن قبل كل شيء عليك أن تعطني كلمة شرف بأن أي اتصال بينك وبين مي لن يتم طيلة هذه الفترة”.

لم يجد خالد أمامه مفرًا من الموافقة، وهو الذي بدأ الإحباط يتسرب إلى داخله ولم يتوقع أن تواتيه فرصة كهذه، عمل في دولة أوروبية والزواج من حبيبته.

سافر خالد واستمر في عمله، كان مرور الأيام لا يُنسيه هدفه بل يزيده إصرارًا لتحقيقه وقد مرت خمس سنوات في عمله، وحين عاد قرر أن تكون مفاجأة لمي وعائلتها، ورحب به والدها في المنزل إلا أنه عندما سأل عن مي ظهر الأسى على والدها وأخبره بموتها منذ رحيله بشهور قليلة، كانت صدمة مدوية لم يصدقها خالد ولكن قضاء الله وقدره.

وبينما يسير في الطريق وجد أحد أصدقائه القدامى الذي كان يسكن في نفس الشارع، ولما طلب منه خالد أن يحكي له كل شيء بالتفصيل، صمت الشاب قليلًا وتعجب وقال له: “هذا هراء، مي تزوجت من واحد من أبناء صديق والدها وهي الآن لديها طفل”، وقف خالد متسمرًا في مكانه يستعيد كل الذكريات وكل الأكاذيب وبدأت ملامح الخدعة تلوح له في الأفق بعد أن ضاع حلمه وضاع كل شيء.

حواديت قبل النوم للعشاق بالعامية

حواديت قبل النوم
حواديت قبل النوم للعشاق بالعامية

حدوتة بعنوان: نظرات من خلف زجاج الباص

ممكن تتخيلوا إن فيه حد ممكن يحب التاني بالنظرات بس؟ طب هوا الحُب إيه غير ارتياح ونظرات؟ طيب مش هنتكلم كتير في مقدمات تعالوا معانا نعرف إيه اللي حصل بسبب النظرات دي.

بروح شغلي كل يوم السابعة صباحًا، أنا شخص ملتزم جدًا بمواعيدي، مبحبش آخد أجازات وبحب شغلي، فتلاقيني ملتزم جدًا بيه، لذلك أنا بقالي أكتر من تلت شهور بشوف البنت دي، صعب أوصف جمالها، وصعب أوصف نظراتها لما شوفتها من كذا شهر لفتت نظري باعتبارها بنت جميلة عدت من جمبي وغضيت بصري بسرعة والموضوع خلص، لكن حسيت إنها بتبصلي بطريقة غريبة.

استغربت لكن سكتّ. المشكلة إنها مكنتش بتبصلي أنا لوحدي، لا بالعكس دي كانت بتبص لكل الناس بنفس الطريقة، “هيا دي عبيطة ولا إيه؟” قولت لنفسي كدة وحطيت جوا دماغي آلاف الشكوك المختلفة في سلامة عقل البنت وفي أخلاقياتها، لكن قولت لنفسي دي شكلها بنت محترمة وعندها أخلاق مش اللي في بالي لا.

المهم إن كل يوم كان بيتكرر بالظبط، واحدة بتركب نفس الأوتوبيس اللي بركب فيه أو أوتوبيس تاني بيمشي جمبنا برضوا وكانت بتبص من الشباك كمان، المهم إنها بتفضل توزع نظرات على كل الناس، حتى إنها كانت بتبصلي من الشباك لما كانت راكبة الأوتوبيس اللي جمبي، وكانت بتضحكلي.

مقدرتش أقاوم فضولي وقولت لنفسي لازم تكلمها، لكن خوفت من إنها تكسفني وخوفت من كذا حاجة تانية، قررت أخد رأي صديقي مسعد في الموضوع وقولتله: “مُسعد أنا واقع في مشكلة كبيرة، أنا مُعجب بواحدة وشكلي حبيتها، عايز أحاول أكلمها”، تاني يوم مسعد كان راكب معايا الأوتوبيس وعايز يشوفها وطلبت منه يقولي أعمل إيه في موقف زي دا.

مسعد شاف شكلها وانبهر، والمصيبة الكبيرة إنها ضحكتله، هيا بتضحك لكل الناس ولا إيه؟ فضلت تضحك لمسعد كتير لدرجة استفزتني وعشان أكون صريح حسيت بالغيرة، لكن خلاص قفلت الموضوع بالنسبالي، طلب مسعد مني إني أساعده بما إنها ضحكتله فهيا معجبة بيه طبعًا.

فضلنا إحنا الإتنين خايفين كل واحد فينا يروح يكلمها، ولما بنتشجع بتحصل حاجة بتشتتنا زي إنها بتكون قاعدة جمب واحدة من زمايلها، أو إن الأوتوبيس بيكون مليان، المهم إن حظنا كان وحش، ولحد ما جه اليوم الموعود وشوفناها قاعدة لوحدها فراح مسعد قعد جمبها، فضل يتكلم معاها شوية كُتار، وبعدها لقيته تلقائيًا بيطلب من الأوتوبيس ينزله.

توقعت إنها أحرجته وقالتله كلام زعله وخلاه يمشي، الفضول قتلني قولت لازم أكلمها، وأنا رايحلها لقيتها بتقوم وهيا قايمة بتلبس نضارة شمس سوداء، وماسكة عصاية في إيدها، وفيه زميلة ليها قامت مسكت إيدها بتساعدها إنها تتحرك، عرفت ليه مُسعد طلب من سواق الباص ينزله، عشان هيا طلعت كفيفة وإحنا كُنا عايشين في وهم.

الدروس المستفادة من القصة:

  • تُسلط القصة الضوء على الأوهام التي يعيش فيها الشباب حيث ينسجون من وحي خيالهم الكثير من القصص الخرافية المبنية أصلًا على أوهام وأشياء ليس لها وجود، ثم يُصدمون بالواقع الأليم.
  • وتُسلط الضوء أيضًا على مشكلة أخلاقية وهي المُغازلات والمُعاكسات في المواصلات العامة والتي تُعد من كُبرى مشكلات الأمة العربية والإسلامية.
  • على المرء أن يتعامل مع أي فتاة يقابلها في حياته على أنها أخته، أمه؛ وسيجد نفسه تلقائيًا يُحاول بشتى الطرق المُمكنة الحفاظ عليها وصونها، أما إذا تعامل معها غير ذلك فسيجد نفسه دون أن يدري يقترف الكثير من الأخطاء والسلوكيات السلبية.
  • على المرء أن يكون صلبًا قويًا تجاه الفتن، وهذه الصلابة تنشأ بالإيمان القوي وبخشية الله والتفكير به دومًا.

حدوتة بعنوان: غير صالحة للحب

حواديت عن العشاق
غير صالحة للحب

هوا الإنسان عبارة عن إيه؟ متستغربوش من السؤال، هوا مش سؤال عميق ولا حاجة بس يعني هل الإنسان شكل ومظهر، لبس جديد وساعة مثلًا، ولا طباع وسلوكيات، ولا روح، أكيد كل واحد بيقرأ كلامي دا عندوا مفهوم خاص بيه للإنسان، هتسمعوا النهاردة حكايتي واللي فيها اتغيرت طريقة تفكيري في البشر وفي الحياة كلها، واكتشفت إني عشت فترة طويلة من عمري وأنا بشوف الحياة من ناحية غلط، نسيت أقولكم: أنا اسمي إيمان.

ميعاد المُحاضرة الساعة 10 الصبح، لكن إيمان كانت بتصحى من الساعة 8 تقريبًا، مش عشان هي نشيطة مثلًا.. لأ، لكن عشان تلحق تجهز نفسها للكلية عارف إن دا ممكن تفتكره هبل، هوا فيه حد بيجهز نفسه في ساعتين؟ آه إيمان طول عمرها بتعمل كدة، ضعف الثقة بيعمل أكتر من كدة.

إيمان دلوقتي قاعدة على كرسي التسريحة، مفتوح قدامها كل أنواع المكياج اللي ممكن تخطر على بالك، بتحط في كل وشها، وتشيل المكياج لما تحس إنها كترت أو إن شكله مش حلو، وترجع تحطه تاني أو تخففه، وهكذا.

بعد ما بتخلص بتفضل تبص لنفسها في المراية وترجع تضيف وتعدل مكياح تاني، مفيش حاجة بتقومها من مكانها غير صوت والدتها وهي بتقولها: “يلا يا إيمان بسرعة عشان هتتأخري على ميعادك” بتقوم وهي عندها شك إن لسه شكلها مش جميل، وإن حاجات كتير ناقصاها، بتتعمد تلبس لبس ضيق، طرحة مش مظبوطة، كلها عوامل لفت أنظار.

بدأت حكاية إيمان من وهيا صغيرة، لما في مرة واحدة من قرايبها قالتلها: “إنتي مش حلوة ، شكلك وحش”، نقدر نقول الموضوع قلب بعُقدة، الأهل معرفوش يتعاملوا مع المشكلة لحد ما كانت دي النتيجة، إيمان كانت شايفة دايمًا إنها وحشة وكانت دايمًا بتفكر إنها مش هتتجوز عشان مفيش حد هياخد واحدة بشكلها ده.

حتى إنها كانت دايمًا بترفض التصوير، ولو حصل واتصورت فهيا بتظهر مهزوزة في الصورة، إيمان مكنتش وحشة بس هو ببساطة مفهوم الجمال بيختلف من شخص للتاني، ويبدو إن مفهوم الجمال اللي هيا فهمته كان غلط طبعًا.

خرجت إيمان من البيت وصوت والدتها بيرن: “إنتي كدة هتتأخري على المحاضرة”، وفضلت واقفة شوية بتفكر وقالت : “ياخوفي يا بنتي لحسن يتأخر هوا كمان”، طبعًا كانت بتتكلم عن قطر الزواج، لإن دي كانت مأساة والدة إيمان الكبيرة، كانت شايفة إن بنتها في مشكلة كبيرة وهيا عدم ثقتها بنفسها وعدم تقديرها لشخصيتها، ومقدرتش تنكر إن بنتها لو هتقارنها بباقي البنات فهيا عندها نصيب متواضع شوية من الجمال، التفكير دا كان بيعذبها.

وهي في طريقها للكلية خطر على بالها واحدة من أكثر الذكريات المؤلمة بالنسبالها؛ أخوها أيمن، المفارقة العجيبة إن شكل إيمان شبه شكل والدها حقيقي الشبه بينهم كبير، لكن أيمن كان شكله شبه والدته وكأن الآية معكوسة زي ما بيقولوا، طبعًا دي مكنتش مجرد أفكار داخل العقل، لكن برضوا كانت تعليقات سخيفة بيقولها قرايبهم من وهما لسه أطفال، التعليقات دي كان ليها دور كبير في تقليل ثقة إيمان في نفسها وإنها تبقى بالشكل الحالي.

منقدرش ننكر إن إيمان قلبها كان قرّب ينبض بحب أكتر من مرة، لكن هي كانت دايمًا بتقتل أي محاولة لكدة، كانت بتقولها لنفسها بكل صراحة: “أنا غير صالحة للحب، مش متاحة للعلاقات الإنسانية”، طبعًا كلامها كان غلط وكان مُخالف أصلًا للفطرة البشرية لكن إزاي كنا نقدر نقولها؟ إزاي كانت هتفهم؟

المهم إن السبب في كدة كان واحد معاها في نفس دُفعتها في الكلية إسمه شريف، لأكتر من مرة تحس إن شريف بيكنّ ليها مشاعر حُب جواه، لكن مش قادر يطلعها لإنها دايمًا كانت بتصده، في مرة من المرات بنت من زميلاتها في الكلية علقت ليها تعليق سخيف على المكياج اللي حاطاه قُدام الدفعة، فإيمان مقدرتش ترد الرد المُناسب وراحت لمكان بعيد وفضلت تعيط.

بالصدفة كان هوا معدي ولمّا شافها بتعيط فضل واقف ومتحركش من مكانه غير لما عرف سبب المشكلة، وراح بنفسه وهزق البنت دي علشانها، كان بيعمل أكتر من حاجة بتثبت إنه فعلًا بيحبها، لحد ما في مرة حاول يفتح معاها كلام فقالها: “إنتي ليه مش بتتعاملي مع الناس كتير، مش بتقعدي معاهم؟”

ردت وكان على وشها ضحكة سخرية من القدر: “أنا واحدة غير صالحة للعلاقات الإنسانية”، صدمت الإجابة شريف وعمل كل اللي في وسعه عشان يغيّر لها طريقة تفكيرها، وبالتدريج بدأت تقتنع ببعض كلامه، بدأ يكلمها عن قيمة الإنسان الروحية، عن شخصه وذاته، وكان دايمًا بيقولها إن الحاجات دي بتعلو فوق كل حاجة تانية.

فكرت إيمان لفترة طويلة، هوا ممكن يكون كدة فعلًا! هي دايمًا كان عندها خوف من الخطوة دي، وكانت بتبصلها كإنها حلم بعيد، طيب دلوقتي وهي حاسة إن الحلم قرب يتحقق، إزاي تزيحه بعيد عنها.

الخوف بيعمل أكتر من كدة، لكن هي المرة دي قررت إنها متخليش الخوف يسيطر عليها تاني. القرار دا ظهر عليها بالتدريج، إزاي بقى؟ ظهر عليها من خلال تعاملاتها في الجامعة، تعاملاتها مع شريف نفسه، ثقتها زادت، مشيتها بقت تقيلة أكتر، حتى المكياج اللي كان بيتحط بطريقة مُبالغ فيها بطلت تحطه، لبسها اتظبط، وفي اليوم الموعود فاتحها شريف في الموضوع وقالها إنه عايز يقابل والدها ووالدتها.

مش محتاج أقولكم إن الموضوع تم بسرعة، إتخطبت إيمان لشريف، والدتها كانت هتطير من الفرحة، إيمان طارت فعلًا من الفرحة، مكنتش مصدقة إن الحاجة اللي كانت بتشوفها من بعيد على إنها حلم مش هتوصله طول حياتها أصبحت حقيقة ملموسة.

الدروس المستفادة:

  • المرء بحاجة إلى ثقة كبيرة بالنفس، ثقة في قدراته، في شكله وفي هيئته، هذه الأمور هي أساس وعماد الإنسان القويم، هذه الثقة تتولد منذ الصغر وينميها الوالدين، وعلى الأشخاص الذين يعانون من مشكلة انعدام الثقة أن يحاولوا اللجوء لمختصين نفسيين لمساعدتهم في ذلك، أو حتى أصدقاء قريبين، بالإضافة طبعًا إلى أن اكتشاف الإنسان لمهاراته ومواهبه من أكثر العوامل التي تزيد من الثقة بالنفس.
  • لا يجب أن يترك المرء نفسه عرضةً لكلمات الأقرباء والأصدقاء وغيرهم، وعليه أن يجعل كل شخص في دائرته يعرف حدوده جيدًا في الكلام فلا يتخطاها ولا يوجه له القبيح من الكلام أو ما نسميه نحن “قلة الذوق”.
  • الرضا بقضاء الله يأتي من ضمنه أيضًا تقبُّل النفس بكل ما فيها، فلا يجب أن يُسيطر وسواس القُبح على عقل الإنسان فيجعله حتى لا يطيق أن ينظر إلى نفسه أو إلى جزء معين في جسده، ذلك أن لله حكمة في خلقه وقد خلق الله في داخل كل شخص منا مزايا كثيرة فقط على المرء أن يبحث ويفتش عنها.
  • هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الآباء حيث يجب عليهم غرس الثقة في داخل أبناءهم غرسًا، لأنهم إن لم يفعلوا ذلك كَبُرَ أبناءهم فوجدوا أنفسهم مرتجفين خائفين من الناس والمجتمع والحياة وليس لديهم إيمان بقدراتهم ولا بأنفسهم ولا مقدرة على العيش في هذا العالم.

حدوتة بعنوان: بنت الذوات

حواديت عن الحب
بنت الذوات

الفقر مش فقر فلوس بس، مش فقر دهب وبيوت، ولا فقر هدوم غالية وساعات وعربيات، الفقر الحقيقي هوا فقر المشاعر، الفقر الحقيقي اللي بنبقى فيه معانا حاجات كتير لكن مش حاسين بقيمتها، فبتكون وكأنها مش موجودة، وأنا كان نصيبي من الفقر دا كبير، كنت معايا فلوس كتير، كل حاجة مادية معايا، لكن كل حاجة معنوية مش معايا.

هحكيلكم حكايتي: سمي ندى، والدي ووالدتي ميتين من زمن وسابولي ثروة كبيرة جدًا، الثروة دي تُقدر بملايين، لكن أنا مكنتش عارفة استمتع بيها إزاي، اتولدت في مكان واسع وكبير وفخم لكن فاضي، مكنش فيه غير الخدم والمُربيين وناس طمعانة فيا من كل مكان.

أول كلمة قالوهالي كل المُربيين بتوعي وأنا صغيرة: “خلي بالك، كل الناس اللي برا دي طمعانة فيكي”، مكنتش عارفة أعمل إيه لكن لقيت نفسي بكل تلقائية ببعد عن كل الناس، محبوسة في قصري وسط الخدم اللي عندي.

لحد ما جه يوم شوفت فيه ولد شاب بيبيع سمك، أكيد مدخلش الفيلا وفيه حرس وفيه خدم لكن صوته كان عالي جدًا، الصوت وصلي وأنا جوة البيت، حسيت نفسي عايزة آكل سمك، قولت لنفسي يلا نجرب حاجة جديدة، خرجت والخدم بيبصولي باستغراب شديد.

المُربية بتاعتي سيدة قالتلي: “إنتي إتجننتي! هتشتري سمك من برا، لو عايزة سمك نبعت نجيب ونعملك أفخم أكل”، أصريت على موقفي وقولتلها: “لأ.. أنا عايزة آكل سمك من الراجل دا”، فضلت ماشية في طريقي زي مانا، طلعت برا لقيت الحرس بيزعقوا في الولد اللي بيبيع وبيشتموه وبيطلبوا منه إنه يمشي من المكان، لإنه لو قعد من هنا لبكرا الصبح محدش في المكان هيشتري منه.

إتفاجئ الكل بصوتي وأنا بقوله: “إوزنلي كل السمك اللي معاك”، طبعًا محدش قدر يمنعني، لاحظت فرحة كبيرة على وش الشاب اللي في بداية يومه إستفتح بيا وباع كل اللي معاه، سبتله بقشيش ومشي وهوا مبسوط، عشان أكون صريحة حسيت في عنيه نظرات غريبة ليا، مش بس نظرات فرحة وإمتنان، كانت برضوا نظرات طمع، أكيد إنتوا عارفين إزاي الرجالة بتطمع في الستات الغنية والجميلة.

طبعًا كان الكل بيبصلي باستغراب، إزاي أصلًا هاكل كل الكمية دي لوحدي؟ وليه اشتريت كل دا؟ مش عارفة لكن حسيت إني محتاجة أفرح الناس، مادام أنا مش قادرة أفرح نفسي يبقا هفرح الناس، خليت الطباخين يعملوا الأكل كله، وطلبت منهم يحطوه في أكياس، وخرجت في الشارع ومشيت لبعيد، ووزعت منه على ناس كتير، حسيت بفرحة، وحسيت بفرحة أكتر لما شوفت بيّاع السمك اللي باعهولي، عزمت عليه إنه ياخد ورفض لكني أصريت وهوا ابتسم بخجل.

بدأت أتمرد على القواعد اللي معرفش مين حطهالي لكني طلعت لقيتها، بقيت أطلع الشارع، أتمشى وسط الناس، كنت بشوف المخطوبين والمتجوزين وهما ماشيين وبقول لنفسي: “امتى هبقى زي دول؟”، خدتني رجلي إن أقعد عالكورنيش شوية، فضلت قاعدة لحد ما لاحظت شاب بيبصلي بفضول.

حسيت بالخوف شوية لكن منظره مكنش يخوف وكان بيوحي إنه شخص مؤدب ومحترم، قرّب مني وطلب إنه يقعد معايا، مردتش عليه بصوتي لكن بإشارة نعم من وشي قعد، وبدأ يتكلم: “إسمي زين، مهندس كهرباء” سكتّ شوية ورديت عليه: “غادة، بدرس إقتصاد وعلوم سياسية”.

من هنا نشأت الصداقة بيني وبينه، مكنش يعرف عني أي حاجة، مكنش يعرف إني غنية، كانت كل علاقته بيا إننا بنتقابل على الكورنيش كل يوم تقريبًا الساعة 7، بنتكلم في كل حاجة، الأدب والسينما والحياة والجواز والمجتمع وحتى السياسة، لحد ما في مرة سألني أهلك بيشتغلوا إيه؟ قولتله إن أهلي متوفيين من وأنا صغيرة وإني عايشة لوحدي في شارع كذا.

فكر شوية وقالي: “الشارع دا أنا عارفه.. دا شارع المليونيرات، كله فلل وناس ولاد ذوات”، قولتله: “أنا واحدة من ولاد الذوات دول” وسبته ومشيت.

حكيت للدادة الموجودة في البيت وهيا اللي ربتني من وأنا صغيرة، قالتلي وكأنها متأكدة وعارفة كل حاجة: “الولد دا هيفكر يقرّب منك أكتر عشان طمعان في فلوسك”، قولتلها إني بالطريقة دي بحكم على نفسي بالعزلة وإني أعيش وأموت وحيدة، قالتلي: “دي أوهام وإن ابن الحلال المليونير اللي زيي هيجي وهوا اللي هيبقا مش طمعان في فلوسي”.

المهم إن مع الوقت بدأت بسبب تأثير كلام الدادة عليا إني مروحش أقعد عالكورنيش تاني، وقللت اختلاطي بزين نهائي، هوا حس إني بعمل كدة فهوا التاني قلل إختلاطه بيا، وكأنه محبش يفرض نفسه عليا، لحد ما عدت يمكن سنة مكناش اتقابلنا نهائي.

وزي ما قالت الدادة جه ابن الحلال المليونير قريبنا من بعيد، لكن رغم إنه كان مليونير هوا كمان كان طمعان في فلوسي عشان يزود ثروته، إتجوزنا جواز المصلحة أو سميه زي ما تسميه، كأننا مكعبات مش لايقين على بعض لكن اتحطينا مع بعض بطريقة غلط برضه.

مشاكل مبتخلصش، اكتشفت إني عايشة مع شخص حوت، بيحاول بكل طريقة إنه يبلع كل ثروتي، أكتر من مرة لحظة عصبية يقولي إنه متجوزني عشان سبب واحد بس وهوا فلوسي، مستحملتش أعيش معاه أكتر من كدة واتطلقنا، وأديني بروح كل يوم على الكورنيش من الساعة سبعة وساعات ستة بستنى أشوف زين تاني يمكن يكون مش طمعان فيا، تفتكروا هوا بطل يجي ليه؟

الدروس المستفادة:

  • الشخص الفقير المُعدم قد لا يكون فقير من الناحية المادية فقط، ولكن من الناحية المعنوية والشعورية والروحية، ففي داخله خواء، لا يوجد حب أو ود، وهذا الفقر في رأي البعض أمر وأدهى.
  • ينبغي على الإنسان ألا يبقى في معزل عن الناس حتى لو كانوا أشرارًا بل عليه أن يدخل بينهم وأن يعرف كيف يستطيع التعامل معهم.
  • الشخص الطمّاع الشجع سوف يكون كذلك سواء كان يمتلك جنيهًا أو مليون جنيهًا، والشخص القنوع كذلك، لأن هذه الأمور لا تتعلق بما يمتلك المرء من ماديات لكن بما يتحلى به في داخله من صفات ومبادئ.
  • على الإنسان أن ينشر الفرحة بين الناس، لأنه يُثاب عليها ثوابًا كبيرًا عند الله (عز وجل)، ولأنها تقوم بترقيق القلوب وتحفيز الإنسانية داخل المرء، وتعوِّد المرء على حب الغير وليس الأنانية.
  • النظرة الفوقية للأغنياء تجاه الفقراء تدمر المجتمعات وتوّلد نوعًا من الحقد المجتمعي.

حدوتة بعنوان: الاهتمام الذي جاء متأخرًا

حواديت عن الحب
الاهتمام الذي جاء متأخرًا

بيقولوا إن الاهتمام مبيتطلبش، لكن أنا عشت عمري كله بطلب الاهتمام من زوجي، اللي كان زي ما بنقول كدة “راكنّي على الرف”، وكان هوا بيستهتر بطلبي ده، لحد ما حصل اللي حصل، وأصبح مهتم بيا بجد، لكن أنا لسه مش عارفة وشكلي مش هعرف إذا كان مهتم بيا بمزاجه ولا غصب عنه لكن أنا لقيت حل، هحكيلكم حكايتي كلها وإنتوا بنفسكم اللي هتحددوا وهتعرفوا.

اتجوزنا من حوالي خمس سنين، قصة حب قوية، وعود بالبقاء وإن حُبنا مش بينتهي لأ دا بيبدأ، ولكن بعد أول سنة من الجواز، وحسيت إن كل حاجة اتغيرت، فتور في علاقتنا كلها، الحُب اللي كان موجود راح، ساعتها بدأ الوسواس يدخل عقلي: “هوا ممكن ميكونش فيه حُب أصلًا؟”.

طبعًا بدأت أدور على التانية، ماهو مادام الأولى -أنا يعني- مبقتش على مزاجه يبقا أكيد فيه تانية، التانية دي بقا اكتشفت إنها مش موجودة… وهم. وأحيانًا نزوة إعجاب مش أكتر، عرفت إن جوزي كان بيحس بالذنب ناحيتي لكن في نفس الوقت مكنش بيفكر يقرّب مني.

أكتر من مرة أسأله: “طارق إنتا زعلان مني في حاجة؟” كان بيقول بكل براءة: “أزعل من إيه؟” وأسئلة زي كدة كتير كانت بيترد عليها نفس الردود، محاولات الخروج والضحك كل حاجة مأخدتش مجراها الصحيح.

الأحداث جرت بسرعة لكن في يوم خبطتني عربية وللأسف الشديد رجلي اتقطعت وبقيت عاجزة، متستغربوش، أنا بكتبلكم الكلام ده وأنا قاعدة على الكرسي أبو عجل، من يومها شوفت اهتمام مُختلف، كل حاجة رجعت تاني زي الأول إلا رجلي فضلت مقطوعة، حسيت بالندم الشديد على عينيه، أكتر من مرة كنت بنهار وبلومه بقوله “لو كنت عملت كدة لما كانت رجلي سليمة”، كان ندمه بيزيد وأحيانًا بيبكي، حتى الخروجات مكنش بيفوت يوم غير لما نخرج تخيلوا.

عشت فترة طويلة من حياتي متعذبة، من زعلي على نفسي، ومن إحساسي بالمهانة إنه بيعمل كدة عشان بيشفق عليا مش عشان بيحبني، ومن حاجات تانية كتير في بعض، لكن مكنش قدامي غير إني أقبل بالأمر الواقع، ومع عشرة سنين بعد الحادثة اقتنعت إن طارق كان عنده حالة فتور وزهق من الحياة في فترة، وهوا دلوقتي بيهتم بيا وبيحبني بس للأسف الاهتمام جه متأخر شوية، لكن المهم إنه جه.

الدروس المستفادة:

  • بين الأزواج هناك فتور قد يعتري العلاقة في فترات كثيرة، يجب عليهم -كلاهما- أن يتحدثا ويحاولا التخلص من هذا الفتور في أقرب وقت، ومن الأسباب الخاصة به تراكم المشكلات والهموم، أو إهمال الشخص لنفسه مثلًا.
  • حاول انتهاز كل دقيقة وكل لحظة في حياتك -على شرط طبعًا ألّا تُغضِب الله- لأن الدقيقة لن تتكرر، وقد تحدث أمور تُنهي الماضي وتمحوه بممحاة فتقعد نادمًا على ما فاتك.
  • لا تكن أنانيًا في العلاقات الإنسانية المشتركة وفكّر في الآخرين.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *