ما هي أركان الإيمان بالتفصيل؟ وكيف نعلمها للطفل الصغير؟

يحيى البوليني
2020-03-29T00:45:26+02:00
اسلاميات
يحيى البولينيتم التدقيق بواسطة: مصطفي شعبان27 مارس 2020آخر تحديث : منذ 4 سنوات

أركان الإيمان
ما هي أركان الإيمان؟

بداية الركن هو الجانب أو هو العامود الذي يستند إلى الشئ, وبدونه يميل ويتهاوى، كما قال لوط -عليه السلام- فيما جاء في القرآن الكريم: “قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ” (سورة هود 80)، أي انه يستند إلى ركن شديد وهو الله -سبحانه وتعالى- وبدونه يسقط ويتهاوى.

ما هو تعريف الإيمان؟ 

الإيمان بالشئ أي التصديق به واليقين الجازم بوجوده، ولا يكون الإيمان إلا بشئ غيبي لأن تصديق ما يراه الإنسان هو أمر طبيعي، ولكن الإيمان بشئ غيبي لا يُرى بالأعين هو الذي يتفاضل به الناس.

والإيمان بالشئ الغيبي يكون عن ثقة في الناقل للخبر وصدقه، فكلما زادت الثقة في الناقل كلما زاد الإيمان والتصديق بما يقول حتى لو كان مخالفًا لكل القوانين.

ولنا المَثل في أبي بكر الصديق حين جاءه المشركون ينقلون إليه ما يقوله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حول ذهابه إلى بيت المقدس وعودته في نفس الليلة وهم يضربون إليها أكباد الإبل شهرًا ذهابًا وشهرًا إيابًا، فقال لهم كلمته التي صارت قاعدة في الإيمان والتصديق: “إن كان قال فقد صدق”، وذلك لأن العقبة الوحيدة هي الاطمئنان أنه قال، فإذا تيقنت أنه صلى الله عليه وسلم  قال فأنا أصدقه لأنه لا يكذب وأنا أؤمن بما يقول إيمانًا جازمًا.

ما هي أركان الإيمان؟

أركان الإيمان ستة ولا يصح الإيمان بدونها وإذا لم يؤمن الإنسان بها كلها مجتمعة فقد خرج من الدين، وقد جمعها الله في آية واحدة كريمة من آيات القرآن الكريم فقال سبحانه:
“آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ”، (البقرة 285). وهنا أخبرنا ربنا -جل وعلا- أنهم خمسة وزادهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  إلى ستة.

أركان الإيمان للأطفال

يجب أن يعلم الأطفال أركان الإيمان الستة لسهولة حفظهم ويكفي أن يحفظوا هذا الجزء من الحديث الشريف: “أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره”؛ حتى يسهل حفظها وتعلمها، لما لها من أثر طيب في حياتهم وحياة الجميع.

ومن الضروري أن يُربى فيهم اليقين بأن الله يراهم ومُطلع عليهم، فالأب تخفى عليه أشياء ولكن الله لا يخفى عليه شئ، ويُربى فيهم أن الملائكة معهم وهناك ملكان معهما.

ويُربى فيهم حب الرسول -صلى الله عليه وسلم- وينبغي تعريفهم سيرته أو على الأقل بعض منها، وينبغي تعريفهم الإيمان بالكتب السماوية ولو مجرد أسمائها، وتعريفهم أن هناك يومًا سيجمعنا الله فيه، وأن كل شئ مقدر عند الله ومكتوب.

اركان الايمان
أركان الإيمان للطفل

حديث أركان الإيمان

ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أركان الإيمان في حديث جبريل -عليه السلام- حين نزل في هيئة بشر ليعلم الصحابة والمسلمين من بعدهم أمور دينهم،
فيقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “بَيْنَما نَحْنُ جُلْوسٌ عِنْدَ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَياضِ الثِّيَاِب شَديدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لا يُرَى عليه أَثَرُ السَّفَرِ ولا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتى جَلَسَ إلى النَّبِّي صلى الله عليه وسلم، فأسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إلى رُكْبَتَيْهِ ووَضَعَ كَفَّيْهِ على فَخِذَيْهِ، وقال: يا محمَّدُ أَخْبرني عَن الإسلامِ، فقالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: الإسلامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إلهَ إلا اللهُ وأَنَّ محمِّدًا رسولُ الله، وتُقِيمَ الصَّلاةَ، وتُؤتيَ الزَّكاةَ، وتَصُومَ رَمَضان، وتَحُجَّ الْبَيْتَ إن اسْتَطَعتَ إليه سَبيلًا. قالَ صَدَقْتَ. فَعَجِبْنا لهُ يَسْأَلُهُ ويُصَدِّقُهُ، قال: فَأَخْبرني عن الإِيمان، قال: أَن تُؤمِنَ باللهِ، وملائِكَتِهِ وكُتُبِهِ، ورسُلِهِ، واليَوْمِ الآخِرِ، وتُؤمِنَ بالْقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ، قال: صدقت؛ قال: فأخْبرني عَنِ الإحْسانِ. قال: أنْ تَعْبُدَ الله كَأَنَّكَ تَرَاهُ فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّهُ يَرَاك، قال: فأَخبرني عَنِ السَّاعةِ، قال: ما المَسْؤولُ عنها بأَعْلَمَ من السَّائِلِ، قال: فأخبرني عَنْ أَمَارَتِها، قال: أن تَلِدَ الأمَةُ رَبَّتَها، وأَنْ تَرَى الحُفاةَ العُراةَ العالَةَ رِعاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُون في الْبُنْيانِ، ثُمَّ انْطَلَقَ، فَلَبثْتُ مَلِيًّا، ثُمَّ قال: يا عُمَرُ، أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟ قُلْتُ: اللهُ ورسُولُهُ أَعلَمُ، قال: فإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ”، رواه مسلم.

كم عدد أركان الإيمان؟ 

الأركان ستة كالتالي:

  1. الإيمان بالله
  2. الإيمان بالملائكة
  3. الإيمان بالكتب السماوية
  4. الإيمان بالرسل
  5. الإيمان باليوم الآخر
  6. الإيمان بالقدر

وسنتناولهم بالشرح المبسط بإذن الله.

شرح أركان الإيمان بالتفصيل

الركن الأول: الإيمان بالله

الله -عز وجل- لم يره أحد ولن يراه في الدنيا مخلوق، فحين سأل موسى -عليه السلام- ربه أن يراه قال له أن رؤيته في الدنيا محالة، فقال سبحانه: “وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ”، (الأعراف 143)، فالجبل بقوته وعظمته لم يتحمل فكيف لإنسان أن يستطيع رؤية ربه!

والإيمان بالله يشمل الإيمان بوجوده والإيمان بعلوه وقدرته على خلقه، والإيمان بغلبته وسلطانه فلا يصل إليه أحد من خلقه، والإيمان بحكمته التي يدبر بها الأمور، والإيمان بأنه الخالق لكل هذا الكون بكل ما فيه والإيمان بعلمه لكافة تفاصيل هذا الكون فما من دابة إلا ويعلمها الله.

الإيمان بأنه الرازق لكل دابة على الأرض على ظهرها وفي باطنها وفي جوها، والإيمان بالله مدبرًا لهذا الكون فلا يحدث شئ إلا بعلمه وبإذنه، والإيمان بأنه الذي يحيينا ويميتنا، والإيمان بأنه الذي سيحاسبنا على أعمالنا يوم القيامة والإيمان بأنه سيدخل الطائعين جنته ويدخل العصاة ناره.

الإيمان بأنه يفعل ما يريد ولا يستعصى عليه شيء، وأنه لا يُسأل عما يفعل وأنه يسأل الخلق كلهم أجمعين، والإيمان بأنه أكبر من كل شيء وأعظم من كل مخلوق فهو الخالق جل في علاه.

ولا يكفي الإيمان بكل هذا، فكان مشركو مكة يعرفون كل هذه الصفات له ولكنهم توقفوا عند نقطة هامة أنهم يعبدون معه آلهة أخرى، فيجب الإيمان بالله معبودًا فلا معبود بحق سواه، فيجب أن تُصرف العبادة له وحده دون غيره، فالصلاة له والعبادات كلها له ومن أشرك معه شريكًا في أي عمل فالله أغنى الشركاء عن الشرك فيترك الله هذا العمل للشريك، فلا يقبل من الأعمال إلا أصوبها وأخلصها.

فقال سبحانه: “قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا”، (الكهف 110).

الركن الثاني: الإيمان بالملائكة

والملائكة غيب ولم نرهم ولكن الأنبياء يرونهم، وإذا تجسدوا كما في حديث جبريل يراهم الناس ولا يعرفونهم إلا بإرشاد وتعليم من النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأنت حين تقرأ هذه الكلمات يجلس عن يمينك ويسارك ملكان يكتبان كل ما تقول وتفعل.

للملائكة وظائف يؤدونها، فمنهم من خُلِق للعبادة فقط، ومنهم من يُكلف بأعمال في حياة الإنسان كملك الموت، وإسرافيل نافخ الصور، وميكائيل المكلف بتوزيع الأرزاق، وجبريل أمين الوحي إلى الأنبياء، ومالك خازن النار، ورضوان خازن الجنة، وملائكة تحمل العرش، وملائكة معقبات يتعاقبون في بني آدم ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر ليتسلم بعضهم من بعض، وغيرهم الكثير والكثير.

فلا يوجد في السماء موضع أربعة أصابع إلا وفيه ملك يتعبد لله، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطت السماء وحق لها أن تئط، والذي نفسي بيده ما فيها موضع أربعة أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدًا لله..” (رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه).

والإيمان بالملائكة واجب ومن أنكر الإيمان بهم أو بواحد منهم لم يُقبل منه هذا الإيمان ولم يعد مسلمًا.

 الركن الثالث: الإيمان بالكتب السماوية

الإيمان بأن الله أرسل للبشر رسلًا ورسالة، فالرسالة هي الكتب السماوية، فيؤمن الإنسان بها بوجودها وبأنها جميعًا من عند الله.

فإبراهيم -عليه السلام- نزلت عليه الصحف، فقال سبحانه: “إِنَّ هَٰذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ* صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ” (الأعلى 18- 19)، وأنزل مع موسى -عليه السلام- التوراة، وعلى داود -عليه السلام- الزبور، وعلى عيسى -عليه الصلاة والسلام- الإنجيل، وعلى محمد -صلى الله عليه وسلم-  القرآن الكريم.

والكتب السماوية كتب هداية ورشاد فلا فلاح إلا بها، ولا دلالة على الخير إلا عن طريقها، فيجب الإيمان بها كلها أنها من عند الله ولا نشكك في أصلها.

فقال سبحانه: “وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ ۚ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۖ وَمِنْ هَٰؤُلَاءِ مَن يُؤْمِنُ بِهِ ۚ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ”، (العنكبوت 47)، وقال سبحانه: “كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ”، (سورة ص 29).

أركان الإيمان بالترتيب
أركان الإيمان الستة

الركن الرابع: الإيمان بالرسل

الإيمان بالرسل الذين أرسلهم الله ليبلغوا رسالته لخلقه وينذرونهم لقاء ربهم، اصطفاهم واختارهم من خيرة خلقه، “اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ”، (الحج 75)، وكلفهم بتحمل مشاق تبليغ الرسالة، فمنهم من عُذِب، ومنهم من قُتِل، ومنهم طورد، وما بدلوا وما فرطوا حتى لقوا ربهم.

وبدأ الأنبياء بآدم -عليه السلام- فكان نبيًا وهو أبو البشر وخُتموا بمحمد -صلى الله عليه وسلم- صفوة خلق الله. أرسل الله كل نبي ورسول إلى قومه خاصة، ولكن أرسل رسوله محمدًا إلى الناس كافة.

والرسول أخص من النبي، فالرسول يجمع النبوة والرسالة معًا، ولذا فعدد الرسل أقل من عدد الأنبياء، فعدد الرسل كما أخبر النبي الكريم أبا ذر -رضي الله عنه- عندما سأله وقال: “قلت يا رسول الله، كم المرسلون؟” قال: “ثلاثمائة وبضعة عشر‏‏، جمًا غفيرًا” (رواه الإمام أحمد)، وأما عن عدد الأنبياء فأجاب النبي أبا ذر على سؤاله: “قلت يا رسول الله: كم وفاء عدة الأنبياء ؟ قال: مائة ‏ألف، وأربعة وعشرون ألفا” (رواه الإمام أحمد).

أما الرسل والأنبياء الذين ذُكروا في القرآن الكريم فعددهم خمسة وعشرون نبيًا ورسولًا، ذكر منهم في سورة الأنعام ‏ثمانية عشر في قوله تعالى:
“وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا ۚ وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86)”، (الأنعام: 83-86)،
والباقون في سور متفرقة، وهم: آدم وهود وصالح وشعيب ‏وإدريس وذو الكفل وخاتمهم محمد صلى الله عليهم أجمعين.

والإيمان بالرسل جميعًا من عرفنا منهم ومن لم نعرف ركن من أركان الإيمان لا يتم إيمان المسلم إلا به، ونؤمن بأنهم معصومون من الخطأ في الرسالة فلم يكتموا شيئًا مما عهد الله إليهم أن يبلغوه، وأيضًا معصومون من الوقوع في الكبائر سواء قبل البعثة أو بعدها، أما الصغائر فاتفق العلماء أنهم غير معصومين من الوقوع في الهنات الصغيرة لكنهم لا يقرونها ولا يقرهم الله عليها فيتوبون منها سريعًا.

الركن الخامس: الإيمان باليوم الآخر

الإيمان بأنه هناك يوم قادم لا محالة، سيجمع الله فيه الأولين والآخرين، ليحاسبهم على أعمالهم، فيجزي الذين أحسنوا بالجنة ويجزي الذين أساءوا بالنار، إلا من عفا الله عنهم.

الإيمان بوجود هذا اليوم هو سبيل الرحمة للمؤمنين حين يتيقنون من أن لكل شيء حساب، فلا الحسن يضيع ولا السئ وكل شئ مكتوب ومسجل عند الله، فيطمئن المؤمن إلى أن حقه سوف يعود إليه، وأن الظالم المجرم سوف ينال عقابه، وسيقتص الله لكل مظلوم ممن ظلمه، حتى البهائم يحشرون ويحاسبون ويقتص الله منهم ليؤدي للمظلوم حقه من الظالم.

والإيمان باليوم الآخر يبدأ من لحظة الموت فيؤمن بما بعد الموت والحياة في القبر المسماة بحياة البرزخ، وبنعيم القبر وعذابه، والحشر والنشور والميزان وتطاير الصحف والصراط وغيرها من مراحل القيامة.

والإيمان باليوم الآخر ركن من أركان الإيمان الستة ولا يصح إيمان مسلم إلا بالاعتقاد اليقيني بوقوعه وأنه قادم لا محالة.

الركن السادس: الإيمان بالقدر

الإيمان بالقدر أن تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وان ما أخطأك لم يكن ليصيبك، كل شئ مقدر عند الله سبحانه في علمه الأزلي.

قال عز وجل: “وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ” (الأنعام 59).

وقال سبحانه: “مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ”، (الحديد 22).

فكل شئ مُسطر عنده، ولهذا وضحه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: “إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلماتٍ: بكَتْبِ رزقه وأجله وعمله، وشقي أو سعيدٌ، فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراعٌ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراعٌ، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها”، (رواه البخاري ومسلم).

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *